default Author

من الابتكار إلى الشمول المالي «3 من 3»

|
وحول سد الثغرات بسياسة ذكية، كيف ينبغي لصناع السياسات التكيف مع هذا العالم الشجاع الجديد؟ كيف يمكنهم جني منافع الابتكار الرقمي من أجل تحقيق الشمول المالي، مع تخفيف المخاطر "الحقيقية جدا" التي تهدد الاستقرار المالي وحقوق المستهلك؟ هناك حاجة إلى خمس مجموعات من السياسات.
- بناء بنى تحتية رقمية شاملة: تعد مبادرات مثل مبادرة الهوية الرقمية "آدهار" في الهند نقطة انطلاق نحو الحسابات وخدمات أخرى أكثر تطورا. ومن الضروري إنشاء نظم مدفوعات التجزئة السريعة القائمة على البنية التحتية العامة المفتوحة التي تضمن تكافؤ الفرص. ومن أمثلة ذلك "نظام الدفع الفوري" في روسيا، ونظام "كودي" CoDi في المكسيك، ونظام "بكس PIX " في البرازيل - وهي تسهل إجراء المدفوعات الرقمية الفورية ذات التكلفة المنخفضة أو الصفرية بين الأفراد والشركات أو الحكومات.
ويمكن للعملات الرقمية الصادرة عن البنك المركزي، التي يجري اختبارها الآن في الصين ودول أخرى وتم استخدامها بالفعل في جزر البهاما، أن تقوم بدور منصة مشتركة يمكن أن يعتمد عليها مقدمو الخدمات من القطاع الخاص في تقديم خدماتهم.
- تطبيق معايير موحدة لتعزيز المنافسة: واجه عديد من الدول الاحتكارات الرقمية بمعايير تتيح للمستخدمين نقل بياناتهم عبر منصات مختلفة. ويتيح ذلك لمختلف مقدمي الخدمات "إمكانية التشغيل البيني"، ما يدعم اختيار المستهلك والمنافسة. وتعد هذه المعايير الموحدة سلعة عامة بالغة الأهمية تساعد الأسواق الخاصة على الازدهار، حيث تشبه إلى حد كبير البروتوكولات الأساسية التي تشكل أهم عناصر الإنترنت.
- تحديث سياسات المنافسة: إن المقاييس التقليدية للمنافسة في الأسواق وأدوات مكافحة الاحتكار التقليدية ربما لم تعودا كافيتين في العصر الرقمي. فعلى سبيل المثال، قد يتجلى السلوك الاحتكاري من خلال رصد البيانات وليس الأسعار المرتفعة. ودون حدوث تدخل تنظيمي، قد تشهد الأسواق معوقات جديدة تحول دون دخولها وممارسات جديدة مخلة بالمنافسة. وكما يبين الفحص المتزايد لعمليات الدمج والاستحواذ وحراس البوابة الرقمية، قد تكون هناك حاجة إلى طرق جديدة وأكثر تقدمية لإبقاء أسواق التمويل الرقمي قائمة على المنافسة وقادرة عليها.
- تعزيز خصوصية البيانات: غالبا ما تكون القوانين المتعلقة بالبيانات المتولدة عن الخدمات الرقمية غير واضحة، ما يعني أن شركات التكنولوجيا لديها سيطرة فعلية على البيانات الحساسة. ويجب منح المستخدمين مزيدا من السيطرة والقوة. ومن الأمثلة التي يمكن الاحتذاء بها في هذا الصدد قوانين الخصوصية التي سنها الاتحاد الأوروبي، والممارسات المتعلقة بسيطرة المستخدم على البيانات المتضمنة في واجهة India Stack . وتوصلت أبحاث صادرة أخيرا، إلى أن الرجال بشكل عام أكثر استعدادا من النساء لمشاركة بياناتهم مقابل عروض خدمات مالية أفضل Chen and others، تصدر قريبا. كذلك فإن المستخدمين الأصغر سنا أكثر استعدادا لمشاركة بياناتهم مقارنة بالمستخدمين الأكبر سنا. وسيتمثل التحدي في تحديد قواعد استخدام البيانات التي تناسب المجتمع ككل - ومن المرجح أن يتطلب ذلك سن تشريعات.
- جعل صناع السياسات من جميع المجالات يعملون معا: التكنولوجيات الرقمية في مجال التمويل لا تهم البنوك المركزية والجهات التنظيمية فحسب، بل تهم أيضا أولئك المسؤولين عن حماية المنافسة والبيانات. ويجب أن تعمل البنوك المركزية والهيئات التنظيمية جنبا إلى جنب مع هيئات المنافسة والهيئات المعنية بخصوصية البيانات. وإلى جانب ذلك، من المرجح أن تؤثر السياسات في دولة ما على المستخدمين في دول أخرى. ويمكن للسلطات العمل على تسخير منافع التكنولوجيا الرقمية والتأكد من أنها تعم الجميع من خلال تنسيق سياساتها داخل الحدود وعبرها. فيجب أن تعمل البنوك المركزية والهيئات التنظيمية جنبا إلى جنب مع هيئات المنافسة والهيئات المعنية بخصوصية البيانات.
وإذا تم تصميم السلع العامة بشكل مناسب، وإذا تعاون صناع السياسات، فيمكن تسخير التكنولوجيا الرقمية لجلب مزيد من الناس - خاصة الأكثر فقرا - إلى النظام المالي. وقد يساعد الانتشار الواسع للتكنولوجيا في جعل المجتمعات ليست أكثر كفاءة فحسب، بل أكثر إنصافا وأفضل استعدادا للمستقبل الرقمي. فالابتكارات يجب أن تصمم على النحو الذي يعود بالفائدة على الجميع.
إنشرها