Author

الإرهاب وتأثيره على الاقتصاد العالمي

|
متخصص في المعاملات المالية، مستشار في المالية الإسلامية ـ الجامعة السعودية الإلكترونية
الإرهاب الذي مارسه الإرهاب الحوثي خلال الأعوام الماضية في اليمن، والاعتداءات التي قام بها على المناطق المدنية في المملكة، هو جزء من الذي يمكن أن تحدثه هذه الميليشيات في العالم. والحقيقة، إن اليمن يعد موقعا استراتيجيا تمر به نسبة عالية من حجم التجارة العالمية، إضافة إلى مصادر الطاقة التي يحتاج إليها العالم، ومنطقة يمكن أن تنشط فيها المجموعات الخارجة عن القانون حول العالم. ولا شك أن هذا الجزء من العالم يشهد معاناة، وزادت من هذه المعاناة الأزمة التي حلت بالعالم ولها تقريبا أكثر من عام، وما زالت آثارها لم تنته بعد، وهي أزمة كورونا، وأكثر المناطق معاناة هي في إفريقيا بسبب ضعف قدرة النظام الصحي على مواجهتها، إضافة إلى حالة الفقر والفوضى التي تشهدها تلك المنطقة، وغياب الاستقرار السياسي في بعض الدول ما أدى إلى عدم القدرة على السيطرة ومواجهة المجموعات الخارجة عن القانون. وشهد العالم ممارسات مستمرة من التفجيرات والقتل للمدنيين دون أسباب معروفة، وما زالت هذه المجموعات تشهد تناميا مستمرا، وبوجود ميليشيات مثل ميليشيات الحوثي بإرهابه للإخوة في اليمن وانقلابه على السلطة الشرعية وتنفيذ أجندة النظام الإيراني في المنطقة، ستكون لذلك تداعيات ومبررات للمجموعات الإرهابية كي تنشط في اليمن، ومن الممكن أن يكون في اليمن أكثر من ميليشيا وفصيل كما هو الحاصل في العراق لتنفيذ أجندة إيران، ولا شك أن هناك دولا أخرى لها أجندات يمكن أن تستغل هذا الوضع الكارثي في اليمن لتنشئ ميليشيات أخرى ومجموعات إرهابية لتنفذ بالوكالة توجهات الدول التي تدعمها، والمشهد اليوم أكثر وضوحا في سورية والعراق ولبنان، وهي المناطق التي تنشط فيها المجموعات الخارجة عن القانون والسلطة، وتنفذ فيها أجندات لا تخدم أوطانها، بل على النقيض تسعى إلى الفوضى لتسهيل الأعمال الخارجة عن القانون، ليكون مصدرها تلك الدول.
الحقيقة، إن التهاون أو التواطؤ مع ممارسات الحوثي واعتبار هذه الميليشيات مجموعة يمكن أن تندمج ضمن النظام السياسي اليمني، مغامرة غير محسوبة العواقب، فهو يعيد تجربة حزب الله اللبناني، لكن في منطقة أشد خطورة لقربها من نقاط حركة التجارة في العالم، وقد يؤدي إلى وجود حالة من المجاعة والفقر لدى الإخوة الأعزاء في اليمن، وقد شاهد الجميع كيف أن هذه الميليشيا انتهكت كل ما يمكن أن يجمع عليه البشر من أن الإنسان هو عنصر التنمية وليس وقودا للحرب، من خلال استغلال المدارس لتكون ثكنات عسكرية، ونشر الأطفال في المقدمة على الجبهات، ونهب أموال الناس وإساءة استخدامها بما يؤثر في الحياة اليومية للإخوة في اليمن، وكل ذلك يمكن أن تنشأ بسببه مجاعة يتحول فيها الأفراد إلى الانضمام لمجموعات خارجة عن القانون، أو يكونوا ضحية للفقر والأمراض، والإرهاب الذي سيلاحقهم بالتفجيرات والسلب والنهب وانتهاك الأنفس والأعراض.
بدأ بعض الدول في هذه الفترة بالعمل على وضع قواعد عسكرية في مناطق قريبة من المضائق وحركة التجارة، وهذا لن يعالج المشكلة في ظل التهاون في التعامل مع مجموعات وميليشيات تتشكل، ومن ثم ينظر إليها على أنها مجموعات معترف بها يجب التعاطي معها بالوسائل الدبلوماسية التي لا تؤمن بها، فالتساهل معها ينذر بقيام أنظمة موازية خارجة عن القانون، تمارس أنواعا من الأنشطة المحظورة عالميا، وتمارس الحروب بالوكالة بين الدول بما يؤدي إلى فوضى لن يسلم جزء من العالم منها، ويصعب حينها التعامل أو التعاطي مع هذه المجموعات بعد بسط نفوذها وانتشارها، خصوصا في مناطق حيوية وحساسة، وهذا بلا شك سيؤثر بشكل كبير في الاقتصاد العالمي وحركة التجارة، التي تمثل عصب الاقتصاد العالمي، ولا سيما في هذا الوقت الذي أصبحت الدول على بعضها بعضا في كل الصناعات، حتى إنك لا تكاد تجد منتجا واحدا ينتج جميع مكوناته في بلد واحد.
الخلاصة، إن العالم اليوم أمام اختبار كبير فيما يتعلق بنظرته لمستقبل التجارة والاقتصاد، حيث إن التهاون مع الميليشيات التي تمارس أعمالا إرهابية وتنفذ أجندات لدول تسعى إلى الفوضى في العالم، ستكون له تداعياته الكارثية مستقبلا بوجود مجموعات موازية للدول تنفذ أجندات خارجية تزيد حجم الفوضى والإرهاب والانتهاكات لكل المعايير الإنسانية.
إنشرها