FINANCIAL TIMES

المرونة العصبية تصبح القاعدة في أسواق الأسهم

المرونة العصبية تصبح القاعدة في أسواق الأسهم

بطريقة ما وصلت أسواق الأسهم إلى نهاية الربع الأول من 2021 سالمة، ما يدل على مرونة جيدة في مواجهة كل من التحديات المفهومة جيدا والمفاجئة.
من الواضح أن الأشهر الأولى من العام لم تقدم شيئا على مستوى الصدمة الوبائية مقارنة بالفترة نفسها من 2020. لكن هناك هزات صغيرة حدثت أثناء ذلك. أولا، جحافل من المبتدئين في السوق هزمت بعضا من أذكى العقول في صناديق التحوط في ملحمة جيم ستوب.
وفي تهديد أكثر خطورة، كارثة شركة أركيجوس كابيتال الأخيرة، التي أضرت بالأسهم في محفظة مكتب العائلة عندما قذفت بها البنوك إلى السوق المفتوحة لتباع بسعر زهيد، تركت البنوك الاستثمارية، بما في ذلك نومورا كريدي سويس، تتكبد خسائر بلغت مليارات الدولارات.
بعد أعوام من الآن، من المرجح أن نتذكر قضية أركيجوس باعتبارها فترة مهمة للمضاربين. ما لم يكن لديها توق وتعطش للتجربة نفسها التي مر بها نومورا وكريدي سويس، وهو أمر غير مرجح، فمن شبه المؤكد أن البنوك ستضيق الخناق على قوة المضاربة التي تتيحها للعملاء، إما لوحدها وإما من خلال أوامر من الأجهزة التنظيمية.
برغم كل شيء، كما تجادل مجموعة تي إس لومبارد، بشكل مقنع "أظهرت أركيجوس تأثير التقليص الإلزامي للرفع المالي في الأسواق المالية".
مع أن أركيجوس تبدو كأنها حدث متطرف، إلا أن إعادة التفكير في الرفع المالي – حيث يستخدم المتداولون الأموال المقترضة أو المشتقات لزيادة التعرض ـ تبقى أمرا محتملا.
كتب أندريا سيسيون، من مجموعة تي إس لومبارد، "يجب توخي الحذر. خلال الأشهر الستة المقبلة، من المحتمل أن نشهد فترة من التوسع الاقتصادي لم نشهد مثلها منذ الثمانينيات. من المرجح أن ترتفع الأصول الخطرة أكثر من أن تنخفض في مثل هذه البيئة. لكن (...) حادثة أركيجوس ربما تدفع المستثمرين والبنوك إلى التفكير في المستوى المناسب لاتخاذ المخاطر الآن وتقليل الرفع المالي وفقا لذلك".
ربما. على الهوامش، من المؤكد أن يؤدي هذا إلى تهدئة بعض المجالات ذات الزَبَد في أسواق الأصول العالمية.
لكن في الوقت الحالي، رد الفعل في الأسواق الأوسع: ليست هناك شكوى. بدلا من ذلك، الأغلبية العظمى من مديري الصناديق يجلسون الآن وفي أيديهم الفشار ويستعدون لمشاهدة التداعيات المثيرة للاهتمام. يتساءل مديرو صناديق التحوط عن الوقت الذي قد تدعو فيه البنوك التي يتعاملون معها إلى محادثة بشأن الرفع المالي، لكن في الوقت الحالي، لن توقف البنوك التعامل في هذا المجال.
من الصعب أن نتخيل أن مثل أزمة إدارة المخاطر العميقة هذه للبنوك، ولا سيما في بنك كريدي سويس، الذي شعر بالحرج أيضا بسبب ملحمة جرينسيل كابيتال، كان من الممكن أن تترك هذا الأثر الضئيل على الأسواق لو أنها حدثت في عصر مبكر. لكن عندما يكون الشيء الوحيد المهم لأسعار الأصول هو سخاء البنوك المركزية - ليس ميزة جديدة، لكنه تكثف بسبب الوباء - فمن الصعب على أي شيء آخر أن يحدث مشكلات.
