FINANCIAL TIMES

الدمج بين لقاحات كوفيد .. هل يفي بالغرض؟

الدمج بين لقاحات كوفيد .. هل يفي بالغرض؟

إيلين بروسر (100عام) أثناء تلقيها لقاح أكسفورد/أكسترازينكا في دار لرعاية المسنين في المملكة المتحدة. تصوير: كريستي أوكونور "رويترز"

يعمل علماء أكسفورد على توسيع جهودهم لاختبار ما إذا كان يمكن الدمج بين لقاحين مختلفين من لقاحات كوفيد - 19، بعد أن بدأت بعض الدول الأوروبية التي تشعر بالقلق من الأثار الجانبية النادرة للقاح أكسفورد/أسترازينكا بتقديم لقاحات أخرى للجرعات الثانية.
في المرحلة الثانية من تجربتها المستمرة، تعاقدت مجموعة أكسفورد للقاحات مع أكثر من ألف مشارك تلقوا بالفعل لقاح أسترازينكا أو بيونتيك/فايزر. المجموعة التي تتألف من أفراد تجاوزوا الـ50 عاما إما ستتلقى جرعة ثانية من اللقاح نفسه أو تحصل على جرعة من لقاح موديرنا أو نوفافاكس.
قال ماثيو سنيب، الأستاذ المساعد في طب الأطفال واللقاحات في أوكسفورد، إن الدراسة قد تعني أن الأشخاص لن يصبحوا "رهينة الحظ" عندما يكون هناك نقص في الإمدادات أو تغييرات في التوصيات بشأن من ينبغي أن يأخذ أي لقاح.
الجزء الأول من الدراسة، الذي أعطى المشاركين جرعة من لقاح أسترازينكا وجرعة من لقاح فايزر، لن يقدم البيانات حتى أيار (مايو)، لذلك لا توجد حتى الآن بيانات عن أنظمة الدمج والمطابقة، بحسب كيت أوبريان، رئيسة اللقاحات في منظمة الصحة العالمية.
قالت الأسبوع الماضي "سيكون من المفيد جدا الحصول على بيانات حول أفضل السبل للإبلاغ عن كيفية استخدام هذه اللقاحات. لكن يجب أن يتم ذلك بطريقة توافر الدليل الذي يمكن التصرف بناء عليه من قِبل كل من المنظمين ومستشاري السياسة وصناع السياسة".
قالت فرنسا وألمانيا الأسبوع الماضي إنهما ستقدمان للأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 60 عاما اللقاحات التي طورتها بيونتيك/فايزر وموديرنا جرعة ثانية، بعد أن أوصتا بعدم أخذ هذه المجموعة لقاح أسترازينكا بسبب المخاوف من تجلط الدم النادر. الصين أيضا طرحت فكرة استخدام لقاحات مختلفة معا لكن لسبب آخر: تعزيز الفعالية وسط مخاوف من أن لقاحاتها المحلية ليست فعالة جدا.
تمت تجربة الجمع بين اللقاحات في أمراض أخرى منها الملاريا وفيروس نقص المناعة البشرية، عندما لم تثبت عمليات التطعيم فعاليتها. لكن بالنظر إلى أن كثيرا من لقاحات كوفيد - 19 المعتمدة أثبتت فعاليتها العالية، فإن معظم الحكومات توصي الأشخاص بالتمسك بالأنظمة المختبرة في التجارب السريرية إلى أن يتوافر مزيد من الأدلة.
وفقا للحكومة البريطانية، ينبغي بذل "كل جهد ممكن" ليحصل الأشخاص على جرعتين من اللقاح نفسه، لكنها سمحت بالدمج بين اللقاحات في ظروف خاصة، مثل نقص الجرعة المطلوبة في موقع معين، أو إذا لم يكن نوع اللقاح الذي تلقاه الشخص في البداية معروفا.
لا يشعر العلماء بالقلق من أن الدمج بين اللقاحات قد يكون غير آمن - لاحظ سنيب عدم وجود "مؤشرات أمان" حتى الآن في البيانات الخاصة بالجزء الأول من التجربة السريرية.
قال إن "الخطر الرئيس" هو إذا لم يستجب جهاز المناعة بشكل جيد وأصبح اللقاح أقل فعالية. مع ذلك، هناك بعض الأدلة الواعدة في الحيوانات.
بحث من الصين يستخدم لقاحات كوفيد - 19 الصينية أظهر أن اتباع جرعة من ناقلات الفيروسات الغدية - مثل تلك التي صنعتها أسترازينكا وجونسون آند جونسون - بنوع آخر من اللقاح، مثل الحمض النووي الريبي المرسال، أو الفيروس المعطل، أو اللقاح القائم على البروتين المؤتلف، قد زاد في الواقع الاستجابة المناعية في الفئران.
