الروح

كثيرا ما نسمع كلمة - الروح - يتم تداولها بين الناس. فلان روحه خفيفة أو فلانة روحها مرحة، كما يضرب المثل عند الحاجة للصبر "الله يصبرك يا روح". فعن أي شيء يتحدث هؤلاء؟ الروح أمرها عجيب وشأنها غريب، كانت وما زالت وستظل من أصعب مسائل العلم والفلسفة ومذاهب التفكير. ورد ذكرها في 23 موضعا من كتاب الله "وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا..."، "رفيع الدرجات ذو العرش يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده..."، ومعاني الروح في هذه الآيات مختلفة. وورد ذكر الروح في السنة النبوية، يقول - صلى الله عليه وسلم -: "الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تنافر منها اختلف"، ومن ذلك الحديث المشهور حديث خروج الروح: "اخرجي أيتها الروح الطيبة إلى روح وريحان ورب راض غير غضبان..." الحديث. العلامة ابن القيم يعرف الروح بأنها "جسم خفيف حي متحرك علوي نوراني يسري في جسد الإنسان كما يسري الدهن في العود، وكما تسري النار في الفحم فما دام هذا الجسد قابلا لهذه الإفاضات ولهذه الإمدادات من هذه الروح، فإن الروح تبقى عامرة لهذا الجسد فإذا خرب الجسد ولم يبق محلا لهذه الروح ولا قابلا للإفاضات منها ولا للحركات أذن الله تعالى لخروج هذه الروح من هذا الجسد فيبقى هامدا". لا يعرف الناس ومنهم الشعراء ماهية الروح ولكنهم يدركون أهميتها، يقول الشاعر الأندلسي:
الجسم في بلد والروح في بلد
يا وحشة الروح بل يا غربة الجسد
ويتغنى الشعراء بجمال الروح:
جمال الروح ذاك هو الجمال
تطيب به الشمائل والخلال
ولا تغني إذا حسنت وجوه
وفي الأجساد أرواح ثقال
والكنعاني يقول في أحد أبيات سامريته المشهورة:
روح روحي بغت روحي تروح
يوم قيل الغضي فيه جدريه
ومما يجمع عليه الخبراء أن الروح تحتاج إلى الغذاء كما أن البدن يحتاج إلى الطعام والشراب، وغذاء الروح هو بالإيمانيات وفي مقدمتها ذكر الله وتدبر القرآن الكريم. ويلاحظ أنه بإهمال الروح تظلم الحياة وتتحول إلى جحيم لا يطاق، وتبقى الحقيقة الخالدة "يسألونك عن الروح، قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي