FINANCIAL TIMES

مومباي تكشف وجهها القبيح .. سيارة مفخخة تستهدف موكيش أمباني

مومباي تكشف وجهها القبيح .. سيارة مفخخة تستهدف موكيش أمباني

موكيش أمبان والسيارة المفخخة وناطحة السحاب التي يسكن فيها أغنى رجل في الهند.

سيارة الدفع الرباعي المغبرة ذات اللون الأخضر العسكري، المتوقفة في شارع محاط بالأشجار على بعد بضع مئات الأمتار من ناطحة السحاب في مومباي، التي يسكن فيها أغنى رجل في الهند، لم تكن تبدو أنها شيء لافت للنظر.
مع ذلك، اكتشفت الشرطة في الداخل شيئا مثيرا للقلق: عدد من المتفجرات ورسالة قالت وسائل إعلام محلية إنها تحذر الملياردير موكيش أمباني، رئيس مجلس ادارة مجموعة ريلاينس إندستريز، أن هذا مجرد "عينة" لما هو آت.
التقلبات والتطورات التي أعقبت الخوف من التفجير في أواخر شباط (فبراير) تصاعدت إلى واحدة من أكثر الفضائح العجيبة في الهند.
الرجل المرتبط بسيارة الدفع الرباعي وجد ميتا، طافيا في جدول. تم القبض على رجل شرطة قيل إن له علاقات سياسية - وماض عنيف مزعوم. تم إبعاد رئيس الشرطة في مومباي، فاتهم وزير الداخلية بإدارة عملية ابتزاز معقدة في المدينة.
لطالما اشتهرت العاصمة الاقتصادية للهند بأنها مدينة متطرفة، والمكاتب اللامعة واستديوهات الأفلام فيها بنيت فوق قاعدة سيئة السمعة من السياسات العدائية وممارسات العصابات.
لكن وفقا لبعض المحللين، ليست هناك سابقة تذكر للطريقة التي أدى بها الجدل الأخير إلى كشف الأعمال الداخلية الفوضوية لمومباي والصفقات خلف الكواليس التي تربط السياسة، والشرطة، والجريمة في معظم أنحاء البلاد.
قال سوهاس بالشيكار، أستاذ العلوم السياسية سابقا في جامعة سافيتريباش فولي بون، "النتيجة الحقيقية هي التدهور الجماعي للمؤسسات. فهي لا تبقى مجرد قصة للتدهور الإداري. بل هي تعني أيضا أن هناك فشلا تاما للسياسة (...) الجانب العجيب جديد، لكن دائما ما كانت جميع العناصر موجودة".
بعد العثور على جثة مانسوخ هيرن، وهو رجل أعمال قليل الأهمية من الضواحي ربطت الشرطة سيارة الدفع الرباعي به – قبل موته أبلغ عن فقدان المركبة - ألقى المحققون القبض على مسؤول الشرطة، ساشين فاز، لدوره المزعوم في مؤامرة المتفجرات.
قال فاز في المحكمة إنه "كبش فداء"، ذلك وفقا لمحام يمثله، وإنه ليس متورطا في الجريمة.
ربما كانت الفضيحة ستتلاشى لولا تدخل بارام بير سينج، مفوض الشرطة السابق في مومباي، الذي نقل من منصبه بعد أيام من اعتقال فاز.
زعم سينج في رسالة تم تداولها على نطاق واسع أن وزير الداخلية في ماهاراشترا، الولاية التي تضم مدينة مومباي، أراد أن مِن فاز أن يساعد على جمع مليار روبية (14 مليون دولار) شهريا كمدفوعات من شركات مثل المطاعم والحانات. أكد المحامي الذي يمثل سينج صحة الرسالة.
رفع سينج دعوى قضائية طلب فيها أن تجري الحكومة المركزية تحقيقا في ادعاءاته ـ يجري النظر فيها الآن في محكمة مومباي العليا.
أجاب أنيل ديشموخ، وزير الداخلية في ماهاراشترا، في رسالة نشرت على تويتر أن مزاعم سينج هي " تماما ولا أساس لها من الصحة". ووصفها بأنها جزء من "مؤامرة" لصرف الانتباه عن قضية المتفجرات وتقويض حكومة الولاية.
من بين الأسئلة الكثيرة التي لا تزال من دون إجابة هو ماذا أراد الذين يقفون وراء مؤامرة التفجير من أمباني، إن كان هناك هدف وراء ذلك؟ رفضت مجموعة ريلاينس التعليق، لكنها قالت سابقا إنها واثقة أن الشرطة "ستكمل تحقيقها الشامل بسرعة".
كان يمكن أن يكون للفضحية تداعيات سياسية أوسع. يدير ولاية ماهاراشترا ائتلاف بقيادة حزب اليمين القومي شيف سينا، الذي انفصل عن حزب رئيس الوزراء ناريندرا مودي، بهاراتيا جاناتا، بعد انتخابات الولاية في 2019.
هذه الأحداث أحيت ذكريات حقبة التسعينيات في مومباي - التي كانت تعرف سابقا باسم بومباي - عندما كان عالم الجريمة في المدينة في ذروته. تمت الإشادة بضباط الشرطة المهمين الذين اشتهروا بتكتيكاتهم القاسية، بما في ذلك عمليات القتل خارج نطاق القانون للمجرمين المشتبه بهم، باعتبارهم أبطالا وتمتعوا بالدعم السياسي.
وفقا لتقارير وسائل الإعلام، اشتهر فاز بأنه واحدا منهم. وحول ضحاياه المزعومين، ورد أنه قال لصحيفة الجارديان في 2011: "أنا لا أفكر بالأمر أبدا. كل واحد منهم استحق الموت وقد ماتوا".
تم إيقاف فاز من العمل في الشرطة في 2004 لدوره المزعوم في وفاة شخص أثناء الاحتجاز، على الرغم من أنه وصفها بأنها "قضية كاذبة"، وفقا لمحاميه. لكن بعد ذلك انضم إلى حزب شيف سينا أعيد إلى العمل في الشرطة العام الماضي، بحسب تقارير وسائل الإعلام. لم نستطع الوصول إلى فاز للحصول على تعليق.
قال صحافي في المدينة "هذه قصة تدل على حقيقة بومباي. إنها فيلم إثارة أنموذجي من بوليوود. هناك الكثير من جوانب الإثارة بقدر ما يمكنك وضعه في نص بوليوودي أنموذجي".
قال ضباط شرطة سابقون إن الفضيحة أكدت الحاجة إلى الحد من تسييس أجهزة إنفاذ القانون، التي تسمح للسياسيين بتحديد التعيينات والتنقلات، ما يترك الشرطة مدينة بالفضل للأحزاب الحاكمة.
قالت ميران شادها بوروانكار، التي تولت سابقا مناصب رفيعة المستوى في قوات الشرطة الوطنية وولاية ماهاراشترا "بطريقة ما، من الجيد أنها أخرجت (إلى العلن) العلاقة المزعومة بين الشرطة والسياسيين، على الرغم من ضرورة إجراء تحقيق لإثبات التهم".
أضافت أن "الأحزاب السياسية في السلطة تتوقع عموما من الشرطة أن تحذو حذوها وتتصرف لمصلحتها في مناطق رمادية وأحيانا سوداء غير شرعية تماما، كما زعم في الرسالة المذكورة للمفوض السابق. ينبغي أن نسعى لتكون لدينا مؤسسة شرطة مستقلة بدلا من النظام الحالي حيث نحن تحت رحمة السياسيين".
يمكن أن يكون لهذه القضية المروعة تداعيات وطنية إذا أزعجت ميزان القوى في ولاية ماهاراشترا، التي تعد واحدة من أكبر الجوائز السياسية في البلاد لحجمها وثقلها
الاقتصادي.
واصل حزب بهاراتيا جاناتا منافسة شرسة مع الحكومة بقيادة شيف سينا، وشجب سلوكها المزعوم. قال محللون سياسيون إن هذا قد يمنح حزب مودي في النهاية فرصة أخرى للسيطرة على السلطة في الولاية إذا ضعف التحالف الذي يحكمها بما فيه الكفاية.
قال ميلان فايشناف، زميل أعلى في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي: "بالنسبة لحزب بهاراتيا جاناتا هذه فرصة سياسية مصممة خصيصا. حتى لو لم يعودوا إلى السلطة، يمكنهم يحققوا منها مكاسب، عندما تأتي الانتخابات".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES