Author

الاحتفال باليوم العالمي للملكية الفكرية

|
في 26 نيسان (أبريل) من كل عام، تحتفل المنظمة العالمية للملكية الفكرية الويبو WIPO ومعها مجتمع العلم والاقتصاد، باليوم العالمي للملكية الفكرية، من أجل إبراز دور حقوق الملكية الفكرية في تشجيع الابتكار والإبداع. وتشير الملكية الفكرية IP، إلى إبداعات العقل - من الأعمال الفنية والتصميم، إلى الاختراعات وبرامج الكمبيوتر، إلى العلامات التجارية ونحوها. والإبداع في الأفكار هو بداية أي عمل. فالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم SMEs التي تعمل في جميع دول العالم بدأت يوما ما بفكرة في ذهن شخص ما، ثم شقت طريقها إلى السوق. ولكن قبل أن تصل إلى السوق تحتاج إلى رعاية وتطوير وحماية لكي تصبح الفكرة أحد أصول الملكية الفكرية التي يمكن أن تدفع إلى تنمية الأعمال والانتعاش الاقتصادي والتقدم البشري. والإبداع لا يقتصر على المهندسين والباحثين والعلماء، بل يشمل الفنانين والحرفيين والمصممين والمزارعين، وكذلك القائمين بأعمال البيع والعاملين في التجارة والسياحة والإعلام وغيرها، ولكن بشرط أن تترجم الأفكار إلى منتجات وخدمات تلبي احتياجات الناس وترغب في شرائها.
​ولا شك أن الشركات الصغيرة والمتوسطة هي العمود الفقري للاقتصادات الوطنية لتقديم السلع والخدمات، وإنتاج الابتكارات والإبداعات التي توفر مزيدا من فرص العمل. ومن المعروف أن الشركات الصغيرة والمتوسطة تشكل نحو 90 في المائة من الأعمال التجارية في العالم، وتوظف نحو 70 في المائة من القوى العاملة العالمية، وتولد ما يصل إلى 40 في المائة من الدخل القومي في عديد من الاقتصادات الناشئة. ولكن لا يمكن لكثير من الأفكار التي قامت عليها هذه الشركات أن تستمر وتزدهر دون الاستفادة من حقوق الملكية الفكرية لحماية أصول أعمالهم.
​لذلك فمن الأهمية بمكان لأي دولة أن تسعى لإيجاد الأنظمة والقوانين الخاصة بالملكية الفكرية التي تشمل العلامات التجارية وحقوق التصميم والتأليف والنشر وبراءات الاختراع ونحوها. فبوجود حماية حقوق الملكية الفكرية، يمكن تحويل الفكرة إلى فرصة عمل، وتوسيع الخيارات المتاحة أمام المستهلكين. وبحمد الله، بادرت المملكة بتأسيس الهيئة السعودية للملكية الفكرية في 1439هـ. وينبغي تأكيد أن حماية حقوق الملكية الفكرية شرط أساس لاستقطاب الاستثمار في أي دولة.
​وتتسابق الدول لتسجيل أكبر عدد من براءات الاختراع، لذلك لم ترتعش فرائص أمريكا أمام المنافسة الصينية الشرسة عبثا، فبراءات الاختراع المسجلة للمقيمين في الصين تفوق ما يسجل للمقيمين في الولايات المتحدة بأضعاف، ففي حين لم تتجاوز عدد براءات الاختراع المسجلة لأمريكا 285 ألفا في 2019، فإن عدد البراءات المسجلة للمقيمين في الصين يتجاوز مليون براءة، تجدر الإشارة إلى أن اليابان سجلت 245 ألفا، وكوريا نحو 172 ألفا، والهند 19 ألفا.
​أما بالنسبة للدول العربية، فقد سجلت السعودية ومصر أكثر من ألف بقليل لكل منهما، في حين تنخفض في تونس إلى 180 فقط، وإلى 100 في المغرب، وإلى 99 في الإمارات، ونحو 20 فقط في الأردن! وبناء عليه، فإن السعودية تستحوذ على نحو ثلث براءات الاختراع في الدول العربية، وتستحوذ مصر على نحو الثلث الآخر، في حين تتوزع بقية البراءات بين الدول العربية الأخرى. ومن العجيب أن إجمالي براءات الاختراع المسجلة للمقيمين في الدول العربية لا يكاد يتجاوز ما سجلته إسبانيا وحدها.
​وأخيرا، فمن المؤسف أن العالم يتقدم ويتنافس في تسجيل مزيد من الأفكار والابتكارات عاما بعد آخر، والدول العربية تتصارع فيما بينها على أسس مذهبية وطائفية، ليتراجع الاهتمام بالتعليم والبحث والابتكار إلى آخر ذيل قائمة الاهتمامات!
إنشرها