Author

التكامل المتوسطي وأهميته الاقتصادية «2 من 2»

|

* مديرة مركز التكامل المتوسطي  البنك الدولي

تشير البيانات الحالية إلى أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تتسم بدرجات تقارب اقتصادي لا تمثل حجم قدرتها الكبيرة. ويشير التحليل إلى أن الأساليب الاقتصادية السابقة لم تشمل مسائل توزيع الدخل ولم تعالجها. بيد أنه حظي بتركيز أكثر من اللازم لمسائل تقنية متعلقة بتحرير التجارة الذي لم ينفذ إلا بعضه، ولم يوجه قدر كاف من التركيز إلى الروابط بالإصلاحات القطاعية، وهو ما أدى إلى تحقيق نتائج غير مناسبة.
لا يزال بإمكان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أن تغير مسار الوضع الحالي وتستفيد من الاتجاهات العالمية. للإجابة عن كيفية تحقيق ذلك، يحتاج المرء إلى أن يفهم بشكل كامل التحديات التي تواجه المنطقة والفرص السانحة أمامها: معالجة الاختلالات الداخلية والخارجية: ينبغي إدخال تحسينات على الحوكمة للحد من الإخفاقات المؤسسية ولجذب القطاع الخاص. ومن المطلوب تطبيق مزيج صحيح من السياسات لتصحيح اختلالات الاقتصاد الكلي مع استهداف المحرومين في الوقت ذاته. وتعزيز التنسيق الإقليمي: التحرير لا يمثل علاجا شافيا. فمن الضروري أيضا وجود بنية تحتية جيدة، وخدمات لوجستية حديثة، وإدارة جمركية أفضل. وقد يشكل تعميق العلاقات التجارية داخل منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ومع أوروبا وإفريقيا جنوب الصحراء نقطة انطلاق نحو نهج التنمية المشتركة. فهو يتعلق بإعادة النظر في الاتفاقات التجارية باعتبارها أدوات للحوار بشأن السياسات. وتدعيم قدرة البيئة على الصمود: تعد منطقة البحر المتوسط من أكثر المناطق ضعفا من الناحية البيئية، حيث تتسم بنقص المياه ونوبات الجفاف والعجز في إنتاج الغذاء وارتفاع منسوب سطح البحر. ومع ذلك، فلديها بعض أفضل الموارد اللازمة للحد من الانبعاثات الكربونية من قطاع الطاقة، وربما موارد الطاقة غير الكربونية لتلبية احتياجاتها واحتياجات جيرانها. ويعد التكامل والتعاون في الأسواق الإقليمية من العوامل الأساسية في إطلاق العنان لهذه الإمكانات. ولتحسين بيئة الأعمال: يجب تسهيل ظهور مجموعة متنوعة من المؤسسات وتمويلها ونموها، وينبغي تعبئة مجتمعات الأعمال. فتحسين مناخ الاستثمار هو مفتاح جذب الاستثمار الأجنبي المباشر.
وينبغي للدول المعنية أن تعالج انعدام الأمن، وعدم كفاية فرص الحصول على التمويل، وعدم كفاية أطر القدرة التنافسية، وانتشار القطاع غير الرسمي. وبناء رأس المال البشري: يمثل رأس المال البشري في مجمله المعارف والمهارات التي يمتلكها الأفراد بما يمكنهم من إيجاد قيمة. ومن خلال تحسين التعليم والمهارات، والقدرة على التنقل، والمشاركة الاجتماعية، يمكن للشباب الحصول على وسائل تتيح لهم اتخاذ إجراءات جماعية جريئة.
وفي سوق العمل، يجب إزالة عديد من التفاوتات، بما في ذلك ما يتعلق بالفروق المختلفة في هذه السوق، وإدماج المتعلمين تعليما عاليا، والقدرة على التنقل داخل المنطقة، وكذلك القيود المفروضة على ريادة الأعمال. كما يجب اغتنام هذه التحديات والفرص فورا لتنشيط التكامل الإقليمي بكفاءة. فالمنطقة بحاجة إلى إطار جديد، حيث يشمل التكامل أبعادا جديدة، بما في ذلك الأمن والتنقل والمرونة البيئية والتقارب التنظيمي.
إنشرها