Author

الملكية الفكرية .. للاقتصاد والأخلاق                

|

يمثل ميدان حماية حقوق الملكية الفكرية، محورا رئيسا على صعيد المكانة والسمعة والمسؤولية التي يتمع بها هذا البلد أو ذاك، وهذه الساحة استحوذت على اهتمام بالغ على الصعيد الدولي، وذلك عبر التشريعات المتتابعة التي اتخذت على مستوى العالم، المستندة إلى اتفاقيات ومعاهدات دولية. وكانت المملكة من أكثر الدول اهتماما بهذا الجانب، خصوصا في ظل سلسلة التشريعات المحلية الخاصة، التي اعتمدتها وطبقتها في الأعوام الماضية. 
فحماية الملكية الفكرية في السعودية جزء أصيل من استراتيجية التنمية العامة، وتدخل في صلب عملية البناء الاقتصادي التي تجري على أسس رؤية المملكة 2030. وخلال الأعوام الماضية دعمت الرياض سلسلة من المبادرات عبر "مجموعة العشرين"، التي تسلمت زمام المبادرة الدولية منذ أكثر من عقد من الزمن، كما اهتمت السعودية بنشر ما يمكن تسميته "ثقافة الحماية الفكرية"، على أسس أخلاقية واقتصادية. كل هذه الإيجابيات والإنجازات، نقلت السعودية إلى المرتبة 24 في مؤشر حماية حقوق الملكية الفكرية، وفق تقرير التنافسية الرقمي لعام 2020، واللافت أنها تقدمت 20 مركزا عن عام 2018، حيث كانت تحتل المركز 44 على هذا المؤشر، ما يعني أن هناك تحركا وتطورا كبيرا في هذا الجانب. 
والأهم من هذا بالفعل، أن الهيئة السعودية للملكية الفكرية، حققت قفزة في العام الماضي بلغت نسبة ارتفاعها 180 في المائة، مقارنة بالعام الذي سبقه، أي أن الهيئة تعاملت مع قضايا وحالات تخص حماية الملكية الفكرية، منها فيما يخص التفتيش الإلكتروني والرقابة المستمرة، واحترام الملكية الفكرية عبر نظام البطاقات، وبريد القضايا، وغير ذلك مما يرتبط بهذا الجانب المتنامي عالميا. وكما نعلم، فهناك كثير من الخلافات بين بعض الدول بخصوص الملكية الفكرية المشار إليها، حتى إن بعضها تعرض لعقوبات، لأنه لا يحترم هذا الميدان الأخلاقي والاقتصادي المحوري. وأهمية الدور السعودي لا يكمن - في الواقع - فقط في رفع مكانة البلاد على هذه الساحة، بل يشمل أيضا مبادرات قدمتها الرياض لدعم مسيرة حماية الملكية الفكرية خلال الأعوام القليلة الماضية. 
وفي العام الماضي، اهتمت الرياض بقوة بهذا الجانب على صعيد دول "مجموعة العشرين"، حيث ترأست دورة المجموعة، فالتحرك الدولي العام من قبل المملكة، يتماشى مع مكانة البلاد دوليا وإقليميا. 
ومن حيث القرارات، التي نفذت على الساحة السعودية في العام الماضي بخصوص الملكية الفكرية، فقد بلغت 119 قرارا صادرا، وتنوعت حقوق المؤلف ما بين حق عام وخاص، كما تم توجيه إنذارات لجهات مخالفة على صعيد المواقع الإلكترونية، فضلا عن حجب مواقع تجاوزت القوانين المعمول بها محليا. وحصلت السلطات المختصة مبالغ مالية في هذا المجال، كغرامات على الجهات المخالفة.    
وخلال الأعوام الفائتة، ولا سيما في العام الماضي، تصاعدت حملات التفتيش عن بعد، وتمكنت من ضبط عشرات المواقع الإلكترونية المخالفة، وبعد عمليات التفتيش هذه، بلغت نسبة المواقع التي لا تلتزم بحقوق الملكية الفكرية 23 في المائة، وهذه النسبة تتراجع في الواقع مقارنة بفترات سابقة. 
إن عمليات الإتلاف لمصنفات تنتهك الملكية الفكرية، تمضي قدما على الساحة السعودية، فقد بلغت أكثر من ثلاثة ملايين ونصف المليون مصنف منتهك، إلى جانب أكثر من مليوني سلعة مقلدة، وغير ذلك من أشكال المكافحة والحرب على أي جهة تنتهك الأنظمة المحلية في مجال حماية الملكية الفكرية، فالحملات التي تقوم بها السلطات المختصة بهذا المجال، تأخذ أشكالا متطورة أيضا إلى جانب الأشكال التقليدية الأخرى، التي أثبتت فاعليتها، ورفعت مستوى السعودية على الصعيد العالمي في هذا الميدان. 
وخلاصة القول، إن الملكية الفكرية تعد عاملا مهما لتطور اقتصاد السعودية في المستقبل، فهي عبارة عن برنامج إصلاحي يسعى إلى تنويع الاقتصاد  الوطني والحد من اعتماده على النفط، تضع عددا من الأهداف، وبعضها يصبح ممكنا مباشرة من خلال الملكية الفكرية.

إنشرها