FINANCIAL TIMES

خطر الوباء يتلاشي .. السوق تستبعد التعرض لأذى دائم

خطر الوباء يتلاشي .. السوق تستبعد التعرض لأذى دائم

السوق تشرح القلب.

وصلت مقاييس التقلبات في الأسواق المالية إلى أدنى مستوياتها منذ أن أدى الوباء إلى زعزعة أسعار الأسهم والسندات العام الماضي، حيث راهن المستثمرون على الهدوء وركبوا موجة تفاؤل بشأن الانتعاش الاقتصادي في الولايات المتحدة.
مؤشر فيكس الذي يتم تتبعه عن كثب، والذي يقيس التقلبات الضمنية في خيارات مؤشر ستاندرد آند بورز 500، انخفض في وقت سابق من هذا الشهر إلى ما دون متوسطه على المدى الطويل البالغ 20 نقطة وبقي عند ذلك المستوى حتى أثناء فترة خسائر الأسهم الأسبوع الماضي. يوم الإثنين، أنهى مؤشر فيكس اليوم عند 17.64 نقطة، ما يقارب خمس المستوى خلال اضطراب الأسهم في العام الماضي.
التداول الأكثر هدوءا من قبل مستثمري التجزئة، الذين كانوا قد أزعجوا السوق بالرهانات الفردية على الأسهم غير المحبوبة أثناء الوباء، ساعد على استقرار التقلبات، على الرغم من استمرار بعض المناوشات بين القطاعات تحت السطح.
الاستقرار هو أحد المؤشرات على أن المستثمرين يعتقدون أن خطر حدوث ضرر دائم في الأسواق من الوباء قد تلاشى، ولا سيما في ضوء البيانات الاقتصادية وبيانات الأرباح القوية في الولايات المتحدة.
قال جرانت باورز، مدير محفظة في فرانك تمبلتون، "يبدو الأمر كما لو أنك تنظر إلى الصورة الاقتصادية للأرباع الثلاثة إلى الأربعة المقبلة، حيث من الصعب حقا تكوين قصة لسوق هابطة بأي شكل من الأشكال. الناس يصفون (مؤشر فيكس) بأنه مقياس الخوف. وليس هناك كثير من الخوف".
أحد الأسباب الرئيسة للاستقرار في مؤشرات الأسهم الكبيرة، والتوقعات المنخفضة للتقلبات، هو إعادة التفكير بين المستثمرين بشأن آفاق قطاعات الشركات المختلفة. منذ اكتشاف اللقاحات للتصدي لفيروس كورونا، تنازل الفائزون في عصر الإغلاق مثل شركات التكنولوجيا عن بعض القيادة في السوق للقطاعات المتضررة مثل القطاع المصرفي وقطاع السفر.
هذا يترك بعض تحولات السوق تتقلب تحت السطح بينما تبدو المؤشرات الأوسع ثابتة.
قال جلين كوه، رئيس قسم تداول الأسهم في بانك أوف أمريكا، "على الرغم من أن أسهم شركات التكنولوجيا متقلبة تماما وأسهم الشركات المالية متقلبة تماما، إلا أن التحركات تلغي بعضها بعضا".
لكن هناك عوامل أخرى تلعب دورها. على وجه الخصوص، أصبح مديرو الصناديق المتفائلون بشكل متزايد أكثر استعدادا للتنقل في الأسواق من دون شبكة أمان. مع زيادة ثقتهم، شرعت بعض الصناديق في بيع عقود التأمين التي كانت تسعى إليها للحصول على حماية ضد اضطراب السوق خلال العام الماضي، وفقا لمتداولين ومديري أموال.
الزيادة في مبيعات هذه المشتقات في الأسابيع الأخيرة تعزز أيضا عوائد صناديق التحوط وشركات إدارة الأصول، التي تقوم بتحصيل أقساط كبيرة عندما توافق على العقود.
قال بريان بوست، الرئيس المشارك لمشتقات الأسهم للأمريكيتين في بنك باركليز، "نحن نرى المشكلة تتكثف. تفوق العرض أخيرا على الطلب وبقيت بيئة التقلبات المحققة منخفضة لفترة طويلة بما فيه الكفاية"، بحيث إن العلاوة التي يطلبها المستثمرون لبيع التقلبات "كان لا بد من إعادة ضبطها إلى مستوى أدنى".
مرونة أسواق الأسهم في مواجهة الاضطراب في سوق السندات الحكومية في بداية هذا العام منحت المستثمرين الضوء الأخضر لبيع الحماية ضد صدمات السوق.
أدى هذا التكتيك إلى نتائج عكسية عندما ضرب الوباء الأسواق في العام الماضي، ما دفع صناديق المشتقات، بما في ذلك ماليكايت كابيتال مانيجمنت واثنين من الصناديق التي تديرها مجموعة أليانتز إما إلى تصفية أموال العملاء وإما إعادتها. والآن أصبحت محبوبة من جديد.
قال أحد كبار المتداولين في الأسهم "في 2020، إذا قمت ببيع التقلبات ستخسر المال. لكن مع استقرار السوق شهدنا مزيدا من البائعين".
بدلا من الاعتماد على مشتقات الأسهم عاد مديرو الصناديق إلى سندات الخزانة الرخيصة نسبيا لأجل 10 و30 عاما لتوفير عامل الثقل لمحافظهم، كما قال ريش بهانداري، مدير محفظة أعلى في صندوق التحوط كابستون.
تبدد أيضا أحد أنماط التداول الغريبة هذا العام، في الوقت الذي أخذ فيه متداولو التجزئة الذين أغرقوا أسواق الأسهم والمشتقات الأمريكية خلال الوباء يبتعدون عن الأسواق.
بلغ متوسط أحجام تداول الأسهم في الولايات المتحدة 11 مليار سهم يوميا على مدار الـ30 يوما الماضية، مقارنة بـ15.8 مليار سهم في آذار (مارس). تداولات الخيارات صغيرة الحجم - وهي وكيل لنشاط تداولات التجزئة الإجمالي - تراجعت 40 في المائة من ذروتها في نهاية كانون الثاني (يناير). هذا يشير إلى أن صرعة صغار المستثمرين في شراء خيارات البيع - المراهنات على ارتفاع الأسعار - آخذة في التلاشي.
قالت إيمي وو سيلفرمان، رئيسة استراتيجية المشتقات في آر بي سي كابيتال ماركيتس: "أحد العوامل المساهمة هنا هو حقيقة أن الطلب على شراء خيارات البيع قد انخفض بسرعة كبيرة"، مشيرة إلى أن تداول خيارات الشراء على ما يسمى أسهم meme ذات الشعبية الكبيرة، مثل جيم ستوب، انخفض "بشكل عجيب" من قمم آب (أغسطس) 2020 كانون الثاني (يناير) 2021.
لا يراهن المستثمرون بالضرورة على بيئة تداول سهلة الانقياد لبقية العام. يتم تداول عقود فيكس الآجلة التي تنتهي بين حزيران (يونيو) وأيلول (ديسمبر) بين 22 و25 نقطة، أعلى بكثير من السعر الفوري 17.64.
بعض خيارات بيع الصناديق تتم فقط من خلال عقود قصيرة الأجل تنتهي صلاحيتها في غضون أسابيع أو شهر، في محاولة للحد من مخاطرها. رهانها هو أن أي صدمة سوق واسعة النطاق ستستغرق وقتا أطول من بضعة أسابيع حتى تتحقق، ما يحمي البائعين.
يشير المتداولون أيضا إلى ارتفاع مؤشر VVIX في نيسان (أبريل)، الذي يقيس التقلبات المتوقعة لمؤشر فيكس. ظل VVIX أعلى كثيرا من مستوى ما قبل الوباء، ما يشير إلى أن المستثمرين يعتقدون أن التقلبات قد تنتعش مرة أخرى قريبا، وفقا لكريس ميرفي، الرئيس المشارك لاستراتيجية المشتقات في صانع السوق سسكوهانا Susquehanna.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES