Author

«شريك» وزيادة إسهام القطاع الخاص

|
متخصص في المعاملات المالية، مستشار في المالية الإسلامية ـ الجامعة السعودية الإلكترونية

خلال أسبوع، كان هناك عديد من المبادرات الضخمة، التي تنوعت بين المبادرات السياسية فيما يتعلق بأزمة الشقيقة اليمن، ومبادرة تتعلق بالبيئة فيما يتعلق بحراك على مستوى المنطقة لزيادة المناطق الخضراء من خلال التشجير بما يزيد من الغطاء النباتي ويخفف من آثار التصحر، ومن المبادرات الكبيرة والضخمة جدا ما تم إعلانه من قبل ولي العهد - حفظه الله - عن برنامج شريك لإنفاق 27 تريليون ريال، بما يدعم نشاط القطاع الخاص في المملكة ويدعم نمو الاقتصاد الوطني وتوفير فرص العمل والفرص لرواد الأعمال لمشاريعهم الخاصة.
إسهامات القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني تطورت بشكل ملحوظ خلال خمسة أعوام، والفرص خلال المرحلة المقبلة ستكون كبيرة - بإذن الله -، ولا بد من ملاحظة التطور في عملية السعي إلى تحقيق نمو اقتصادي كبير والاستفادة من مجموعة من الإجراءات والمبادرات الحكومية لتعزيز وتمكين القطاع الخاص، من خلال برامج التخصيص ودعم استقطاب الاستثمار الأجنبي وتوفير الفرص الاستثمارية بتنوعها، ومنها تشجيع الشركات العالمية التي لها مراكز إقليمية في المنطقة، إلى أن تكون مراكزها الإقليمية في المملكة، لتحصل على فرص المنافسة على المشاريع والمناقصات الحكومية، وبرامج تنويع مصادر الدخل، من خلال الانفتاح بصورة أكبر على برامج دعم السياحة والترفيه والخدمات والصناعة والإنفاق بصورة أكبر على البنية التحتية، وكل هذا الحراك يأتي في إطار عمل كبير للوصول إلى مستهدفات رؤية المملكة 2030، التي لاحظ الجميع أن المملكة حققت تقدما كبيرا في هذا الاتجاه، ببرامج تنفيذية وعمل على كفاءة الإنفاق وإدارة الموارد بكفاءة، كما أن ذلك تزامن مع حراك لرفع كفاءة البيئة التشريعية والتنظيمية، والارتقاء بجودة الحياة في المملكة. والحقيقة: إن هذا الإعلان من ولي العهد، تم البدء به فعليا، من خلال ضخ ميزانية ضخمة لمشاريع أسهم فيها القطاع الخاص بصورة رئيسة، في مشاريع عملاقة في "نيوم" و"البحر الأحمر"، وغيرها من المشاريع، إلا أن الإعلان اليوم هو أشبه بميثاق للشراكة بين القطاعين العام والخاص، بتقديم رؤية واضحة للاتجاه العام للمملكة، بما يعزز من كفاءة العمل المشترك وملامح التوجهات العامة للمشاريع والبرامج الحكومية، إضافة إلى قراءة أكثر وضوحا لحجم الفرص التي تمنحها هذه المبادرة للقطاع الخاص.
الحقيقة: إن القطاع الخاص يعزز من كفاءة الاقتصاد، ويزيد من فرص النمو الاقتصادية، ويزيد من كفاءة السوق، بما يحقق تنمية شاملة في مختلف القطاعات. ولعل المملكة لها تجربة مميزة في شركات أرامكو وسابك، على سبيل المثال، حيث تسهم في برامج اجتماعية مميزة، وتوفر للقوى العاملة لديها بيئة مميزة للعمل والإنتاج، كما أن لها إسهامات على المستويين التعليمي والاجتماعي بكفاءة عالية، أسهمت في خدمة المجتمع بصورة كبيرة. وبناء كيانات من الشركات بمستوى أرامكو وسابك، ممكن في المملكة، وله دور كبير ليس على المستوى الاقتصادي فقط، بل تحسين البيئة العامة والارتقاء بجودة الحياة وامتداد نشاطها بصورة كبيرة حول العالم، لتكون عملاقا من الشركات متعددة الجنسيات على شركات كبرى حول العالم. والشركات الكبرى جزء من القوة الناعمة التي ترحب بها دول العالم وتبني معها علاقات تنعكس حتى على المستوى السياسي في علاقة صداقة وتعاون معها. المنافسة كبيرة عالميا بين الشركات، وضعف قدرة الشركات قد يؤدي إلى تلاشيها مستقبلا، مع وجود تجارة تعبر الحدود محمية بقوانين منظمة التجارة العالمية، وهنا لا بد أن تكون للشركات الوطنية استراتيجية لبناء كيانات كبيرة وضخمة تعمل وفق أدوات السوق وبقدرة تنافسية عالية، لتنافس عالميا الشركات العالمية الأخرى، لتسترد من الأسواق الأخرى ما يحتمل أن تفقده في أسواقها الرئيسة. والدعم الحكومي الحالي والمقبل يمكن أن يعزز من تنافسية الشركات.
من المهم في هذه المرحلة بناء الكفاءات في مختلف المجالات وفق الاتجاهات العامة للأسواق، ولا يتم الاكتفاء فقط بالبرامج التعليمية الروتينية، حيث يمكن العمل على تحديد مؤسسات عالمية مختصة ببناء قدرات الكفاءات الوطنية، لتتمكن من تولي مهام غير اعتيادية، وقد يكون منهم قياديون لهذه المرحلة التي تعد الأكثر صعوبة. كما أن التحول الحاصل اليوم فيما يتعلق بنظام الجامعات الذي يتضمن مشاركة القطاع الخاص في المجالس العليا لها، ومن المهم أن يكون لهذه المجالس دور فاعل لمسايرة هذه المرحلة المهمة في تاريخ المملكة، حيث تسهم في بناء شكل المهارات والبحوث والبرامج في الجامعات والمؤسسات التعليمية إجمالا.
الخلاصة: إن برنامج شريك هو برنامج ضخم وطموح لزيادة إسهام القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني ويعزز من فرص بناء كيانات اقتصادية ضخمة في القطاع الخاص بما يعزز من كفاءة الاقتصاد وتنوع إسهاماته في احتياجات المجتمع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وبناء قوة ناعمة يتحول معها القطاع الخاص من كيانات محلية إلى كيانات متعددة الجنسيات لها حصة من أسواق العالم.

إنشرها