في الواقع الموضوع الوحيد الذي ترك بصمة حقا هذا الربع هو المخاطر البعيدة لسحب هذا النوع من الدعم. في الحقيقة هذا هو كل ما يهم. لم يرتفع التضخم بشكل ملموس حتى الآن، لكن التوقعات بأنه سيفعل، خاصة بعد إقرار حزمة الدعم المالي الهائلة لجو بايدن، كانت كافية لإنتاج أسوأ ربع سنوي بالنسبة للسندات الحكومية الأمريكية طويلة الأجل منذ أربعة عقود.
من الواضح أن هذا نبأ سيئ بالنسبة لحاملي تلك السندات. وبدرجة أقل، هذا ألحق الضرر أيضا بأسعار السندات في أوروبا وأماكن أخرى. لكن الخوف من أن هذا سيؤدي تلقائيا إلى تعثر الأسهم ثبت أنه خاطئ. فقد تبين في النهاية أن بالإمكان الحصول على عوائد سندات أعلى وأسواق أسهم أعلى.
قال لوك بارز، رئيس إدارة محافظ الأسهم الأساسية لأوروبا وآسيا في جولدمان ساكس لإدارة الأصول "بالتأكيد يمكنك الحصول على كليهما". بالنسبة للشركات المربحة على الأقل "أسعار الفائدة لا تعد أساسية لقيمة الأعمال الجوهرية"، خاصة عندما تكون الشركات ذات الأداء العالي جالسة على أكوام ضخمة من النقدية التي تراكمت خلال أزمة الوباء.
ستتمحور الأسواق قريبا حول التركيز على استدامة الانتعاش. وهذا هو السبب في أن مؤشر إس آند بي 500 ارتفع ما يقارب 6 في المائة في الربع الأول، ليصل إلى مستوى قياسي. مؤشر ناسداك الذي يركز على التكنولوجيا حصل على جولة أكثر صعوبة، لكنه ارتفع مع ذلك 3 في المائة، مرة أخرى ليقترب من مستوى قياسي. في أوروبا حقق مؤشر داكس في ألمانيا ارتفاعا مذهلا بلغ 9 في المائة، بينما أضافت البنوك في المنطقة نحو 20 في المائة ـ 20 في المائة من قاعدة منخفضة، لكنها مع ذلك ليست نسبة يستهان بها.
هذا المسار لم يكن سلسا. ارتفاع عائدات السندات يشكل تحديا. وعلينا أن نتوقع المزيد من ذلك في الأرباع المقبلة. قالت جوربريت جيل، المتخصصة في الدخل الثابت في جولدمان ساكس لإدارة الأصول، إنها تتوقع أن تجلب الأشهر القليلة المقبلة "نوبات غضب البيانات". سيكافح المستثمرون لتفسير البيانات الاقتصادية في حقبة ما بعد الجائحة. ضرب الفيروس الاقتصادات بشدة لدرجة أن مقارنة البيانات على أساس سنوي أصبحت بلا معنى إلى حد ما.
إضافة إلى ذلك، معرفة أي الشركات التي ستنجح أو تفشل بعد فيروس كورونا أمر صعب. قال بيتر روتر، رئيس قسم الأسهم في رويال لندن لإدارة الأصول، إن بعض الفائزين نتيجة الإغلاق يعملون على نماذج "ربما لا تبقى صالحة" عند عودة الحياة الطبيعية.
في حين أن مؤشرات الأسهم الإجمالية تتجه نحو الارتفاع، فإن قطاعات، مثل البنوك، وعوامل، مثل القيمة، تأخذ زمام المبادرة بينما يكافح الآخرون. قال روتر إن هذا كان أحد الأشياء التي جعلت السوق "تتحرك بشكل عصبي للغاية".
يبدو أن المرونة العصبية ستكون موضوع الربع الثاني.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES