أخبار اقتصادية- عالمية

محلل أمريكي: رهان صندوق النقد على الولايات المتحدة لإنعاش الأسواق الناشئة خطأ

محلل أمريكي: رهان صندوق النقد على الولايات المتحدة لإنعاش الأسواق الناشئة خطأ

ينظر خبراء صندوق النقد الدولي بتفاؤل إلى آفاق هذه الأسواق، في الوقت، الذي يرتفع فيه العائد على سندات الخزانة الأمريكية بسرعة وتخرج فيه رؤوس الأموال من الأسواق الصاعدة متجهة نحو الاستثمار في الأصول المالية الأمريكية.
ويرى خبراء صندوق النقد الدولي أن نمو الاقتصاد الأمريكي بأسرع من التوقعات يوفر أساسا جيدا لنمو الاقتصادات الناشئة.
لكن ديزموند لاشمان، الباحث المقيم في معهد أمريكان إنتربرايز الأمريكي، يقول إن تقديرات خبراء الصندوق تبدو مثيرة للدهشة في ضوء ضعف حالة اقتصادات الأسواق الناشئة الرئيسة في ظل خروج رؤوس الأموال منها بقوة، بخاصة في ظل تدهور أوضاع المالية العامة بها إلى مستويات لم تحدث من قبل مع ارتفاع معدلات الدين العام لديها إلى مستويات غير مسبوقة.
ووفقا لـ "الألمانية"، في أحدث توقعاته الاقتصادية ذكر صندوق النقد الدولي أنه يتوقع نمو الاقتصادات الناشئة خلال العام الحالي بنسبة تصل إلى 6.33 في المائة، ثم 5 في المائة خلال العام المقبل، وهذا النمو المتوقع ستقوده بشكل عام منطقة آسيا والصين والهند بشكل خاص. في الوقت نفسه، يتوقع صندوق النقد انتعاش اقتصادات دول أمريكا اللاتينية وإفريقيا المثقلة بالديون، بمعدل أسرع من توقعاته السابقة.
وفي التحليل الذي نشرته مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية، قال لاشمان النائب السابق لإدارة سياسات التنمية والمراجعة في صندوق النقد الدولي، إن العامل الأساسي وراء النظرة المستقبلية الوردية لصندوق النقد بالنسبة للأسواق الناشئة، هو التحسن الكبير في توقعات نمو الاقتصاد الأمريكي. وأضاف، نتيجة حزمة التحفيز الاقتصادي الضخمة، التي أقرتها إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن والكونجرس والتقدم الكبير في توزيع اللقاحات المضادة لفيروس كورونا المستجد، يتوقع الصندوق نمو الاقتصاد الأمريكي بمعدل 6.5 في المائة خلال العام الحالي ثم بمعدل 3.5 في المائة خلال العام المقبل.
وتابع "من المنتظر أن يكون لهذا الأداء القوي للاقتصاد الأمريكي، تأثيراته الإيجابية في اقتصادات الأسواق الناشئة، مع ارتفاع أسعار السلع وتحسن آفاق السوق الأمريكية للصادرات من باقي دول العالم".
وأشار إلى أنه المثير للدهشة أن صندوق النقد الدولي، في عرضه لتوقعاته الاقتصادية المتفائلة للأسواق الناشئة، يغض الطرف عن حقيقة أنه بعد أعوام عديدة من السياسة النقدية الأمريكية فائقة المرونة، أصبحت اقتصادات الأسواق الناشئة معرضة بشدة للتوقف المفاجئ لتدفق رؤوس الأموال.
ويقول لاشمان، إن السياسات النقدية فائقة المرونة لمجلس الاحتياط الاتحادي (البنك المركزي) الأمريكي على مدى الأعوام الماضية دفعت المستثمرين إلى التحول نحو الدول الناشئة، التي وفرت عائدات أعلى على القروض، فتوسعت تلك الأسواق في الاقتراض وسمحت لماليتها العامة بالتدهور في ظل سهولة الحصول على التمويل والقروض من أسواق المال.
وأكد أن الأكثر إثارة للدهشة أنه في وقت يرتفع فيه العائد على سندات الخزانة الأمريكية طويلة المدى، يبدو صندوق النقد مبالغا في التفاؤل بشأن النمو الاقتصادي المفرط للولايات المتحدة، وحدوث دورة جديدة من التضخم المرتفع.
وأضاف، أنه في حين تطبق الولايات المتحدة الآن ميزانية تحفيز ضخمة تمثل 13 في المائة من إجمالي الناتج المحلي للعام الحالي وتعد أكبر ميزانية تحفيز في زمن السلم في تاريخ الولايات المتحدة، فإن الاقتصاد الأمريكي الآن يتعافى بوتيرة سريعة، على الرغم من أن الجزء الأكبر من الطلب الاستهلاكي في الولايات المتحدة ما زال مكبوتا نتيجة تداعيات جائحة فيروس كورونا المستجد.
ولفت إلى أن الحقيقة أن أي زيادة جديدة في أسعار الفائدة الأمريكية يمكن أن تسبب خروجا لرؤوس الأموال من الأسواق الناشئة وارتفاع تكلفة الاقتراض في هذه الأسواق، ستكون في وقت عصيب بالنسبة للاقتصادات الناشئة الرئيسة، مثل: البرازيل وجنوب إفريقيا وتركيا.
وبين أن هذه الدول ليست فقط ما زالت في قبضة جائحة فيروس كورونا المستجد وركود اقتصادي عميق، لكنها أيضا تعاني الاضطراب السياسي، الذي يقلص فرص قدرتها على التعامل مع نقاط الضعف في المالية العامة في أي وقت قريب.
وقال "هنا يظهر سؤال مهم. إذا كانت أزمات الديون والعملة لدول آسيا وأمريكا اللاتينية قد سببت في الماضي صدمات لأسواق المال العالمية، فلماذا لم نر هذا الأمر الآن في ظل أزمة ديون الأسواق الناشئة والناجمة عن ارتفاع أسعار الفائدة على سندات الخزانة الأمريكية؟ والآن تمثل الأسواق الناشئة نحو نصف الاقتصاد العالمي، ولم تكن قبل اليوم تعاني تراكم الديون، ولا الاضطرابات الاقتصادية، التي تواجهها اليوم".
وذكر لاشمان، كبير خبراء الأسواق الناشئة في بنك الاستثمار الأمريكي سالمون سميث بارني، أن طرح هذا السؤال ربما يسمح لصندوق النقد الدولي بالتوصل إلى نظرة أكثر واقعية للاقتصاد العالمي، مقارنة بما يقدمها الآن، وربما ساعده أيضا على تمهيد الأرض أمام جهد دولي للتعامل مع أزمة الديون القادمة في الأسواق الناشئة.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- عالمية