حديث السوق .. دورة فائقة جديدة للسلع في الطريق

حديث السوق .. دورة فائقة جديدة للسلع في الطريق
يتوقع جولدمان ساكس ارتفاع السلع 13.5% خلال الأشهر الستة المقبلة.

بالنسبة لشركات النفط والتعدين الكبرى، عادت أوقات الطفرة. هذه هي الإشارة الصادرة عن النتائج الأخيرة للشركات وارتفاع أسعار أسهم القطاع.
كشفت بريتيش بتروليوم هذا الأسبوع عن مضاعفة أرباحها الفصلية ثلاث مرات مقارنة بالعام الماضي، في حين أصدرت جلينكور، شركة تجارة السلع، بعض التوجيهات الصعودية لنتائج العام بأكمله. يدور الحديث بين المتداولين والمحللين الآن عن "دورة فائقة" أخرى للطاقة والمواد الخام.
ازدهار الطلب على النفط والأخشاب والمحاصيل الغذائية والمعادن الصناعية، مثل النحاس وخام الحديد، لا يظهر علامات تذكر على التباطؤ في الوقت الحالي، إذ يؤدي النمو الاقتصادي المزدهر في كل من الولايات المتحدة والصين إلى طلب كبير على السلع الأساسية.
انتعش مؤشر بلومبيرج للسلع إلى مستويات لم تشهدها السوق منذ 2015. ولأن 30 في المائة من المؤشر يتتبع أسهم شركات الطاقة، فقد اكتسب 8 في المائة في نيسان (أبريل) وحده و 15 في المائة هذا العام.
بلغت أسعار السلع الأساسية ذروتها الأخيرة في 2011. بالتالي هذا تحول في الحظوظ بعد فترة هدوء طويلة جعلت الشركات تخفض استثماراتها. لكن اليوم، جنبا إلى جنب مع التوسع الاقتصادي العالمي القوي واضطرابات سلسلة التوريد المرتبطة بالوباء، أدى ذلك إلى "ضغط" السلع، مع زيادة الطلب على العرض، على الأقل في الوقت الحالي.
قال ديفيد كيلي، كبير المحللين الاستراتيجيين العالميين في جيه بي مورجان لإدارة الأصول: "تميل دورات السلع إلى الظهور عندما يكون هناك عدم القدرة على تسريع العرض وهذا أمر صعودي قصير المدى للقطاع".
تحظى السلع أيضا بدعم المستثمرين الباحثين عن أصول "حقيقية" تميل إلى الارتفاع عندما يصبح التضخم خطرا أكبر في المحافظ. هناك حذر من ترسخ ضغوط التضخم بسبب التركيبة الحالية من السياسات المالية والنقدية المتساهلة للغاية.
هذا الأسبوع، كان الاحتياطي الفيدرالي مصمما على أن السياسة ستظل فضفاضة لبعض الوقت. ارتفع بالفعل التوسع النقدي في العام الماضي. في الوقت نفسه، تمكن الرئيس جو بايدن من الحصول على قانون تحفيز مالي بقيمة 1.9 تريليون دولار أقره الكونجرس، وطرح حجته بشأن فاتورة إنفاق على البنية التحتية قيمتها 2.3 تريليون دولار وتوسيع شبكة الأمان الاجتماعي بـ1.8 تريليون دولار.
في إشارة إلى ظهور "سياسات لمعالجة عدم المساواة في الدخل والثروة"، تنبأ محللون في جولدمان ساكس بـ"اقتصاد محموم وضغوط تضخمية مادية" للولايات المتحدة.
من المؤكد أن كثيرا من المستثمرين غير مقتنعين بأنه سيتبين أن الارتفاع المتوقع في أسعار المواد الاستهلاكية في الأشهر المقبلة "مؤقت"، كما يتوقع الاحتياطي الفيدرالي حاليا.
