Author

طاقة متجددة برؤية متجددة

|

رسمت السعودية خطة طموحة للتنوع الاقتصادي من خلال رؤية 2030، وعلى إثر ذلك دشنت عدد من المشاريع الحيوية الكبرى، ومنها مشاريع الطاقة المتجددة، بهدف زيادة الناتج المحلي من القطاع غير النفطي، ودعم كفاءة الاقتصاد المحلي، وزيادة فعاليته.

وكما أكدت برامج الرؤية أن الناتج المحلي غير النفطي هو المؤشر الرئيسي لنجاح خططنا الاقتصادية، ذلك أن الناتج المحلي الإجمالي يتأثر بتقلبات السوق النفطية والحكومة ليست هي المحرك الرئيسي له.

لقد كان هذا المسار المستند على تنمية القطاع غير النفطي واضحا جدا مع كل المشاريع و البرامج و المبادرات التي انطلقت في عام 2021 بشكل خاص والتي أعلنت السعودية من خلالها عزمها على تحقيق نمو قوي في الاقتصاد غير النفطي، وتؤكد من خلالها قدرتنا على تجاوز التأثيرات الاقتصادية الكبيرة للجائحة كدلالة على متانة الاقتصاد السعودي برغم الانهيار الذي أصاب السوق النفطية في حينه.

وإذا كنا في فترات اقتصادية سابقة نعد اكتشاف بئر نفطية بمثابة انجاز اقتصادي كبير فإننا اليوم نقف على إنجازات هي أكبر بكثير لا من حيث قيمتها الاقتصادية ووزنها في الناتج المحلي الإجمالي، ولا من حيث قدرتها على استدامة الاقتصاد وإنتاج الوظائف لأبناء الوطن، بخلاف المساهمة في معالجة القضايا البيئية الكبرى.

وقد لمسنا إطلاق مشاريع السعودية الخضراء الشرق الأوسط الأخضر، وكذلك تدشين مشروع رحلة عبر الزمن في مدينة العلا، تضاف إلى المشاريع الكبرى السابقة في شتى أنحاء المملكة، والتي تحقق بشكل واضح معنى الاقتصاد غير النفطي، فهي جميعها بلا استثناء تمثل تحولا استراتيجيا عن النفط كمدخل رئيسي في أي من عناصر الإنتاج، ومشروع كورال بروم في البحر الأحمر يعمل على تطوير أكبر نظام لتخزين البطاريات في العالم، مما يسمح بتشغيل الموقع بأكمله بالطاقة المتجددة على مدار 24 ساعة.

كما أن المسار الثاني الأكثر وضوحا والذي رسمه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في حديثة هو الدور المهم و الرئيسي لصندوق الاستثمارات العامة في تحقيق هذا التحول الاستراتيجي نحو الاقتصاد غير النفطي فقد قال ولي العهد بأن "صندوق الاستثمارات العامة قد أصبح أحد المحركات الأساسية لنمو الاقتصاد السعودي، واستطعنا مضاعفة حجم صندوق الاستثمارات العامة من 560 مليار ريال الى ما يزيد عن 1.3 تريليون ريال تقريباً، وبخطى ثابتة نحو تحقيق هدف رؤية 2030 بأن تتجاوز أصول الصندوق سبعة تريليونات ريال"، وأضاف "لنا أن نتخيل الاقتصاد السعودي بدون استثمارات الصندوق، حيث بلغت استثمارات الصندوق المحلية 96 مليار في عام 2020 بمجموع 311 مليار ريال خلال السنوات الأربعة الماضية، مما ساهم في صنع أكثر من 190 ألف وظيفة، وفي عامي 2021 و2022 سيضخ الصندوق نحو 150 مليارا سنوياً في الاقتصاد السعودي وبازدياد سنوي حتى عام 2030. وسيتم توفير هذه السيولة من خلال تسييل وإعادة تدوير استثمارات الصندوق للدخول في فرص جديدة.

في هذا المسار الاستراتيجي والعلاقة بين صندوق الاستثمارات العامة وبين نمو الاقتصاد غير النفطي، وبعد أن تم تدشين محطة سكاكا للطاقة الشمسية، أعلن صندوق الاستثمارات العامة إطلاق مشروع "سدير للطاقة الشمسية " بمدينة سدير الصناعية، بقيمة استثمارية تصل لنحو 3.4 مليارات ريال، وتم كذلك توقيع اتفاقية شراء الطاقة مع الشركة السعودية لشراء الطاقة لمدة 25 عاماً، وخلال النصف الثاني من عام 2022.

هذه المحطة ستكون أكبر محطات الطاقة الشمسية في العالم، بتكلفة قياسية هي لإنتاج الكهرباء بلغت 1.239 سنتاً امريكي/ كيلو واط للساعة، تعد من أقل تكلفة انتاج في العالم بعد محطة سكاكا، التي أعلن وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان بأنها الأقل تكلفة في العالم بواقع 1.04 سنتا، فالسعودية الآن تملك أكبر محطات الطاقة الشمسية في العالم وهي أيضا الأكثر كفاءة في انتاج الطاقة الشمسية في العالم، وهو التوجه الإيجابي لفتح أبواب إنتاج الطاقة المتجددة لدعم مسار الاقتصاد الوطني.

هذا هو معنى القيادة الاستراتيجية، فلم تمضي شهور معدودة جدا على حديث ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وتأكيده على المضي قدما نحو الاقتصاد غير النفطي والدور الهام لصندوق الاستثمارات العامة حتى شهدناه يقوم بتدشين المشاريع لتتدفق الطاقة المتجددة في شرايين الاقتصاد الوطني، وترسم المملكة مكانتها العالمية في هذا القطاع الكبير والواعد، فنحن على المسار تماما مع تنوع كبير في الاستثمارات ضمن برنامج الطاقة المتجددة لصندوق الاستثمارات العامة الذي يتضمن تطوير 70 في المائة من قدرة توليد الطاقة المتجددة في المملكة بحلول عام 2030 بما ينسجم مع أهداف رؤية المملكة الطموحة.

كما أن هذه المشاريع تتم اليوم بطاقات وطنية، فمشرع محطة سكاكا الذي افتتحه ولي العهد قام بتوظيف ما يزيد عن 15 ألف موظف سعودي هم من يشغل المحطة.

في حين يأتي مشروع سدير بتحالف بين الصندوق وشركة "أكوا باور" التي يمتلك الصندوق 50 في المائة من حصته - لتنفيذ المشروع - من خلال شركة "بديل" المملوكة بالكامل للصندوق، وهذا يحقق زيادة الإسهام في المحتوى المحلي إلى 60 في المائة في الصندوق والشركات التابعة، إضافة إلى توسيع الفرص أمام الشركات المحلية للإسهام في مشاريع الصندوق.

إنشرها