Author

نمو متسارع وبيئة محفزة 

|

 
على الرغم من الأزمة الاقتصادية العالمية، التي أتت بها جائحة كورونا، أظهر الاقتصاد السعودي قوة في زمن هذه الأزمة لا تزال ماثلة على الساحة الدولية. ففي العام الماضي، الذي بات يطلق عليه "عام الجائحة"، حققت المملكة قفزات نوعية في مختلف المجالات، بما في ذلك على صعيد عملية تنفيذ رؤية المملكة 2030، التي أوجدت أدوات حقيقية ليس فقط لاستكمال "ورشة" البناء الاقتصادي فحسب، بل لمواجهة متطلبات واستحقاقات ومفاجآت مرحلة الأزمة الاقتصادية المشار إليها أيضا. ولأن الأمر كذلك، حافظت السعودية على مكانتها الائتمانية، ما عكس - على سبيل المثال - ارتفاعا في تدفق الاستثمارات الأجنبية إليها، فضلا عن سير المشاريع التنموية المختلفة في المسار المحدد لها.

أي أن الاقتصاد السعودي تمكن من التعاطي مع أزمة دولية لم تنته بعد، وستترك آثارا في المدى المتوسط على الساحة الدولية. شهدت بيئة الأعمال في المملكة انفتاحا اقتصاديا شاملا أدى إلى تحول كلي، ويظهر ذلك جليا في أحدث تقرير صدر عن مجموعة البنك الدولي حول التسهيلات المقدمة لممارسة أنشطة الأعمال، فقد تقدمت السعودية 30 مرتبة في تقديم هذه التسهيلات، في طفرة لم تشهدها أي دولة في العالم في هذا الوقت القصير. كما سجل الاستثمار الأجنبي المباشر في النصف الأول من عام 2020 زيادة بنسبة 8 في المائة مقارنة بعام 2019، ما يشير إلى زيادة ثقة المستثمرين في السوق السعودية، وتوفر بيئة مناخ الأعمال، وبالتالي التطلع إلى فرص استثمارية طويلة الأمد.

كما أن الموقع الجغرافي المتميز للسعودية وثرواتها النفطية والمعدنية الهائلة وسياساتها الاقتصادية المنفتحة وسوقها المحلية الكبيرة، إضافة إلى العدد المتزايد من مشاريع الخصخصة والحوافز الاستثمارية التي تطرحها الحكومة، تجعل منها أفضل موقع للاستثمار الأجنبي في منطقة الشرق الأوسط، وبورصة لجذب المستثمرين الأجانب من كل أنحاء العالم. وسعت المملكة إلى التغيير في حركتها الاقتصادية، من خلال التحول إلى منطقة جاذبة للاستثمار للاستفادة من إمكاناتها الاقتصادية وتميز موقعها، وتعمل على تحقيق نمو اقتصادي سريع ومستمر، وتوفير خدمات شاملة للمستثمرين، وتشجيع الاستثمار في قطاعات الطاقة والنقل والصناعات القائمة على المعرفة.

استنادا إلى هذه الحقائق على الساحة السعودية، كان طبيعيا تحسن مناخ الأعمال فيها بأسرع وتيرة في ثلاثة أشهر، ففي الشهر الماضي ارتفع عدد الموظفين في الشركات في مختلف القطاعات، وذلك لأول مرة منذ بداية العام الجاري، وهذه القفزة تعكس الحالة الاقتصادية الصحية في السعودية، والأهم مخرجات رؤية المملكة 2030، التي تضيف مزيدا من القوة والتمكين للاقتصاد الوطني في كل المجالات. لكن اللافت في هذا التحسن في مناخ الأعمال، النمو في القطاعات غير النفطية في المملكة، وهذا المحور يمثل الركيزة الأساسية في "رؤية المملكة"، التي تسعى إلى بناء اقتصاد وطني مستدام.

ومنذ خمسة أعوام، تتابعت سلسلة الارتفاعات في الميدان غير النفطي، سواء عبر شركاته المعروفة، أو تلك التي أسست بفعل الجو الاستثماري الصحي العام، فضلا عن العوائد الآتية من الخدمات المختلفة. في الشهر الماضي، ارتفع مؤشر مديري المشتريات في المملكة إلى 55.2 نقطة مرتفعا من 53.3 نقطة عن الشهر الثالث من هذا العام. والمثير في الأمر، أن العلامة 50 في هذا المؤشر هي الحد الفاصل بين النمو والانكماش، أي أن الاقتصاد السعودي تمكن في فترة ليست طويلة من تجاوز الانكماش العابر بفعل جائحة كورونا.

يأتي هذا في وقت حققت فيه السعودية قفزات نوعية أيضا على صعيد معالجة هذه الجائحة على كل الأصعدة، ولا سيما الطبية منها. في هذه الأثناء، لا تزال هناك دول متقدمة تعاني الانكماش وإن تراجع مستواه في أعقاب انتشار اللقاحات ضد كوفيد - 19، دون أن ننسى، أن مرحلة التعافي لم تأت بعد في هذه الدول، وإن كانت قادرة على التعاطي مع الأعباء المالية التي تركها الوباء. الأجواء الاقتصادية السعودية، تؤكد يوما بعد يوم تسارع النمو في القطاع الخاص السعودي، ما عزز مستويات التوظيف في شركاته.

وهناك تفاوت بسيط في توقعات الشركات حول نمو الإنتاج، لكن هناك اتفاق كامل على أن هذا النمو سيحصل في غضون الأشهر القليلة المقبلة، مع بعض المخاوف من موجة جديدة لكوفيد - 19، لكن يبدو واضحا أن المملكة تسيطر على هذا الجانب منذ البداية، وإن كانت قيود السفر العالمية تنشر عقبات المسار نحو الوضع الاقتصادي الطبيعي. وفي كل الأحوال، تجري الأمور في المملكة وفق المخططات الموضوعة لها، سواء في زمن الأزمة أو خارجها، وهذه إحدى مكتسبات رؤية المملكة 2030، التي أسست بيئة اقتصادية صحية عالية الجودة في كل الأوقات.

إنشرها