Author

إنسانية وتعليم .. رسالة سامية 

|

 منذ تدفق النفط على هذه الأرض المباركة، ومعه ثروته الطيبة، حرصت المملكة على خدمة العالم الإسلامي، من خلال تنفيذ عديد من المشاريع الخيرية، وأعمال الإغاثة الإنسانية، ولم تتوان في دعم الدول التي ضربتها الكوارث الطبيعية والشعوب التي أنهكتها الحروب الأهلية والنزاعات المسلحة، وعلى هذا النهج استمر الملوك من أبناء الملك عبدالعزيز، الذين لم يألوا جهدا في خدمة الإسلام والعالم أجمع. يضع مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية على بوابته الإلكترونية، خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، بمناسبة تدشين المركز الذي يؤكد فيه الملك - حفظه الله - أن هذا المركز يعد امتدادا للدور الإنساني للسعودية ورسالتها العالمية ليكون مركزا دوليا رائدا لإغاثة المجتمعات ودعم الدول التي تعاني أزمات مختلفة، كما تبرع الملك حينها بمليار ريال للأعمال الإغاثية والإنسانية التي يقوم بها المركز، بخلاف ما تم تخصيصه سابقا بأوامر ملكية تجاوزت قيمتها مليار ريال استجابة للاحتياجات الإنسانية والإغاثية للشعب اليمني الشقيق. وفي تلك المناسبة، أكد خادم الحرمين الشريفين ضرورة العمل بالتعاون مع المؤسسات والهيئات الإغاثية الدولية المعتمدة.

على هذا المنهج المرسوم بدقة، عمل المركز على تنفيذ برامج الدعم من خلال تعاون كبير مع المؤسسات الدولية، وركز على جانبي رعاية الطفولة وجانب التعليم بشكل أساسي، ذلك أن حماية الطفل من تبعات الحروب وآثارها النفسية هي التي ستضمن كسر حلقة العنف المستحكمة في بعض الدول، فالأطفال الذين يتم تنشئتهم في حالة الحرب ولم تتم حمايتهم أو تعليمهم، سيكونون حتما وقودا لهذه الحروب في المستقبل، لهذا فإن التركيز على حماية الطفولة يعني تجفيف منابع العنف والإرهاب والتوتر في كل المناطق المنكوبة. كما أن اهتمام المركز بالتعليم يعني بناء جيل متعلم قادر على استخدام الحوار والبناء وقبول الخلاف مع الآخر لحل النزاعات بدلا من استخدام السلاح الفتاك. لقد أثبتت التجارب الإنسانية أن المناطق التي تتعرض للتقلبات السياسية والانفلات الأمني، كانت قد تعرضت في مرحلة ما لتشوهات فكرية ممنهجة، ولهذا فإن التعليم حصن للمجتمع من الانزلاق في هذا المستنقع.

من هنا، وقع المركز اتفاقية مشتركة مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونسيف" لتنفيذ سبعة مشاريع متنوعة بقيمة 46 مليون دولار لمصلحة اليمن. هنا نقرأ بوضوح توجيهات لخادم الحرمين الشريفين، في التعاون مع المؤسسات الدولية وليس مع الأحزاب أو التكتلات التي تتنازع في الميدان، فالمملكة ومن خلال مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، لا تعمل في اليمن من أجل فرض واقع معين على الشعب اليمني، بل هي تعمل من أجل منح الشعب حقه المشروع بعيدا عن التدخلات الخارجية السافرة، التي تقودها إيران بكل وضوح في تسليح الميليشيات الحوثية، فهنا يتضح الفرق بين من يدعم الشعب وينشر التعليم ويحمي الطفولة من خلال مؤسسات دولية ذات مصداقية وبشفافية عالية، وبين من يعمل في الخفاء لتجنيد الأطفال وإرسالهم لحتفهم. لقد استهدف المركز دعم وصول الأطفال اليمنيين المتضررين من جائحة كوفيد - 19 إلى فرص التعليم من خلال التعلم عن بعد ودعم خطط الاستعداد للعودة إلى المدارس بشكل آمن، وبناء قدرات الكوادر والمؤسسات التعليمية، من خلال تقديم برامج التدريب ورفع الوعي للتعامل مع الجائحة في البيئة التعليمية بالتعاون مع وزارة التعليم والقنوات المحلية في 20 محافظة يمنية، هذا الدعم تم من خلال التعاون مع المكتب الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلم "اليونسكو" في الدول العربية.

كما تم تنفيذ ثلاثة مشاريع تربوية في اليمن لتعزيز فرص التعليم لدى الأطفال خارج المدرسة، تحمل شعارات "التعليم هو السلام"، و"من حقي أن أتطور"، و"من حقي أن أتعلم". ونفذ المركز بالتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة، مشروع المساعدة على إدماج الطلاب العائدين والنازحين في المجتمعات المستضعفة في محافظة لحج اليمنية بتكلفة بلغت مليون دولار. ولم تقتصر أعمال مركز الملك سلمان على اليمن، بل شملت الدول العربية الأخرى التي تعاني واقعا مماثلا، فقد وقع المركز مع "اليونسكو" لتنفيذ عدد من المشاريع التي تستهدف دعم اللاجئين السوريين في لبنان، ومن ذلك توسيع فرص النفاذ إلى التعليم ودعم تأهيل الأمهات، ويستفيد من المشروع نحو 10800 مستفيد بقيمة ثلاثة ملايين دولار، فيما هدف مشروع ثان بالشراكة مع "اليونسكو" لبناء القدرات والتدريب، وتبادل المعلومات، والدراسات والبحوث، بقيمة إجمالية بلغت مليونين و213 ألف دولار.

وفي دول العالم الأخرى بلغت مشاريع التعليم التي نفذها المركز منذ إنشائه حتى الآن 84 مشروعا في 15 دولة شملت باكستان، وأفغانستان، وإندونيسيا، والصومال، وماينمار، ومالي، والسودان، والعراق، وكذلك تايلاند وتنزانيا، وبوركينا فاسو، وذلك بتكلفة إجمالية بلغت نحو 200 مليون دولار بهدف دعم الخدمات التعليمية وتهيئة البنية التحتية للمدارس وتأمين مصاريف تشغيلها، وتوفير المستلزمات الدراسية للطلاب والطالبات، إضافة إلى تدريب المعلمين والمعلمات مهنيا، وبناء قدرات المختصين بحماية الأطفال في مجال الدعم النفسي والاجتماعي، وكذلك دعم وتأهيل أمهات الأطفال عبر برامج تربوية وتعليمية توعوية ومهنية.

إنشرها