قال سنيب إن دراسة أخرى على الفئران دمجت بين لقاحات أسترازينكا وفايزر في إحدى التجارب كانت أيضا "مشجعة".
أضاف "هذا يعطي تلميحا أننا في الواقع لن نرى فقط استجابات حقيقية تكون جيدة بقدر الجداول القياسية، إلا أننا قد نرى أيضا شيئا أفضل".
جميع اللقاحات المعتمدة حاليا تعمل عن طريق تعليم جهاز المناعة الاستجابة للبروتين الشوكي في الفيروس وفي كل حالة تفعل ذلك بشكل مختلف. مثل الطلاب الذين يستخدمون طرقا متنوعة لمراجعة المادة نفسها، فإن الدمج بين اللقاحات يمكن من الناحية النظرية أن يجعلها أكثر فعالية.
قال ستيفين إيفانز، الأستاذ في علم الوبائيات الدوائية، من المهم أن نفهم أن "اللقاحات ليست مثل الأدوية (فهي) لا تعتمد على بقاء اللقاح في الجسم للحصول على فائدة مستمرة. ما تفعله هو ’تدريب‘ جهاز المناعة في الجسم ليكون قادرا على صد الفيروسات الغازية. جهاز المناعة في الجسم هو الذي يقوم بالعمل ضد الفيروس".
قد تكون الاستراتيجية مهمة بشكل خاص للقاحات ناقلات الفيروس الغدي من أسترازينكا وجونسون آند جونسون، حيث يتم نقل الرمز الجيني للبروتين الشوكي الخاص بفيروس سارس كوف 2 في فيروس بارد معطل. إذا استجاب الجسم بشكل سريع وقوي للغاية لناقلات الفيروسات الغدية التي شاهدها بالفعل، قد يعني هذا أن جهاز المناعة ليس لديه الوقت الكافي للتعلم من البروتين الشوكي.
إيريك كريمر، وهو خبير في الفيروسات الغدية في معهد مونبلييه لعلم الوراثة الجزيئي، قال إن لقاح سبوتنيك الروسي يحاول تجنب هذه المشكلة المحتملة من خلال تقديم الجرعتين الأولى والثانية في فيروسات غدية مختلفة. قال إن الدمج بين لقاح ناقلات الفيروسات الغدية ولقاح الحمض النووي المرسال "منطقي جدا" لكن يظل من الواجب اختباره في التجارب السريرية.
حتى إذا لم يصبح الدمج والمطابقة واسع الانتشار خلال برنامج التطعيم الأول، يمكن استخدامه إذا كانت هناك حاجة إلى نشر جرعات جديدة لمعالجة الفيروسات المتحورة - إما لأنها أكثر ملاءمة وإما لأنها أكثر فعالية إذا تبين أن لقاحات أو عمليات دمج معينة كانت أفضل في استهداف الفيروسات المتحورة.
تحتفظ تجربة أكسفورد بعينات لاختبار مدى كفاءة الأجسام المضادة والخلايا التائية لدى المشاركين - وهي جزء آخر مهم من جهاز المناعة - في التعامل مع الفيروسات المتحورة عند ظهورها. قال سنيب "من المحتم تقريبا أننا سنكون بحاجة إلى القيام بذلك: البحث عن أداء جداول مختلطة مقابل الفيروسات المتحورة الجديدة".
لكن استخلاص استنتاجات مؤكدة حول الفعالية يتسم بالتعقيد بسبب حقيقة أن العلماء لا يملكون حتى الآن ما يسمى "ارتباط الحماية" - وهو مستوى الأجسام المضادة الذي يحتاج إليه الأشخاص للحماية من الإصابة بالمرض. بدلا من ذلك، البيانات من التجارب السريرية في أكسفورد وأي دليل حقيقي على تأثير الدمج بين اللقاحات سيعتمد على قياس مستوى الأجسام المضادة في دم المشاركين، مقارنة بالذين تلقوا جرعتين من النوع نفسه.
أوضح جوناثان ستوي، عالم الفيروسات في معهد فرانسيس كريك: "سيكون من اللطيف لو أن هناك فحوص جيدة يمكننا إجراؤها، لتخبرنا، من دون تجارب سريرية مكثفة، ما هي الحماية من الفيروس – لكي نعرف ما إذا كنا قد حسناه بالفعل باستخدام المجموعات المختلفة المقترحة".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES