default Author

رأس بطة يشفي العالم

|
أعاد لنا الجدل حول علاجات كورونا ولقاح كورونا ذكرى العلوم الزائفة والتداوي بالوهم. ترى أشخاصا كثر لا يعرفون ما اللقاح أصلا ويجادلون في أهميته وحقيقته ويفاضلون بين أنواعه، وغصت الساحة الإعلامية بحوارات مع مدعي العلم أو علماء جرفهم تيار حب الشهرة على حساب المصداقية وراء الوهم واللعب على عواطف الناس.
وبعض أدوية الوهم تباع في الصيدليات أو يحصل عليها مواطنو الدول التي تمنع مثل هذه العلاجات عن طريق الإنترنت، ففي مسح أجري على صيدليات مونتريال في كندا، وجد أن ثلثيها تبيع علاج للزكام ونزلات البرد يدعى "أوسيلوكوسينوم" وهو دواء مثلي أو ما يعرف بالعلاج الهوموباثي الذي ابتكره الطبيب الألماني صموئيل هانمان عام 1796. أوهموا الناس بأنها أدوية طبيعية مثلها مثل الأعشاب، ويعتمدون فيها على قانونين التشابه والأجزاء متناهية الصغر، بحيث يأخذون مواد سامة تسبب الإسهال والقيء مثلا ويخففونها إلى مئات الأجزاء، وكأنك تضع نقطة في حوض ماء ضخم بحيث لا يبقى للمادة السامة أثر، وتعطى للمريض الذي يعاني من الأعراض نفسها، اعتقادا منهم بمقولة "داوها بالتي كانت هي الداء"، ولتحصل على جزء من المادة الأصلية عليك تناول قرص بحجم الكرة الأرضية.
يتم تحضير "أوسيلوكوسينوم" عن طريق قطع رأس بطة روسية وأخذ 35 جراما من قلبها و15 جراما من كبدها ثم تخلط بعصارة البنكرياس والجلوكوز وتترك هذه المكونات لتختمر مدة 40 يوما، وبعد تمام الـ40 تغلى المكونات ويتم تخفيفها الىC 200 ومن ثم تعبئتها في أقراص اللاكتوز أو السكروز لتبدو كبلورات صغيرة، ومن المستحيل علميا بعد كل هذا التخفيف أن يبقى أثر لرأس البطة أو أي جزء منها، فأين ذهب العلاج؟ إنه موجود في أدمغة صانعي الوهم! ومن المستحيل على أي جهاز تحليل الكشف عن هذه المادة المخففة آلاف المرات.
أما علاج "النوسود" الذي يتصدر العلاجات الهوموباثية وأعتقد أنه أخطرها لأنه يسوق كعلاج ومانع للعدوى، ما قد يسبب تفاقم الأمراض المعدية على المدى البعيد. وتحظى مثل هذه العلاجات بالدعاية الواسعة لعلاج طيف واسع من الأمراض والأعراض المصاحبة لها من الصداع إلى السرطان - حمانا الله وإياكم - وبأسعار ليست رخيصة بالنسبة إلى ما تحتويه. إنها مجرد كرات سكر أو سائل من اللاكتوز تهدر بها مالك وتضر بها صحتك، فالشخص المقتنع بهذه الطريقة وغيرها من العلاجات الوهمية لن يتردد دقيقة في التخلص من أدويته الحقيقية ويتعلق بوهم العودة للطبيعة.
إنشرها