Author

دور الاستدامة في تعزيز حوكمة الشركات

|
تعكس الدراسات الحديثة الارتباط المباشر بين تبني مفاهيم الاستدامة وبين تعزيز حوكمة الشركات وفعاليتها. وكشفت التقارير أن أغلب الشركات المدرجة ضمن ستاندرد آند بورز 500 S&P أظهرت أن أداء الاستدامة لديها بمقاييس الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات ESG، وتحقيق عوائد ربحية لذلك. وهذا جعل مجالس الإدارات بوصفها جهات مراقبة للمستثمرين وغيرهم من المساهمين، أن تولي اهتماما لاتجاهات الاستدامة، وأداء الشركات ذات الصلة، والفرص المتاحة لأداء الشركات في المستقبل، وهو ما يعزز دور حوكمة الشركات.
لاري فينك، مؤسس ورئيس مجلس الإدارة والمدير التنفيذي لشركة بلاك روك، وهي إحدى أكبر شركات إدارة الأصول على مستوى العالم، ويبلغ مجموع أصولها 6.3 تريليون دولار، ولها إدارة ومكاتب في 30 دولة حول العالم وعملاء في أكثر من 100 دولة.. في كانون الثاني (يناير) 2018، أرسل خطابا إلى جميع الرؤساء التنفيذيين للشركات العامة في جميع أنحاء العالم للبدء بحساب الأثر المجتمعي لشركاتهم والتركيز على النمو الاقتصادي المستدام والشامل بالنسبة لأصحاب المصالح، وما يترتب على ذلك من عواقب بالنسبة للنموذج الجديد في حوكمة الشركات.
وفي رسالته كتب فينك، أن الشركات لا بد أن تظهر استراتيجية لإيجاد الاستفادة على الأمد البعيد والأداء المالي، وأن فهم تأثير أي شركة على العالم يشكل عنصرا أساسيا في هذا الصدد. فمجرد الإدارة لتحقيق أرباح قصيرة الأجل للمساهمين ليست استراتيجية إدارية مقبولة. وكي تزدهر كل شركة بمرور الوقت، لا بد أن تقدم أكثر من الأداء المالي، بل أيضا تبين كيف تسهم مساهمة إيجابية في المجتمع. كما يجب أن تفيد الشركات جميع المستثمرين، بما في ذلك المساهمون والموظفون والعملاء والمجتمعات التي تعمل فيها Fink, 2018.
في دراسة لمعرفة تأثير الاستدامة المؤسسية على أداء الشركة من خلال استخدام عينة من 180 شركة، توصلت دراسة أكاديمية حديثة إلى أن الشركات التي تبنت طواعية سياسات الاستدامة، وأطلق عليها مسمى شركات الاستدامة العالية، تفوقت بشكل كبير على شركات الاستدامة المنخفضة، وتبنت سياسات الاستدامة التي تكاد تكون معدومة (أو أقل من 10 في المائة). ووضعت سياسات الاستدامة التي يمكن استخدامها من قبل مجالس الإدارات في تقييم سياسات الاستدامة وأدائها في شركاتها. حيث كان هذا الأداء المتفوق من قبل شركات الاستدامة العالية يشمل كلا من نتائج سوق الأسهم والمحاسبة المالية على مدى فترة تقارب 20 عاما من عام 1992 - 2010. كما أكدت الدراسات أن مجالس إدارات هذه الشركات عالية الاستدامة من المرجح أن تكون مسؤولة رسميا عن سياسات الاستدامة، وأن تكون حوافز التعويض التنفيذية الأعلى وظيفة من وظائف مقاييس الاستدامة. وعلاوة على ذلك، كان من المرجح أن تكون شركات الاستدامة العالية قد أنشأت عمليات لإشراك المساهمين، وأن تكون أكثر توجها في الأمد البعيد، وأن تظهر قدرا أكثر تعقيدا من القياس والكشف عن المعلومات غير المالية.
لهذا ينبغي أن تولي مجالس الإدارات الاهتمام بهذه الاتجاهات الناشئة في مجال الاستثمار في الاستدامة وإعداد التقارير الداعمة لذلك، لتجد الأثر الإيجابي مع نمو الوعي المجتمعي وتحقق الأهداف المشتركة مع أطراف أصحاب المصلحة كافة.
إنشرها