Author

المنتجات بين الكم والجودة

|
الإنتاج، وجودة الإنتاج أمران متلازمان، البعض إن لم يكن الكل يسعى ليحقق أحدهما، أو كليهما، إن كان بمقدوره فعل ذلك، وتتوافر لديه الإمكانات اللازمة لذلك، كالإمكانات العقلية القادرة على التفكير السليم، والسديد، والتخطيط الجيد، والاستفادة من الخبرات السابقة، وتلافي الأخطاء في بيئة العمل أولا بأول، بدلا من تركها تتراكم، حتى تتحول بيئة العمل إلى فوضى عارمة، شعار منسوبيها الكسل، والتراخي، حتى يشار إليها بالبنان لعدم انضباطها، بل لسوئها لتتحول إلى مضرب مثل بين المنظمات في السمعة السيئة.
الإدارة الناجحة لها خصائص تميزها عن غيرها فديدنها السعي لزيادة الإنتاج إن كانت الظروف المحيطة تتطلب ذلك، فعلى سبيل المثال في مناسبات الأعياد مصنع الشوكولاتة ترتفع مبيعاته نظرا لكثرة الطلب على المنتج الذي يرتبط بالمناسبات السارة التي يمر بها الأفراد، أو المجتمع بكامله، ولذا إدارة مصنع كهذا بحاجة إلى التخطيط الجيد لتوفير المواد اللازمة لهذا المنتج حتى يجدها متوافرة، ويتمكن من منافسة منتجات المصانع الأخرى في المجال، إلا أنه لا يمكن إغفال حقيقة أن زيادة الإنتاج قد تكون على حساب الجودة، ما يؤثر سلبا في إقبال المستهلكين على مثل هذه البضاعة، وقد يبزغ نجم شركة في فترة من الفترات، حتى تسود الساحة، وتتحكم في السوق، لكنها لا تلبث أن تفقد سمعتها، وينسحب منها الزبائن لأنها اهتمت بالكم، ولم تهتم بالجودة.
المدير البارع هو القادر على التنبؤ بمستقبل السوق فيما يخص البضاعة التي تنتجها شركته، أو منظمته، ويدرك خصائص السوق، وقوى المنافسة، وما لديها من عناصر قوة يجاريها، أو عناصر ضعف يتجنبها ويحذر من الوقوع فيها، وهذا لا يتأتى ما لم تتوافر لديه المعلومات الكافية، ولذا فدور المدير ليس الجلوس على مكتب وثير يتلقى اتصالات، ويستقبل، ويقلب الأوراق، ويصدر الأوامر، حتى لو كانت في غير مصلحة المنظمة، فالمتابعة المستمرة لواقع السوق، ومعرفة التحول في اختيارات الناس، وأذواقهم تمثل نشاطا لازما للنجاح، وما يكتب في الصحف ويقال في وسائل الإعلام التقليدية والحديثة يشكل قاعدة معلومات ثرية إذا ما أضيف لها نتائج استطلاعات الرأي بشأن اختصاص المنظمة، وغيرها في المجال.
خروج منظمات من السوق، وإعلان إفلاسها قد يكون بسبب الفساد الذي ينخر فيها من سرقات، أو غش في البضاعة، أو ترهل، وعجز في الإدارة، مع عدم القدرة على مجاراة التحولات التي تطرأ على السوق، خاصة في زمن انتقال المعلومة، وانتشارها بين الناس في ثوان من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، ولعل ما نشاهده من زحام، وطوابير أمام بعض المحال قبل موعد فتح المكان يؤكد الدور البارز الذي تحققه المعلومة، وسرعة انتشارها فيكفي أن يكتب زبون ملاحظة سلبية في منتج لتنتشر، والنتيجة انكفاء الناس عن البضاعة.
المدير البارع يفترض أن يجعل في أجندته اليومية الجلوس مع العاملين معه لمعرفة آرائهم، ومقترحاتهم، وملاحظاتهم في جميع جوانب المنظمة ليضمن ليس كمية الإنتاج التي تحتاج إليها السوق، بل جودة المنتج بما يحقق تلبية رغبة الزبائن لضمان استمرار تفضيلهم منتج المنظمة، والقيمة من مقابلة العاملين توفير معلومات يتم تحليلها إما بصورة كمية تبين بالأرقام والرسوم البيانية النمو، أو التراجع في المبيعات حسب الأعمار، والدخل، والمستوى التعليمي، والنوع، أو بصورة كيفية وصفية تكشف حقائق، ومؤشرات بشأن المنتج مقارنا بمنتج الآخرين المنافسين في السوق.
قبل بضعة أعوام دعيت للمشاركة فيما يشبه حلقة النقاش بشأن ما يلاحظ، أو يسمع بشأن منتجات إحدى شركات النشر الإعلامي الشهيرة، وهذه خطوة جيدة، واقترحت حينها على الحضور تبني التوصية بفكرة استطلاع رأي الجمهور بشأن المنتجات الإعلامية لهذه الشركة من صحف، ومجلات للوقوف على الحقائق في الميدان، وما يتطلع إليه الجمهور، وأعتقد لو تم الأخذ بالمقترح، ونفذ لتجاوزت الشركة بعض المشكلات التي تمر بها، خاصة في تراجع الإقبال على هذه المنتجات، الجامعات منتجاتها البشرية والبحوث والدراسات قد تكون كثيرة لكنها تفتقد الجودة، وقد تكون محدودة العدد وبجودة العالية تتناسب مع متطلبات السوق، وهذا يعتمد في الأساس على جودة التأسيس، وسلامة الأنظمة واللوائح، وتوافر الإمكانات، والإعداد العالي للقائمين على تنفيذ البرامج.
إنشرها