Author

منصة الأعمال الخيرية .. موثوقية في وصول الأموال

|
متخصص في المعاملات المالية، مستشار في المالية الإسلامية ـ الجامعة السعودية الإلكترونية
لا شك أن العمل الخيري والتبرعات جزء وركيزة في حياة المسلم والمجتمع في المملكة، وشهدت العقود الماضية حرص المواطن على التبرع لأعمال الخير رغبة في الأجر والثواب، وليرى السعادة في أعين المحتاجين إلى المال أو الدعم، ولا شك أن هذا المجال فيه تحديات كبيرة، حيث إن المال يدفع كثيرا من الناس إلى ممارسات مشروعة وغير مشروعة للحصول عليه، حيث تنتشر صور الاحتيال المتعددة من أجل الحصول على المال، كما أن عدم متابعة خطوات الحصول على المال من الجهة التي تدعي أنها تعمل في المجال الخيري إلى المستحق قد يعزز فرص الاحتيال والاستغلال للمال بصورة تمنع المستحق من الحصول عليه وتمكن غير المستحق منه، إضافة إلى أنها يمكن أن تستغل في أوجه تضر المجتمع وتهدد آمنه واستقراره.
تم إطلاق منصة إحسان لتكمل حلقة المنصات السابقة الخاصة بـ"فرجت" و"جود الإسكان"، ومجموعة من المنصات الخاصة بالتبرعات، التي تذهب للقطاع الصحي، وهو عمل لا شك أنه مميز ويحد بشكل كبير من وصول الأموال إلى غير مستحقيها. حيث إن جانب الإحسان متأصل في نفوس المواطنين، إلا أن ضعف الوعي بالمنافذ المناسبة وعدم معرفة تفاصيل عملها، يدفع البعض إلى اختيار طرق غير موثوقة للتبرع، وبالتالي يفقد المجتمع فرص تحسين أوضاع المحتاجين، إضافة إلى ضعف فاعلية التبرعات. ورغم أن المجتمع في فترة سابقة كان يهتم كثيرا بالتبرع في أوجه الخير، إلا أن مجموعة من المحتاجين لا يلمسون أثرا لهذا التبرع، ومن هنا تأتي أهمية العمل على حوكمة العمل الاجتماعي، والاهتمام بالشفافية العالية، لتحقيق الهدف منه بما يحقق أعلى درجات النفع للمحتاجين.
ولذلك، من المهم اليوم أن يكون العمل الخيري والاجتماعي منظومة ذات احترافية عالية تهتم بالمحتاجين، من خلال تحديد نوع الاحتياج وأهمية العمل على تغطية هذا الاحتياج بطرق متنوعة وموثوقة يتأكد من خلالها وصول التبرع إلى المحتاج إليه.
من خلال مراجعة لمنصات إحسان وفرجت وجود الإسكان، نلاحظ الاحترافية العالية في عرض الحالات ومقدار الاحتياج، ومنصة إحسان يمكن أن تكون هي أشمل من المنصات الأخرى، حيث تتضمن مشاريع وبرامج متنوعة وطرق عرض احترافية، ورغم أن الحالات التي تم عرضها محدودة، إلا أن المتوقع أن يكون هناك عمل أكبر لعرض حالات إضافية من الاحتياجات، حيث تغطي فعليا جميع صور الاحتياج للمحتاجين إلى الإعانة في المملكة، وتظهر شفافية العمل من خلال عرض حجم الاحتياج والنسبة المغطاة منه، كما أنها تؤكد أن هذه التبرعات هي للمحتاجين. ففي حالة تفطير الصائم أو السحور، نجد أن المبادرات التي تقدم في المساجد - مثلا - متاحة للعموم دون النظر إلى مسالة الاحتياج، إلا أن منصة إحسان ركزت بشكل أكبر على المحتاجين، وهذه درجة أعلى في تحقيق المطلوب في الاحتياج.
ومن المهم في هذه المنصات، النظر إلى حجم الاحتياج، وذلك من خلال استشارة مجموعة من أعضاء هيئة كبار العلماء في المملكة، إذ من خلال النظر إلى بعض أشكال التبرع، نجد أنه رغم أهميته، قد لا يقارن بما يكون سببا في حياة الإنسان، ومع ذلك نجد البعض يعتقد بأن بعض مجالات التبرع هي الأهم، رغم حالة الاكتفاء النسبي. لذا، من المهم أن تكون هناك إرشادات ونصائح من قبل مجموعة من هيئة كبار العلماء لتشجيع المواطن على التبرع في المجال الأكثر أهمية أو حاجة، وممكن أن يكون هناك تصنيف لحجم الاحتياج لنوع التبرع، تتم مراجعته دوريا من قبل أعضاء أو ممثلين لهيئة كبار العلماء، لمساعدة المواطن على اختيار مجال التبرع الأكثر نفعا للمجتمع، ويمكن أن يكون أكثر ثوابا في الآخرة.
الخلاصة: إن وجود المنصات الرقمية للتبرعات جهد كبير ومميز ويقدم خدمة كبيرة للمجتمع، سواء للمتبرع أو المحتاج إلى هذا التبرع أو المجتمع بصورة عامة، خصوصا في المشاريع الخدمية الوطنية، ومن المهم رفع مستوى الوعي، حيث تكون هذه المنصات هي خيار المواطن للتبرع، للموثوقية والشفافية العالية بها، ومن المقترح أن يكون هناك تصنيف لمستوى أهمية نوع التبرع باعتبار فاعليته وتأثيره في المجتمع ومستوى الحاجة إليه، وذلك من خلال آية يشارك فيها أعضاء من هيئة كبار العلماء وخبراء في المملكة.
إنشرها