تقارير و تحليلات

قراءة في أداء شركات الاتصالات المدرجة .. مقارنات مالية وتجارية

قراءة في أداء شركات الاتصالات  المدرجة .. مقارنات مالية وتجارية

قراءة في أداء شركات الاتصالات  المدرجة .. مقارنات مالية وتجارية

قراءة في أداء شركات الاتصالات  المدرجة .. مقارنات مالية وتجارية

قراءة في أداء شركات الاتصالات  المدرجة .. مقارنات مالية وتجارية

قراءة في أداء شركات الاتصالات  المدرجة .. مقارنات مالية وتجارية

يوجد في السعودية أربع شركات اتصالات مدرجة في السوق المالية، ويوجد شركات أخرى غير مدرجة كذلك تقدم خدمات اتصالات وإنترنت متنوعة. في هذا التقرير نسلط الضوء على الشركات الأربع المدرجة من حيث بياناتها المالية الأساسية، وحصصها السوقية، ومدى تميز شركة عن أخرى في عناصر معينة، وكذلك ننظر إلى مستقبل هذه الشركات والتحديات التي تواجهها.

هناك تنافس صحي بين الشركات الأربع، وهو يأتي نتيجة الانفتاح في سوق الاتصالات، الذي تم قبل أكثر من 20 عاما بتخصيص شركة الاتصالات السعودية، "إس تي سي"، وفتح القطاع للمنافسة في شتى المجالات. وتتميز كل شركة باستراتيجية معينة للوصول إلى أكبر عدد من العملاء، كأفراد وشركات وجهات حكومية، من خلال خدمات اتصالات هاتفية وإنترنت، إلى جانب خدمات جديدة تتعلق بالدفع الإلكتروني والترفيه وغيرها.

هنا لن نتحدث كثيرا عن شركة اتحاد عذيب بحكم أن الشركة واجهت بعض الصعوبات المالية وبعض التعثرات، التي أدت إلى إيقاف أسهمها عن التداول لنحو عامين ونصف العام، إلى أن تم أخيرا إعادتها إلى التداول، ويبدو أن الشركة لديها خطط وطموحات تنوي العمل بها للاستفادة من هذا القطاع الكبير والواعد.

حجم الأصول وانعكاس ذلك على مبيعات كل شركة
تعد أصول الشركة من أهم المقاييس لمعرفة حجم الشركة، كون الأصول ترمز لممتلكات الشركة من معدات وتجهيزات وبنى تحتية مختلفة، إضافة إلى ما لديها من أصول غير ملموسة كبراءات الاختراع والشهرة وغيرها، إلى جانب المخزون والمستوى النقدي لديها. وعند النظر إلى أصول "إس تي سي" نجد أنها أكبر من ثاني أكبر شركة، "موبايلي"، بأكثر من ثلاثة أضعاف، غير أن مبيعات "إس تي سي" أكبر من مبيعات "موبايلي" بأكثر من أربع مرات، وهذا يعني أن الشركة توظف أصولها بشكل أفضل.

وبالمقارنة مع أصول شركة زين السعودية، نجد أن أصول "إس تي سي" تعادل 4.3 مرات أصول "زين"، بينما مبيعاتها أكبر من مبيعات "زين" بأكثر من سبع مرات، وهذا يؤكد فعالية أصول "إس تي سي" من جهة، وكذلك يعني ضعف أداء أصول "زين"، أما أصول "عذيب" فتبلغ 1.3 مليار ريال.

لماذا التفكير بدمج الأبراج من قبل شركتي "زين" و"موبايلي"؟
أحد أسباب التفكير بالاندماج يعود للنقطة السابقة، وهي أن أصول شركتي "زين" و"موبايلي" مكلفة على الشركتين. لذا، بتشجيع من هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، تتجه كل من "زين" و"موبايلي" للقيام بآلية معينة للاستفادة بشكل أفضل من الأبراج المملوكة من قبل الشركتين، وذلك لخفض تكاليف إنشاء وصيانة هذه الأبراج.

وقد أعطت هيئة الاتصالات الضوء الأخضر لجميع شركات الاتصالات في صيف العام الماضي للنظر في إمكانية القيام بذلك، وبالفعل قامت كل من "زين" و"موبايلي" بتشكيل لجنة لدراسة الموضوع. خبر هذا الأسبوع أن هيئة الاتصالات أعطت الموافقة المبدأية على المقترح الحالي، وهو إنشاء كيان تجاري مستقل مملوك من الطرفين، إضافة إلى جهات أخرى على شكل تحالف لتأسيس شركة منفصلة تمتلك وتدير الأبراج لمصلحة شركات الاتصالات.

هذا الأسلوب مفيد جدا للشركتين بحكم أنهما أمام منافسة قوية من قبل الشركة الأكبر، "إس تي سي"، وهذا سيخفض التكاليف على الشركتين، إلى جانب تقليص تكاليف إنشاء وتحديث الأبراج، لتكون متوافقة مع تقنية الجيل الخامس، الذي تعول عليه جميع الشركات. يوجد حاليا أكثر من ثمانية آلاف برج من أبراج الجيل الخامس، تستحوذ فيه "زين" على تغطية لعدد 44 محافظة، مقابل 22 لشركة "إس تي سي" و21 لشركة "موبايلي"، وبذلك فإن نصيب "إس تي سي" أقل من نصف هذه الأبراج، بحسب تقرير من شركة "إتقان كابيتال" في نوفمبر 2020.

حتى الآن لا يوجد اتفاق نهائي، فيما تقول "موبايلي" إنها تدرس العروض، التي ممكن أن تنتهي بشركة منفصلة مشتركة، أو قيام إحدى الجهات بشراء جميع الأبراج، أو قيام إحدى الجهات بتشغيل الأبراج فقط.

فيما يخص جودة خدمة الجيل الخامس لدى الشركات، بحسب بيانات هيئة الاتصالات، نجد أن متوسط سرعة تحميل البيانات للجيل الخامس في كل من "إس تي سي" و"زين" نحو 340 ميجا بت في الثانية، بينما نجده أقل من ذلك لدى "موبايلي"، الذي يتم بسرعة 221 ميجا بت في الثانية، وهذا ربما يعود لتفوق "إس تي سي" و"زين" في هذا المجال عن "موبايلي" حاليا.

ماذا عن ربحية كل شركة؟
نتيجة ضعف توظيف الأصول، التي تحدثنا عنها، نجد أن ذلك له تأثير في صافي ربحية الشركات الأربع، حيث تتميز "إس تي سي" بربحية عالية، وصلت في 2020 إلى 11.3 مليار ريال، وهذا أكبر بعدة مرات من أي من الشركات الأخرى، إلا أن المقياس المهم هنا هو نسبة صافي الربح إلى إجمالي مبيعات كل شركة. هنا نجد أن "إس تي سي" لديها نسبة تتجاوز 19 في المائة، وهذه نسبة كبيرة، مقارنة بأداء الشركات بشكل عام، ولا سيما إذا كانت الشركة كبيرة وناضجة. في المقابل نجد أن صافي الربح لشركة "موبايلي" 5.6 في المائة و3.3 في المائة لدى شركة "زين"، بينما نجده 50 في المائة لدى شركة "عذيب" إلا أن هذه النسبة العالية تأتي بسبب وجود إيرادات أخرى.

مقياس نسبة هامش الربح يرمز للتكلفة الفعلية لتقديم الخدمة
صافي الربحية هو المقياس النهائي لأداء أي شركة، ولكن صافي الربحية يعتمد أولا على تكلفة المبيعات، بمعنى أننا نحتاج إلى النظر إلى التكلفة الأساسية للمبيعات، وهي في الشركات السلعية تسمى تكلفة البضاعة المبيعة، ولكن في شركات الاتصالات هي التكلفة المباشرة لكل دقيقة اتصال هاتفي أو كمية بيانات يتم تحميلها، أو أعمال مهنية تقدمها الشركة لعملائها. في هذه الحالة، نجد أن هناك تشابها كبيرا في تكلفة المبيعات بين جميع الشركات، حيث نجدها متطابقة لدى كل من "إس تي سي" و"موبايلي" و"عذيب" عند 58 في المائة، أي أنه من كل مائة ريال مبيعات، تكلفة المبيعات 42 ريالا، بينما تأتي بشكل أعلى لدى شركة "زين" عند 69 في المائة. لماذا تكلفة مبيعات شركة "زين" أقل من الآخرين بشكل ملحوظ؟ ربما يعود ذلك لعلاقة الشركة بالشركة الأم واستفادتها من بنيتها التحتية وانتشارها الدولي.

كيف كان أداء أسهم الشركات الأربع خلال عام؟
من خارطة السعر المرفقة يتضح أنه خلال الـ12 شهرا الماضية حققت كل من "إس تي سي" و"موبايلي" ارتفاعات في أسهمها بلغت 40 في المائة لكل منهما، بينما حقق سهم "زين" أكثر من ذلك عند 54 في المائة، إلا أن النمو الكبير جدا نجده في شركة "عذيب"، التي ارتفعت أسهمها 251 في المائة. وهذا الارتفاع الكبير يأتي بسبب إعادة أسهم الشركة للتداول بعد توقف استمر لمدة عامين ونصف بسبب التعثر في نشر القوائم المالية.

هنا نجد أن القيمة السوقية لشركة "إس تي سي" حاليا 230 مليار ريال، أي أكبر من "موبايلي" بنحو عشرة أضعاف، التي هي بدورها تأتي أقل بقليل من ضعف القيمة السوقية لشركة "زين"، وتأتي القيمة السوقية لشركة "عذيب"، حتى مع الارتفاع الأخير لسعر السهم، إلى أقل من مليار ريال.

ماذا عن التكاليف العامة والإدارية والتسويقية؟
تتنافس الشركات في مقدرتها على تحقيق مبيعات عالية بأقل التكاليف، ويشمل ذلك التكلفة المباشرة للمبيعات، ولكن ذلك يشمل كذلك تكاليف الموظفين، الذي يعتمد على عددهم ومتوسط مرتباتهم، سواء كانوا موظفين دائمين أم موظفي عقود، إحدى طرق قياس إنتاجية الموظف الواحد ودوره في المنشأة التجارية يتم من خلال تقسيم إجمالي المبيعات على عدد الموظفين، ومنه نستطيع أن نعرف مقدار مشاركة الموظف الواحد في مبيعات الشركة. في هذا المقياس نجد أن شركة "موبايلي" تحتل المركز الأول، حيث يسهم كل موظف بمقدار نحو 5.6 مليون ريال في حجم مبيعات العام الماضي، وبفارق كبير عن كل من "إس تي سي" و"زين" اللتين يحقق الموظف الواحد فيهما نحو 3.5 مليون ريال في العام. وبحكم ضعف النتائج المالية لشركة "عذيب" وضعف حصتها السوقية، نجد أن مساهمة الموظف الواحد لا تصل إلى نصف مليون ريال، بحسب مبيعات آخر 12 شهرا، وليس تسعة أشهر. وهنا أشير إلى أن عدد موظفي شركة "عذيب" غير معروف، وتم الاعتماد على حساب الشركة في منصة "لينكد إن" الذي وضع عدد الموظفين في النطاق من 500 إلى 1000 موظف، وقد تم الأخذ بالعدد 750 كمتوسط.

لماذا توزع شركة "إس تي سي" أرباحا إضافية؟
يوجد لدى شركة "إس تي سي" خطة لتوزيع أرباح على المساهمين بمقدار أربعة ريالات للسهم الواحد، سبق أن أعلنتها في 2018 وتستمر لمدة ثلاثة أعوام، تنتهي بنهاية هذا العام، غير أنها أعلنت هذا الأسبوع أنها ستوزع ريالا واحدا إضافيا لكل سهم، ليصبح توزيع الأرباح لعام 2020 خمسة ريالات للسهم الواحد.

تعد سياسة تثبيت مقدار توزيع الأرباح أو نسبته من عام لآخر من السياسات المفضلة للمستثمرين لما لها من دلالات مهمة، أولا أنها تعني أن الشركة على ثقة بنتائجها المالية المستقبلية، وثانيا لكونها تمنح المستثمرين وسيلة جيدة لقياس العائد على استثمارهم في الشركة. فمثلا الآن بسعر نحو 115 ريالا للسهم، وبتوزيع أربعة ريالات لكل سهم، يصبح العائد السنوي نحو 3.50 في المائة، وهذا عائد مناسب ومنافس قوي لأسواق النقد، خصوصا إذا علمنا أن متوسط أسعار الفائدة بين البنوك في المملكة (سايبور) نحو 0.86 في المائة فقط.

السؤال، الذي قد يتبادر إلى ذهن البعض هو عن مدى مناسبة قيام الشركة بتوزيع عشرة مليارات ريال للمساهمين- ثمانية مليارات معلنة من قبل حسب سياسة التوزيع زائد ملياري ريال إضافي– في الوقت الذي لدى الشركة التزامات وديون، منها قروض طويلة الأجل بمقدار 8.6 مليار ريال، إلى جانب مطالبات متنوعة بنحو 20 مليار ريال، ويبدو أن الأولى سداد المستحقات والمديونيات بدلا من منحها للمستثمرين؟ كذلك ممكن أن نقول لماذا لا تحتفظ الشركة بهذه الأموال واستخدامها في التوسع والانتشار والاستحواذ على شركات واعدة ومكملة؟

السبب في اختيار أسلوب توزيع أرباح عالية على المستثمرين يعود إلى خيارات هيكلة رأسمال الشركة وطرق التمويل الممكنة، وبخصوص شركة الاتصالات يبدو أن الشركة ترى أن لديها ما يكفي من المال للتوسع والنمو، وأن القروض التي لديها تمت بأسعار فائدة مناسبة، فلا داعي لسدادها. كذلك علينا أن ندرك أن فرص التوسع والنمو ليست دائما متاحة والقيام بها ليس بالسهولة الظاهرة، إلى جانب أنه من الصعب وغير المناسب للشركة أن تدخل في مجالات استثمارية بعيدة عن صلب نشاطها التجاري، فتكون الخيارات محدودة والمخاطرة عالية، وبالتالي يكون قرار توزيع أرباح على المستثمرين أفضل من المخاطرة بها.

وهناك خيار آخر، وهو قيام الشركة بشراء بعض من أسهمها من السوق، وهو مسموح به هنا في المملكة، بدلا من توزيع أرباح إضافية، وهذا الخيار له إيجابيات وسلبيات، من الإيجابيات انخفاض عدد الأسهم المصدرة، وبالتالي تحسن عدد من المؤشرات المالية، التي تعتمد على عدد الأسهم. ومن السلبيات أنه أحيانا يكون سعر السهم مرتفعا، كما هو الحال مع سهم شركة الاتصالات، فتكون تكلفة إعادة الشراء عالية. كذلك هناك خيار آخر، وهو خفض رأسمال الشركة من خلال شراء أسهمها بالقيمة الاسمية للسهم، وليس بسعر السوق، ولكن هذا الخيار ينتج عنه انخفاض في رأسمال الشركة، ما يؤثر في مركز الشركة المالي.

النقطة الأخيرة أن في بعض الدول توزيع أرباح على المساهمين ينتج عنه مستحقات ضريبية على المساهمين، ولكن في المملكة لا يوجد ضرائب على الأرباح الموزعة، لذا يكون قرار توزيع الأرباح مناسبا أكثر للمستثمر السعودي.

مثل هذه القرارات هي الآن مجرد توصية من مجلس الإدارة، وتتطلب موافقة الجمعية العامة، غير أنه في بعض الشركات التوصية تكون شبه مؤكد أنها ستجتاز الجمعية العامة، بحكم أن أعضاء مجلس الإدارة يملكون نسبة كافية من الأصوات للموافقة على التوصية. ولكن ذلك ليس دائما صحيحا في كل الشركات، حيث يعتمد ذلك على تركيبة مجلس الإدارة وهيكلية التصويت.

خاتمة
تم في هذا التقرير المختصر إلقاء الضوء على بعض الجوانب المالية والتجارية لشركات الاتصالات الأربع المدرجة، التي تبين من خلالها، كما هو متوقع ضخامة حجم شركة "إس تي سي" وارتفاع نسبة صافي الربح لديها بشكل يتميز حتى عن شركات القطاعات الأخرى. وفي المقابل وجدنا أن شركة "زين" تتميز في انتشار تغطية الجيل الخامس، وفي ارتفاع هامش الربحية عن الشركات الأخرى، وتتميز "موبايلي" بارتفاع إسهام الموظف الواحد في المبيعات المتحققة، بينما علينا ترقب أداء "عذيب" عقب عودة تداول أسهمها، وما سيؤدي إليه التفاؤل، الذي يسود الشركة هذه الأيام.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من تقارير و تحليلات