Author

لا تقتل المتعة وتدمر السعادة

|
تداولت وسائل التواصل الاجتماعي مقطع فيديو رائعا لأحد المواطنين، بعنوان "لا تقتل المتعة"، وقد وفق في اقتناص موضوع بسيط ومهم جدا، ولفت الانتباه وتداوله الناس، لأن عبارة "لا تقتل المتعة" كلمات مختصرة ومعبرة لا تحتاج إلى إيضاح، وقد داعبت النفوس، وجاءت على الجرح، كما يقال بالعامية. وبالفعل هناك كثيرون يقتلون متعة الآخرين دون أن يشعروا أو يقصدوا، ولكنها طباع أو ربما ثقافة تحتاج إلى تغيير وتهذيب! وعلاوة على قتل متعة الآخرين، فإن هناك أناسا يقتلون متعتهم ويحطمون سعادتهم بأنفسهم! وعلى الرغم من التشابه بين المتعة والسعادة، فإن المتعة تختلف عن السعادة، فالمتعة شعور بالتمتع لوقت قصير نتيجة عوامل خارجية غريزية أو سلوكية ونحوها، أما السعادة فهي حالة ذهنية ومشاعر رضا عن الحياة تأتي من داخل النفس، وتدوم في الغالب لمدة أطول.
كثير من الناس يقتل متعة الآخرين دون قصد أو إحساس أو شعور، فعلى سبيل المثال، إنسان يعرض مغامرات رحلته، أو تجربته الجديدة في مجال معين بحماس وفرحة ونشوة، فيقاطعه أحد الحضور بالقول إن هذا المجال قديم ومعروف، ولا يستحق الاهتمام أو أنه سبق أن جربه ولم يجد فيه أي متعة أو فائدة! والأقسى من ذلك أن يعرض عليك ابنك تجربته الجديدة مع رياضة أو هواية معينة، فتقتل متعته بالقول ينبغي التركيز على دراستك أفضل من هذه الهواية غير المفيدة. كذلك تفرح بالانتهاء من إنجاز بيت العمر، فيأتي أحد الأصدقاء أو الأقارب يتجول في أرجاء المنزل ينقب عن العيوب والسلبيات التي تقتل متعة الإنجاز.
إذا لم تتنبه لتصرفاتك وتعاملاتك مع الآخرين، فتأكد أنك تقتل متعة الكثيرين دون أن تشعر، لذلك راجع كلماتك وردود أفعالك تجاه تجارب الآخرين. وفي كل الأحوال، لديك حرية بألا تستمتع، ولكن ليس من حقك أن تقتل متعة الآخرين.
ولا يقل عن ذلك أهمية، أن تعمد إلى قتل متعتك وتبدد سعادتك بنفسك! فمن المؤسف أن بعض الناس يقتل متعته ويعكر صفو حياته من خلال ممارسات وتصرفات تحدث أحيانا بعفوية، ومنها: (1) مقارنة نفسك بالآخرين باستمرار، ما يؤدي إلى عدم الرضا عن حياتك ومنجزاتك ومكتسباتك، ومن ثم تدمر أي متعة بمنجز معين، ولا يقتصر تأثير ذلك في المتعة، بل سيؤثر ذلك حتما في سعادتك، وهذا هو الأهم، لأن المقارنة غالبا غير عادلة لكثرة الاختلافات بين الناس في سماتهم وخصائصهم وقيمهم والإمكانات التي لديهم. (2) عدم تقدير ما لديك، فلا يحتاج الأمر إلى بحث لتكتشف أن لديك ما يكفي لإسعادك، لأن السعادة نسبية، فإذا لم تأخذ وقتا لتقدير ما لديك من نعم، فلن تشعر أبدا بأن لديك ما يكفي، فشكر الله وحمده على نعمه يقللان التوتر ويجلبان راحة البال. (3) التركيز على الماضي، أو خشية المستقبل، وعدم التمتع بالعيش في الحاضر، يقتل أي متعة ويبدد أي سعادة. فالتفكير في الماضي يجعلك حبيس الماضي، بأحداثه ومشكلاته التي تثقل كاهلك، ما يفوت عليك فرص التمتع بالحاضر، كما أن القلق بشأن ما هو قادم وخشية التعامل معه، يجعلانك تعيش بعيدا عن حاضرك، (4) الابتعاد عن جلد الذات على الرغم من فائدة النقد الذاتي في تحديد العيوب، ومن ثم تحسين الأداء والتعامل مع الناس، فإن المبالغة في النقد الذاتي المستمر تحطم الهمم وتقتل المتعة بأي إنجاز. (5) الابتعاد عن الأشخاص السلبيين الذين يمتصون الفرح والبهجة من حياتك ويبددون المتعة أيا كان نوعها.
وأخيرا، تحية لصاحب عبارة "لا تقتل المتعة"، ودعواتي لجميع القراء بسعادة دائمة ومتعة متكررة لا تنقطع.
إنشرها