أخبار اقتصادية- عالمية

مستحضرات التجميل تكافح للخروج من صدمة كورونا .. تحدي التسوق الإلكتروني يغير المعادلة

مستحضرات التجميل تكافح للخروج من صدمة كورونا .. تحدي التسوق الإلكتروني يغير المعادلة

مستحضرات التجميل تكافح للخروج من صدمة كورونا .. تحدي التسوق الإلكتروني يغير المعادلة

كانت صناعة مستحضرات التجميل واحدة من ضمن صناعات مختلفة تلقت صدمة قوية نتيجة وباء كورونا، خاصة في الأشهر الأولى من تفشي الوباء.
سياسات الإغلاق التي اتبعها كثير من دول العالم، وما تضمنته من إغلاق للمحال التجارية، وتدابير الاحتراز الاجتماعي وما تضمنته من حد أو منع للفعاليات والأنشطة العامة، وتقلص اللقاءات أو الاحتفالات أو المناسبات الاجتماعية، كل ذلك انعكس بشدة على الصناعة.
لكن الصناعة أبدت مرونة واضحة للغاية في التعامل مع الأزمة، فالعلامات التجارية حولت إنتاجها إلى المعقمات ومواد التنظيف الشخصية، في محاولة للتأقلم مع الوضع من جانب، ولاقتناص فرصة وجود طلب متزايد على مواد النظافة الشخصية، ما يضمن لها تحقيق جزء من العائدات المفقودة، إلا أن هذا لا ينفي أن تأثير الجائحة في الصناعة كان أكبر بكثير من الأضرار التي منيت بها خلال الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008.
يعتقد بعض الخبراء أن صناعة مستحضرات التجميل تواجه، في مرحلة ما بعد كورونا، ما يمكن وصفه بتحديات من نوع جديد، حيث إن الصناعة كانت تعتمد في الفترة السابقة للجائحة على التسوق عبر المحال التجارية، إذ شكل التسوق في المحال التجارية والصيدليات نحو 85 في المائة من مشتريات منتجات التجميل قبل أزمة كورونا، وحتى العلامات التجارية الحديثة في تلك الصناعة التي تنتمي في الأساس إلى عالم الإنترنت، وتعتمد على البيع من خلال مواقع التجارة الإلكترونية فإن 60 في المائة من مبيعاتها تتم عبر المحال التجارية.
الآن ومع توقع شركات مستحضرات التجميل أن 30 في المائة من منافذ البيع الممثلة في المحال التجارية لن تفتح في مرحلة ما بعد كورونا لمدة عام على الأقل، فكيف سينعكس ذلك على المبيعات وإيرادات الصناعة؟
تراسي ماك دين رئيسة قسم المبيعات في شركة بنفيت كوسمتكس البريطانية لمستحضرات التجميل تعلق لـ"الاقتصادية" قائلة، "إن الصناعة تراهن في المرحلة المقبلة على تواصل الاحتياج الإنساني لمستحضرات التجميل، والأهم ما نصفه بولاء المستهلكين لتلك المستحضرات، فمنتجات الصناعة لديها جاذبية خاصة في أعين المستهلكين، ونجحت الصناعة ككل في ظهور أجيال من المستهلكين المخلصين، ربما نواجه بعد المشكلات في الأجل القصير مدفوعة إلى حد كبير بالانخفاض في الإنفاق الاستهلاكي، لكن في الأجل الطويل فإن مستقبل صناعة مستحضرات التجميل آمن".
قد يكون عام 2020 عاما سلبيا لصناعة مستحضرات التجميل، مع هذا يعتقد الخبراء أن الصناعة مقاومة للركود، ومع عالم يتعافى اقتصاديا فإن الوضع يبدو مشرقا لصناعة تولد ما لا يقل عن 500 مليار دولار سنويا من المبيعات وتوفر ملايين الوظائف، وتسعد مليارات البشر.
وتشير أغلب التقديرات إلى أن أسواق مستحضرات التجميل ستشهد نموا كبيرا في المقبل من الأعوام، فارتفاع دخل المستهلكين، وأساليب الحياة العصرية والمتغيرة يقودان سوق صناعة مستحضرات التجميل إلى مزيد من الازدهار، كما أن نمو الأسواق تدفعه غالبا زيادة المعدلات العمرية، وترافق ذلك مع الرغبة في عدم إظهار مظاهر الشيخوخة، إضافة إلى أن تنامي الطبقات المتوسطة في الاقتصادات الناشئة مثل الصين والهند والبرازيل ونيجيريا يوجد طلبا ضخما ومتزايدا على تلك المنتجات.
من جهته، يؤكد لـ"الاقتصادية"، ديفيد هاكني الباحث في شركة رميل لمستحضرات التجميل، أنه خلال الـ20 عاما الماضية نمت سوق مستحضرات التجميل العالمية بنسبة 4.5 في المائة سنويا في المتوسط، حيث أثبتت قدرتها على مواجهة التحديات، إلا أن العام الماضي انخفضت سوق التجميل العالمية بما يراوح بين 20 إلى 30 في المائة، وفي الولايات المتحدة يمكن أن يصل التراجع إلى 35 في المائة، وبعض الإحصاءات تشير إلى أن 17 في المائة من النساء توقفن نهائيا عن وضع المكياج خلال عام كورونا.
وحول التوزيع الجغرافي لصناعة التجميل العالمية، يوضح أن أغلبية مبيعات مستحضرات التجميل العالمية المتميزة تتركز في الأسواق المتقدمة، متوقعا أن تبلغ القيمة الإجمالية للمبيعات عام 2025 ما يقترب من 860 مليار دولار.
ويضيف "جغرافيا تنقسم الأسواق في هذا المجال إلى أسواق مهيمنة وحصتها من الإيرادات العالمية هي الأكثر ومناطق طرفية وحصتها صغيرة نوعا ما، لكن دول مجموعة البريكس البرازيل وروسيا والهند والصين تشهد نموا سريعا للغاية، والآن هي القوة الرئيسة في الطلب على مستحضرات التجميل في الأسواق الناشئة".
يعتقد الخبراء أن طبيعة الطلب على مستحضرات التجميل تجعل من تسارع وتيرة الابتكار وإنتاج منتجات جديدة المدخل الأساسي لنجاح الصناعة، كما أن العلامة التجارية تلعب دورا رئيسا باعتبارها ضامنا للجودة والتميز والأمان الصحي، ما يجعلها في كثير من الأحيان صناعة شبه احتكارية، حيث يعتقد بعض الاقتصاديين أن الصناعة ستشهد مزيدا من ترسيخ الطابع الاحتكاري لها في الأعوام المقبلة، نتيجة لعمليات الدمج التي يمكن أن تشهدها في الفترة المقبلة.
روزي أرثر الخبيرة في مجال مستحضرات التجميل تشير إلى أن أبرز الاتجاهات التي ستشهدها الصناعة في مرحلة ما بعد كورونا هو تراجع مؤشر "أحمر الشفاه" لمصلحة مستحضرات العناية بالبشرة.
وتقول لـ"الاقتصادية"، "إن المؤشر التقليدي في تلك الصناعة الذي يكشف عن النجاح ومدى النمو هو مبيعات أحمر الشفاه، فهو المنتج الوحيد الذي يمكن تحمله أيا كان حجم التراجع الاقتصادي، فهو محسن للمزاج ويضيف مسحة طبيعية من الجمال ورخيص نسبيا، كما أنه يباع دائما في فترات الركود والحروب، حتى إن الحكومة الأمريكية عدته ضروريا خلال فترة الحرب العالمية الثانية".
وتضيف "لكن مع زيادة ارتداء الأقنعة نتيجة تفشي وباء كورونا، وتنامي الوعي الطبي، فإن الصناعة تتحول إلى مزيد من مستحضرات التجميل ذات الصبغة الطبية مثل مستحضرات العناية بالبشرة التي ستحل كمؤشر على مدى صحة الصناعة بدلا من أحمر الشفاه، كما يتوقع أن يزيد الطلب على أنواع محددة من مستحضرات التجميل دون غيرها تحديدا مستحضرات الوجه، لابراز بريقه، وهو الأمر الذي لم يكن لائقا بالنسبة إلى كثيرين خلال فترة تفشي الفيروس".
يعني هذا من وجهة نظر الخبراء أن الصناعة تتطور من الجمال النظيف إلى الجمال الآمن، ونتيجة لذلك ستشهد العلامات التجارية ومنتجات التجميل التي يقودها العلم زيادة في الطلب على منتجاتها في النصف الثاني من هذا العام والأعوام المقبلة.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- عالمية