«ريستاد إنرجي»: أزمة توزيع لقاحات كورونا تمنع تعافي الطلب بمليون برميل يوميا
«ريستاد إنرجي»: أزمة توزيع لقاحات كورونا تمنع تعافي الطلب بمليون برميل يوميا
تراجعت أسعار النفط الخام بنحو 7 في المائة على أساس أسبوعي، لكل من خام برنت والخام الأمريكي بسبب المخاوف على الطلب جراء تجدد الإصابات في أوروبا وزيادة الشكوك في سلامة اللقاحات وفاعليتها، ما أدى إلى تفاقم المخاوف على التعافي الاقتصادي بالوتيرة المأمولة.
واختتمت أسعار النفط تعاملات الأسبوع على ارتفاع نسبي بعد موجة من الخسائر المتوالية في إطار تصحيح الأسعار، وما زالت هناك عوامل إيجابية قوية تكبح تراجع الأسعار، وتدعم توازن السوق، وفي صدارتها تخفيضات الإنتاج المشددة لمجموعة "أوبك+" وقرار السعودية، الذي قدم تخفيضات سخية طوعية والبالغة مليون برميل يوميا، وتغطي أبريل المقبل بالكامل.
وفي هذا الإطار، توقع تقرير شركة "ريستاد إنرجي" البحثية الدولية في مجال الطاقة، أن تتسبب الصعوبات والتعثرات في عمليات التطعيم بلقاحات كورونا في منع تعافي ما يصل إلى مليون برميل يوميا من الطلب على النفط في 2021.
وذكر التقرير أنه لم يكن من المتوقع أن تكون عمليات توزيع اللقاحات مثالية، ولكن الارتفاع الأخير في الحالات في أوروبا، التي يسميها البعض "الموجة الثالثة" لم يتم مواجهته بتكثيف اللقاحات بشكل كاف، ما أضعف الثقة وزاد من حالة الشك في فاعلية اللقاحات.
ولفت إلى أن "ريستاد إنرجي" وضعت نموذجا لتأثير إمكانية توسيع حملات التطعيم ووجدت أن استعادة ما يصل إلى مليون برميل يوميا من الطلب على النفط معرض للخطر في 2021 اعتمادا على مدة استمرار الانتكاسات في ملف اللقاحات.
وأشار التقرير إلى أن وكالة الدواء الأوروبية في تقييمها الخميس الماضي لفاعلية لقاح "أسترازينكا" أكدت سلامة اللقاح وموثوقيته، ولكن ذلك جاء بعد حظر مؤقت على اللقاح في 12 دولة أوروبية وحاليا بعض الدول الآسيوية، ما كبح جماح تعافي النشاط الاقتصادي وكبح الطلب على النفط وعرضهما للخطر.
وذكر أنه في الوقت الحالي نقدر أن دول غرب أوروبا تتمتع بمعدل تطعيم يقارب 8.5 في المائة، ومن المتوقع أن يصل إلى 50 في المائة، بحلول يونيو 2021 ومن المحتمل أن يتم تنفيذ الحظر أو التأخير في توزيع اللقاح في أوروبا من قبل منتجي اللقاحات الآخرين، لافتا إلى أنه من شأن العوائق اللوجستية والبيروقراطية المرتبطة بذلك أن تؤدي إلى تأخير وصول أوروبا إلى أهدافها في توزيع اللقاحات بين شهر إلى نحو ثلاثة أشهر.
وتوقع تقرير "ريستاد إنرجي" أن يبلغ الطلب العالمي على النفط في 2021 نحو 95.2 مليون برميل يوميا ولكن في ظل سيناريو التطعيم البطيء الناجم عن أزمة لقاح "أسترازينكا" وغيرها من الانتكاسات المستقبلية المحتملة يمكن أن يبلغ متوسط الطلب على النفط في 2021 فقط 94.2 مليون برميل يوميا.
ورجح أن تعافي الطلب على النفط في كل بلد سيتسارع بعد تلقيح نصف سكانها على الأقل مدفوعا بالطلب على وقود الطرق، مشيرا إلى أنه من السابق لأوانه معرفة ما إذا كانت زوبعة لقاح "أسترازينكا" ستضعف الطلب بشكل كبير أم لا.
ونقل التقرير عن محللين دوليين تأكيدهم أن الحظر الكامل للقاح "أسترازينكا" - على الرغم من تجديد الثقة به من قبل وكالة الدواء الأوروبية - يمكن أن يؤخر الوصول إلى أهداف التطعيم 50 في المائة، لمدة شهرين، ولكن هذا السيناريو مستبعد بعض الشيء.
ولفت إلى أنه "بدءا من الآن قد يتم تأجيل أهداف التطعيم 50 في المائة، لبضعة أسابيع في بعض البلدان مع تأثيرات ضئيلة في الطلب على النفط، ولكن مرة أخرى نحتاج إلى انتظار مزيد من التطورات".
وأوضح أن قرار "أوبك+" بمواصلة تقييد المعروض النفطي حتى نيسان (أبريل) المقبل يعد العنصر الأبرز في حماية سوق النفط العالمية ودفعها نحو استعادة التوازن، مشيرا إلى أن السعودية قدمت تخفيضات سخية طوعية والبالغة مليون برميل يوميا والممتد تأثيرها حتى نهاية أبريل المقبل، ما دفع الأسعار إلى مستويات قياسية في المكاسب عند أعلى مستوى في 13 شهرا ثم تراجعت لاحقا بسبب عوامل عديدة، أبرزها جني الأرباح وعودة مخاوف الإغلاق العام في أوروبا تحديدا.
وأضاف: "التأثير الإيجابي في أسعار النفط جاء بفضل حذر وتريث مجموعة "أوبك+" وأدى بالتبعية إلى إيجاد تفاعل متسلسل في الولايات المتحدة، حيث سيشهد مشغلو النفط الصخري زيادة السيولة النقدية من العمليات الإنتاجية بنسبة 32 في المائة، على مدار عام 2021، ما يسمح لهم بزيادة إنفاقهم على الاستثمارات هذا العام، إضافة إلى أن تعافي الأسعار ساعد على تحسين التدفق النقدي لمنتجي النفط بشكل ملحوظ منذ الربع الثاني من العام الماضي، مشيرا إلى أنه في الولايات المتحدة على وجه الخصوص ساعد انتعاش الأسعار منتجي النفط الصخري على توليد تدفق نقدي حر مرتفع قياسي في الربع الثالث من 2020.
وعد التقرير أن السيولة النقدية من العمليات الإنتاجية هي المحرك الرئيس لنشاط النفط الضيق في الولايات المتحدة، ما قد يسرع مستقبلا من دوافع شركات التنقيب والإنتاج للاستثمار في الآبار الجديدة.
وأشار التقرير إلى ارتفاع نشاط منصات النفط الضيق 60 في المائة، من أدنى نقطة في أغسطس من العام الماضي، منوها إلى أن تخفيضات الإنتاج من "أوبك+" نجحت وما زالت تنجح في موازنة السوق ودعم أسعار النفط المرتفعة، كما أعاد ارتفاع أسعار النفط تنشيط صناعة النفط الضيق في الولايات المتحدة.
ومن ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار في ختام الأسبوع الماضي، ارتفعت أسعار النفط قليلا الجمعة في جلسة متقلبة، وذلك بعد عمليات بيع كبيرة شهدتها في الجلسة السابقة، إذ أطلقت موجة جديدة من الإصابات بفيروس كورونا في أنحاء أوروبا إجراءات عزل عام، وثبطت الآمال في تعاف وشيك للطلب على الوقود. وزاد خام برنت 31 سنتا، بما يعادل 0.5 في المائة، إلى 63.59 دولار للبرميل بحلول الساعة 14:50 بتوقيت جرينتش، فيما صعد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 37 سنتا، أو 0.6 في المائة، إلى 60.37 دولار للبرميل، وجرى تداول كليهما الجمعة داخل نطاق واسع يزيد على دولارين للبرميل.
وأغلق كلا العقدين على انخفاض بنحو 7 في المائة الخميس، إذ أعادت عدة اقتصادات أوروبية كبيرة فرض الإغلاقات، في حين تتباطأ برامج التطعيم بسبب مشكلات تتعلق بالتوزيع والقلق من آثار جانبية محتملة. وعلى الرغم من أن ألمانيا وفرنسا ودول أخرى أعلنت استئناف التطعيم بعد أن أعلنت جهات تنظيمية سلامة لقاح أسترازينيكا، فإن توقف الحملة يزيد صعوبة التغلب على رفض اللقاح من جانب بعض السكان، كما أعلنت بريطانيا أنه سيتعين عليها إبطاء توزيع اللقاحات المضادة لكوفيد - 19 الشهر المقبل بسبب تأخر في الإمدادات. وقال "جيه.بي مورجان": "تتنامى المخاوف بسرعة فائقة من موجة ثالثة من تقييد التحركات في أوروبا في ظل توقف التطعيمات والانتشار السريع جدا للسلالة بي 117 التي ظهرت في بريطانيا". لكن البنك لا يزال يتوقع أن يكون متوسط برنت فوق 70 دولارا للبرميل في الربع الرابع من العام.
وقال جولدمان ساكس: إن عوامل معاكسة مرتبطة بالطلب من الاتحاد الأوروبي وإمدادات إيران ستبطئ استعادة سوق النفط لتوازنها بواقع 0.75 مليون برميل يوميا في الربع الثاني، على الرغم من أنه يتوقع أن تعوض "أوبك+" وهي المجموعة، التي تضم منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفائها ذلك.
نقلت إيران كميات غير مسبوقة من النفط الخام إلى الصين أكبر عملائها في الشهور الأخيرة الماضية، في حين أضافت شركات تكرير حكومية هندية النفط الإيراني إلى خطط وارداتها على افتراض أن العقوبات الأمريكية على المورد العضو بـ"أوبك" ستخفف قريبا.
ويتوقع جولدمان زيادة كبيرة في الطلب العالمي على النفط في الأشهر المقبلة، فيما رفع توقعه لخام برنت إلى 80 دولارا للبرميل هذا الصيف.