FINANCIAL TIMES

نداء للمستثمرين .. دعوا جولدمان وخذوا النصيحة من الحدائق

نداء للمستثمرين .. دعوا جولدمان وخذوا النصيحة من الحدائق

فريق من سائقي الدراجات الذين يعملون مع شركة ديليفرو.

على مدار العام الماضي، لا بد أنك سمعت كثيرا عما يحرك أسواق الأسهم. قيل لك إن المعايير البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات تهم أكثر من أي شيء آخر، الشركات "الأفضل" تقدم عائدات أفضل.
ربما قيل لك أيضا إن الوباء غير ديناميكيات الاقتصادات تماما. فقد حرك رقمنة لا هوادة فيها، وغير إلى الأبد الطريقة التي نعيش ونعمل بها. لن يعود أي شخص إلى المكتب بدوام كامل، أو يتسوق مرة أخرى من متاجر التجزئة الفعلية على الأرض، أو يطبخ بنفسه مرة أخرى. إنها خدمة التوصيل إلى المنزل، إلى الأبد.
قد يكون الكثير من هذا صحيحا. لكن عند الاستماع إلى الكثير من هذا الكلام الفارغ، يبدو الأمر كما لو أننا وصلنا إلى نقطة في دورة السوق حيث يفضل الجميع القصص على الواقع. خذ مثلا شركة توصيل الطعام ديليفرو، التي تم إدراجها في بورصة المملكة المتحدة الأسبوع الماضي. لم تسر الأمور على ما يرام: أغلقت الأسهم على انخفاض بنسبة 26 في المائة في أول يوم تداول لها.
كثير من الناس لديهم الكثير ليقولوه حول هذا الموضوع. يعتقد بعضهم أن السبب في ذلك هو هيكل الأسهم المزدوجة لشركة ديليفرو: يمتلك الرئيس التنفيذي، ويل شو، أسهما تتمتع بقوة تصويت تبلغ 20 ضعف قوة تصويت الآخرين. يعتقد بعضهم أن الأمر يتعلق بالمخاوف التنظيمية: ماذا لو انتهى الأمر إلى أن تصبح تكلفة سائقي الدراجات الذين يعملون في الشركة مساوية لتكلفة الموظفين؟ يقول آخرون إن الأمر يتعلق بتغيير في تصورات المستثمرين. مع بدء عمل اللقاحات وتخفيف عمليات الإغلاق، بدأت تتراجع فكرة أننا نقوم بتغيير تام في طريقة عيشنا واستهلاكنا.
الكثير من هذا كلام فارغ ذكي. قد يبدو من السخف قول ذلك، لكن الانحدار في سعر سهم ديليفرو لم يكن فقط بسبب الشغف الجديد من مديري الصناديق بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة أو أي من هذه الأشياء الأخرى. كان الأمر يتعلق بسعر السهم.
تقييم الشركة البالغ 7.6 مليار جنيه، وهو أعلى تقييم لاكتتاب عام أولي بريطاني منذ إدراج شركة جلينكور في 2011، كان ببساطة تقييما أكثر من اللازم يطلب من المستثمرين لشركة خاسرة تعمل في سوق لديها قليل من الحواجز التي تمنع الدخول. قد تكون ديليفرو شركة رائعة ومبتكرة وسريعة النمو سوف تبلغ قيمتها 7.6 مليار جنيه في يوم من الأيام – لكن بالتأكيد ليس الأسبوع الماضي.
ربما لم يكن هذا الأمر مهما في الفترة الماضية وحتى قبل شهرين. عوائد السندات المنخفضة للغاية، التي تجعل من السهل تحمل نقص الدخل من الشركات الخاسرة، جعلت كثيرا من المستثمرين يقدرون نجاح الشركة المفترض في المستقبل أكثر من نجاح الشركة الفعلي اليوم. حتى في بداية الوباء، كانت فجوة التقييم هذه بين أسهم النمو وأسهم القيمة عالية عند مستوى قياسي. وأصبحت أكبر في معظم 2020. في بعض القطاعات سريعة النمو لم تعد أساسيات الشركات وأسعار الأسهم مهمة.
فلماذا أصبح تقييم ديليفرو مهما فجأة؟ تتمثل إحدى الإجابات في أن ارتفاع عائدات السندات يجعل الآن القطاعات الأكثر جنونا في السوق تعود إلى رشدها. في الربع الأخير وحده تضاعف العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشرة أعوام تقريبا ليصل إلى 1.7 في المائة. ومع توقع التضخم هناك احتمال كبير أن تستمر العائدات في الارتفاع من هنا.
قد ينظر بعضهم إلى هذا، ويرى ديليفرو باعتبارها نذير خطر، ويسارع لبيع كل شيء. لكن مثلما يجب أن نكون حريصين على عدم استقراء الاتجاهات الحديثة في توصيل الأغذية بعيدا في المستقبل، نحتاج إلى توخي الحذر حتى لا نعتمد كثيرا على ما تعنيه عوائد السندات المتزايدة للأسواق في الآونة الأخيرة. من السهل جدا العثور على فترات لم يترجم فيها ارتفاع عائدات السندات إلى انخفاض أسعار الأسهم. ما عليك سوى إلقاء نظرة على ما حدث في عشرينيات وستينيات القرن الماضي، كما يقول ديلان جرايس، من كالديروود كابيتال.
في الواقع، إذا درست كيف تغيرت أسعار الأسهم والعوائد على المدى الطويل، من الصعب أن تجد الكثير من العلاقة بينهما على الإطلاق. حتى في حالات تراجع السندات السيئ حقا، لا يكون أداء الأسهم ككل سيئا دائما. الاتجاه الذي تذهب إليه عائدات السندات هو أقل أهمية من النقطة التي تبدأ منها أسعار الأسهم. بعبارة أخرى، مع ارتفاع عائدات السندات، هناك احتمال كبير أن تعاني أي أصول مبالغ في أسعارها، مثل أسهم النمو. لكن أي شيء بسعر معقول ومعرض لإعادة الانفتاح الاقتصادي لن يعاني.
لذلك ينبغي على أي شخص يتساءل عن كيفية الاستثمار خلال العام المقبل أن ينظر إلى ما حدث في الحدائق الإنجليزية الأسبوع الماضي. الإثنين، قبل يومين من فشل ديليفرو، سمح تخفيف لوائح الإغلاق لستة أشخاص بالالتقاء في الخارج - كما فعلوا. أي شخص يرى هذه الحشود كان سيتخلى بشكل منطقي عن فكرة شراء أي شيء يتضمن التوصيل إلى المنازل، وبدلا من ذلك يسارع إلى شراء الأصول المرتبطة بالسفر أو الطاقة أو السيارات أو التجزئة أو السلع.
هذا درس للمصرفيين المشغولين في جولدمان ساكس وجيه بي مورجان، الذين أخطأوا في تسعير صفقة ديليفرو وكان يجدر بهم أن يرفعوا رؤوسهم عن جداول بياناتهم وأن يتحققوا من العالم الحقيقي بدلا من ذلك. التحول إلى القيمة من النمو جار بالفعل: أحد المؤشرات الكلاسيكية للقيمة، وهو فاينانشيال تايمز 100، ارتفع 21 في المائة منذ نهاية تشرين الأول (أكتوبر)، لكن يفترض أن تكون أمامه مسافة أكبر للتقدم.
هناك شيء أكثر أهمية ينبغي أن يفكر فيه المستثمرون. صحيح أن تحليل جرايس يظهر علاقة غامضة بين عوائد السندات وأسعار الأسهم. لكنه يظهر بالتأكيد صلة واحدة واضحة: يغلب على عوائد السندات المتزايدة أن تتزامن مع التقلبات المتصاعدة. لذلك هناك شيء واحد يمكنك التأكد منه إلى حد ما بشأن السوق خلال الأعوام القليلة المقبلة: إنها ستخيفك.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES