Author

بنك توازن عقاري

|

اقتصادي في السياسات الاقتصادية وإدارة استراتيجيات الأعمال والشراكات الاستراتيجية.

علم الاقتصاد ليس محصنا ضد التغيير أو طرح أفكار جديدة كليا أو مقتبسة من مفاهيم أخرى، ولذا في الأزمات وأوقات المحن والمسائل المعقدة اقتصاديا واجتماعيا، يتعين علينا نحن الاقتصاديين أن نفكر بطرق غير نمطية ونبتكر أساليب جديدة متوافقة مع المنطق الاقتصادي الذي نؤمن به.
الأداة التي سأحاول استخدامها اليوم لبناء سوق عقارات متوازنة، لكن يجب أن أنسبها إلى أصلها، وهي من أدوات السياسة النقدية، ألا وهي أداة "عمليات السوق المفتوحة"، وتعد من أدوات السيطرة على العرض النقدي، من خلال البنك المركزي، وذلك بشراء أوراق مالية من البنوك التجارية بطريقة مباشرة. بمعنى آخر، أن الشراء يعني زيادة الأموال في المصارف، والعكس صحيح، حين يقوم البنك المركزي ببيع أوراق مالية في حيازته إلى البنوك التجارية أو السوق، ستؤدي إلى تعطيش الأسواق من الأموال، وبالتالي سيحدث لدينا سياسة انكماشية تجعل الأسعار تتراجع، وهي معروفة لدى الاقتصاديين.
وفق هذا المفهوم النقدي، سنحوله إلى مفهوم عمليات سوق مفتوحة سلعية على غرار عمليات السوق المفتوحة النقدية، لكن في العقارات، مع بعض التعديلات البسيطة لتمكننا من التحكم في أسعار العقارات بطريقة اقتصادية وتنظيمية، دون أي تعارض مع أنظمة البنوك المركزية عالميا.
البنك المركزي لا يجوز له شراء العقارات، ما عدا ما يحتاج إليه للقيام بأعماله وفق المادة السادسة من نظام البنك المركزي السعودي، ولذلك يمكن تأسيس شركة أو بنك توازن عقاري، إن صح التعبير، غير ربحي تابع لصندوق الاستثمارات العامة، ويشرف عليه البنك المركزي، يقوم بدور المالك للأراضي الحرة الصالحة للقطاع العائلي كمساكن فقط والمملوكة للدولة أو ما يؤول لها من أراض بيضاء لأي سبب يتعلق بالغرامات أو العقوبات التنظيمية.
يعمل بنك التوازن العقاري على بيع الأراضي للمواطنين بنسبة تقل 80 في المائة عن أسعار السوق، وفي هذه الحالة سيعمل على زيادة المعروض من الأراضي، كما يتم في عمليات السوق المفتوحة النقدية التي يقوم بها البنك المركزي وتوريد الأموال المحصلة إلى وزارة المالية، ويمكن استخدامها لاحقا في تطوير البنية التحتية والأراضي غير المطورة. بمعنى آخر، تحتفظ الشركة أو البنك بمخزن أراض للتدخل عبر السوق المفتوحة لزيادة المعروض أو تعطيش الأسواق من مخزون الأراضي، وهو ما يقوم به البنك المركزي تماما في سوق النقد عبر أداة "عمليات السوق المفتوحة"، لكن هذه المرة عبر أداة اقتصادية مبتكرة تمنع حدوث الأزمات العقارية وتمنع انتقالها إلى النظام المصرفي وتخفض من تكلفة القروض العقارية الكلية وتحقيق هدف تمليك المواطنين مساكن بمتوسط دخل خمسة أضعاف قبل عام 2030. أعتقد بأننا سنكون أول من استخدم هذه الأداة عالميا على سوق الأصول العامة المباشرة بدلا من سوق النقد، ومن خلال جهاز مركزي غير ربحي، وأقترح بأن يسمى "بنك التوازن العقاري".
إنشرها