ارتفعت توقعات التضخم في سوق السندات الأمريكية إلى أعلى مستوى لها منذ ثمانية أعوام. يتوقع مستثمرو السندات الآن أن يصل التضخم إلى 2.4 في المائة بالمعدل السنوي على مدار الأعوام العشرة المقبلة. هذا أعلى من متوسط المعدل البالغ 1.75 في المائة الذي تتوقعه السوق منذ 2015.
مع تسارع وتيرة النشاط الاقتصادي، يظهر الارتفاع الأخير في أسعار السلع الأساسية وتوقعات التضخم كيف تتغذى هذه الأسواق على بعضها بعضا.
إحدى النتائج هي أن المستثمرين الذين يتتبعون سلال السلع والسندات المعدلة بحسب التضخم من خلال الصناديق المتداولة في البورصة، من المرجح أن يشعروا بسعادة كبيرة - كما هي الحال بالنسبة للمستثمرين الذين استفادوا من ارتفاع بواقع الثلث في السوق في قطاع الطاقة في مؤشر إس آند بي 500 هذا العام.
إلى ذلك، إعادة فتح الاقتصادات في الأشهر المقبلة تبشر باستخدام أكبر للطاقة. من المحتمل أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع أسعار الصناديق المتداولة في البورصة التي تتعامل في السلع الأساسية، إلى جانب ارتفاع أسهم الطاقة وشركات التعدين. يتوقع جولدمان "ارتفاع السلع 13.5 في المائة أخرى خلال الأشهر الستة المقبلة".
لكن بمجرد انحسار اضطرابات العرض قد يتلاشى الارتفاع وتتلاشى معه التوقعات بشأن هذه الدورة المصغرة للسلع الفائقة.
يمكن أن تتأثر أسعار النفط من خلال زيادة الإنتاج من أوبك، وسحب آبار النفط الصخري الأمريكية من الطاقة الفائضة. التوقعات بأن مشاريع البنية التحتية ستبقي أسعار السلع الأساسية مرتفعة في الأعوام المقبلة ربما تكون مبالغا فيها نظرا لإجراءات الموافقة المطولة في كثير من الدول المتقدمة. تظهر الصين أيضا علامات على إمالة ميزان النمو بعيدا عن البناء.
للوهلة الأولى، ينذر هذا بالسوء بالنسبة للنحاس الذي ارتفع فوق عشرة آلاف دولار للطن واقترب من ذروته في 2011 البالغة 10190 دولارا. لكن احتمالات وجود اقتصاد أكثر اخضرارا يكافئ النحاس والنيكل والليثيوم والمعادن الأخرى اللازمة لتوليد الكهرباء والبطاريات تستلزم دورة سلعية مختلفة عن تلك التي كانت سائدة في فترات الصعود السابقة.
قال مركز تي إس لومبارد للأبحاث: "كان النحاس دائما مؤشرا دوريا قويا، لكن انتشاره (من حيث الاستخدام) من المرجح أن يدفع المعدن إلى دورة جديدة". أشار المركز إلى الاستخدام المرتفع للنحاس في توليد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والسيارات الكهربائية وإنشاء البنية التحتية لشحن البطاريات.
يبدو أن شركة بريتيش بتروليوم نفسها تدرك أن الطلب سيتباطأ على النفط والغاز. وتخطط لتحويل السيولة النقدية نحو استثمارات منخفضة الكربون في الوقت الذي تتطلع فيه إلى الحفاظ على أعمالها في مجال النفط والغاز.
بالنسبة للمستثمر الذين يشعر بالقلق بشأن التضخم والسعي إلى التعرض للسلع، فمن المنطقي أن يكون التعرض انتقائيا.
قال كيلي، من جيه بي مورجان: "يبدو أن المعادن الصناعية في النقطة المثالية للدورة الخضراء، لكن وراء ذلك هناك القليل من المجالات الأخرى في السلع التي تبدو جذابة على المدى الطويل".

الأكثر قراءة