Author

الشيخوخة الصحية

|
التقدم في العمر أمر حيوي حتمي لا مناص منه وحقيقة مقدرة لا مفر منها، "والذي خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم يخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ثم لتكونوا شيوخا" الآية. ويصاحب الشيخوخة أعراض مختلفة وضعف في عديد من الوظائف الحيوية للجسم "ومن نعمره ننكسه في الخلق" الآية. هناك علم يسمى علم الشيخوخة Gerontology ويقصد به دراسة نهج التشيخ ويعنى بالتبدلات التي تحدث على المستوى الجسدي والعقلي والاجتماعي في هذه المرحلة. أما طب الشيخوخة Geriatrics فيختص بالعناية بكبار السن بما في ذلك أساليب علاج المشكلات والاضطرابات الصحية المصاحبة لهذه الفترة. تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن أسرع الشرائح الاجتماعية نموا على مستوى العالم هي شريحة من هم في سن 65 أو أكبر، حيث يتوقع أن يصل عددهم إلى 1.5 مليار عام 2050. وقد حدد اليوم الأول من تشرين الأول (أكتوبر) من كل عام ليكون اليوم الدولي للمسنين. إن التقدم في العمر عملية لا تظهر فجأة ولذا فإن الاختيارات التي يصنعها الإنسان ويقررها خلال فترة حياته ستعطي انطباعا كبيرا عما سيكون عليه عند وصوله لمرحلة الشيخوخة. وعندما نقول الشيخوخة الصحية فهذا يعني أن يصل الإنسان إلى هذه المرحلة ويستمر فيها - بإذن الله - وهو في صحة جيدة سواء من الناحية الجسدية أو العقلية أو الروحية، وهذه الأمور تتحقق من خلال إعطاء كل ناحية حقها فالناحية الجسدية تلزمها التغذية الصحية المتوازنة والرياضة الملائمة المنتظمة وترتيب أوقات النوم والبعد عن منهكات الجسد مثل التدخين وغيره، أما من الناحية العقلية فيلزمها مزاولة عمل يناسب هذه المرحلة العمرية والالتحاق ببعض الدورات المهمة وعدم الخمول الفكري، أما الجانب الروحي فيكون في أفضل حالاته بالمحافظة على الصلاة وقراءة القرآن وتدبره ومحبة الآخرين ومساعدتهم والأنس بهم. إن الوصول لمرحلة الشيخوخة هو أمر طبيعي غير مستغرب يجب أن يقابل بالرضا والسعادة والإيجابية والتفاؤل، وأنه لمن الأهمية بمكان أن تلتفت الجهات ذات العلاقة لكبار السن وتوليهم ما يستحقونه من اهتمام ورعاية وأن تنظر إليهم كشريحة مهمة من شرائح المجتمع وأن تهيأ لهم كل الإمكانات لتقديم خبراتهم وتجاربهم وأن ينخرطوا في الحياة ولا يعتزلوها ليحيوا حياة سعيدة وليسهموا في بناء أوطانهم ونمائها.
إنشرها