Author

الوقف العلمي

|
الأوقاف ملمح اقتصادي مهم، ففيه عطاء دائم، والمسلمون يقومون بهذا العمل منذ أكثر من 1400عام، وغيرهم من الأمم تفعل بالمثل مع اختلاف المقاصد وربما الآليات، لكن الفكرة الأساس مشتركة بين ثقافات الشعوب وهي إبقاء الأصل، والتصرف في الدخل أو العائد.
من يوقف مالا أو عقارا أو مشروعا ناجحا وكبيرا هو في الحقيقة يمنح صدقة جارية يمكنني وصفها بالنوعية، كونها إضافة إلى استفادة المجتمع من عوائدها هي بذاتها جزء من منظومة الاقتصاد ومن شكل المجتمع، وهي أيضا ملمح من ملامح أنظمتنا وقدراتنا الإدارية والتنفيذية في مجالات كثيرة أهمها القضاء.
في المملكة، يتواصل التغيير في نمط تنفيذ الأوقاف مع بقاء روحه وفكرته النبيلة كما هي، فأولا هناك فكر جديد يتمثل في معاملة الأوقاف كالشركات من جهة الإدارة والاستثمار، لأنهما متطابقان إلا أن أرباح الأوقاف تذهب لمصارفها ومستحقيها وأرباح الشركات تذهب للمساهمين فيها.
الأمر الآخر، هو الأوقاف التعليمية وأعرف أن لجامعتي الملك سعود والملك فهد للبترول والمعادن - وربما يكون لغيرها ولا أعلم عنه - خطة جيدة أسهمت فيها بعض المصارف والشركات مساهمة كبيرة، وأتمنى أن يكون لكل الجامعات أوقاف مماثلة لتحقيق الاستقلالية مستقبلا وهي أحد أهداف التنمية السعودية.
الملاحظة المهمة هنا في هذا الملف هي تطور فكر الموقفين، وتطور أساليب إدارتهم لأوقافهم عبر شخصيات مستقلة في مجالس نظار تضم أعضاء متنوعي المشارب، يقومون بتسليم الإدارة والتطوير إلى مجالس إدارات أو رؤساء تنفيذيين محترفين في مجالات العقار أو الاستثمار أو في القطاع الذي ينتمي اليه المشروع الموقف، وهذا ما ينقص الأوقاف القديمة وهو ما أثر في عوائدها سلبا.
الموقفون بدأوا بالإيقاف على مصارف نوعية تسهم في تنمية الإنسان، وعلينا الاستمرار في هذا النهج الذي نلمحه أيضا في أوقاف خاصة أخيرا، فالوقف يجمع بين الاقتصاد والتكافل وتنمية المجتمع والحق أنه لم يحظ بإعلام وتوعية كافيين، ولعل أصحاب الأوقاف يلتفتون جديا لهذا الأمر.
اليوم نتمنى توجيه مزيد من الأوقاف إلى المجالات العلمية والبحثية لتكون أحد أهم روافد تمويل التعليم والابتكار والوصول إلى اقتصاد المعرفة، وهنا ينبغي للاقتصاديين ومديري الاستثمار إيجاد صيغ تحقق إمكانية هذا الدعم مع إمكانية تحقيق العوائد من الوقف، عوائد آنية أو مستقبلية تتمثل في تنمية أصوله التي لا بأس أن يكون من ضمنها ملكية فكرية لمنتج أو اختراع جديد، فالملكية الفكرية اليوم لمنتج معرفي أقوى بمراحل من كثير من الأصول المدرة.
إنشرها