Author

الغبار .. ما له وما عليه

|
يجتاح الغبار بين الفينة والأخرى كثيرا من مناطق العالم، خاصة المناطق الصحراوية الجافة. يعرف الغبار علميا بأنه عبارة عن جزيئات التربة الموجودة في الغلاف الجوي، وقد رفعت وتحركت بفعل عوامل الطقس المختلفة مثل الرياح أو الانفجارات البركانية، التي يقل قطرها عن 50 ميكرومترا. تختلف هبات الغبار بين عام وآخر فمثلا كان معدل أيام الغبار في المملكة عام 2019 هو 25 يوما فقط، على حين سجل عام 2008 أعلى معدل أيام غبار مرت على المملكة أخيرا بعدد 84 يوما. وبجانب التأثير النفسي الذي يحدثه الغبار على كثير من الناس، فإن له أيضا تأثيرا في صحة الإنسان، خاصة من يعاني أمراض الجهاز التنفسي أو الحساسية، إذ تشير الإحصاءات إلى أن 40 في المائة من الناس يعانون الحساسية تجاه الغبار. ولذا تنصح الجهات الصحية العموم بالحرص على إغلاق الأبواب والنوافذ ولبس الكمامات حين الاضطرار للخروج وقت العواصف الغبارية، وأن يلتزم من يعاني مشكلات تنفسية بحمل بخاخ الربو الإسعافي، ولا شك أن للمحافظة على البيئة دورا كبيرا في الحد من الموجات الغبارية، إذ إن الغطاء النباتي يعد بمنزلة صمام الأمان في هذا الجانب. ويشعر الناس بالتفاؤل عما تتضمنه "رؤية 2030" من اهتمام بهذا الأمر. ومع ذلك كله فإن للغبار فوائد أشار ابن خلدون في مقدمته الشهيرة إلى بعضها، حيث قال، "إن الأرض بعد تقلب الفصول من فصل إلى فصل تبدأ بلفظ أمراض وحشرات لو تركت لأهلكت العالم فيرسل الله الغبار فتقوم هذه الأتربة والغبار بقتلها...". وقد رأينا بوضوح هذا العام كيف تمكن الغبار من القضاء على أسراب الجراد التي غزت بعض مناطق المملكة. تسهم موجات الغبار أيضا في تنقية الأجواء من الغازات المنبعثة من المدن الصناعية ومن عوادم السيارات، وله دور في تلقيح النباتات، "وأرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه..." الآية. كما يؤكد العلماء أن الغبار الذي يسقط مع الأمطار يعد سمادا مفيدا للنبات ومصدرا مهما لإمداد مياه المحيطات والبحار بعديد من المعادن المفيدة لتغذية الكائنات الحية الدقيقة والنباتات البحرية، كما تؤكد الدراسات أن الزيادة في نشاط الغبار تتسبب في هطول الأمطار ما يساعد على تجميع حبيبات الأتربة الطينية في المناطق المرتفعة وترسبها في المناطق المنخفضة فتزيد من خصوبة التربة.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها