Author

لا جديد .. تكهنات لا أكثر 

|

 
رفض حكومة المملكة ما جاء في التقرير الذي قدم للكونجرس الأمريكي، بشأن مقتل المواطن السعودي جمال خاشقجي (رحمه الله)، يستند إلى مجموعة كبيرة من المبررات التي تفرغ هذا التقرير من محتواه. فالسعودية قالت منذ اليوم الأول للكشف عن هذه الجريمة، إنها تشكل انتهاكا صارخا لقوانينها، إلى جانب طبعا تصادم قيمها الأخلاقية والإنسانية مع جرائم بهذا الشكل في كل مكان، وما حدث هو أن مجموعة من السعوديين تجاوزت كل الأنظمة المعمول بها في البلاد، وخالفت صلاحيات الأجهزة التي كان عناصرها يعملون فيها، وهذا أمر يحدث في أي مكان، ومواجهة واضحة جدا، وتتلخص في تقديم المخالفين للعدالة، وفرض أحكام عليهم تناسب ما قاموا به، بمبادرات شخصية أدانتها المملكة على أعلى مستوى منذ البداية.

ما جاء في التقرير الأمريكي لا أساس له، وهو خارج عن السياق العام للحادثة المشينة، والأفظع من هذا أنه تضمن استنتاجات لا تستند إلى أدلة ذات صيغة قانونية وتحقيقات واضحة، وبالتالي كانت غير صحيحة تماما، وكان طبيعيا أن ترفضها المملكة جملة وتفصيلا. فقضية خاشقجي تمثل عملا إجراميا بشعا ضد مواطن سعودي، قام به سعوديون، سرعان ما قدموا للعدالة الوطنية، وهذا أمر طبيعي ويحدث في أي دولة في العالم. وعلى هذا الأساس، لا تنتظر السعودية تبرئة أو إدانة من أحد، ولا سيما أنها اتخذت الإجراءات القانونية الطبيعية كافة لمعالجة هذه القضية، وفرضت قواعد وأسسا وآليات بعدم تكرارها في المستقبل. يقف الشعب السعودي كله إلى جانب قيادته في هذه المسألة التي أعيد فتحها دون مبرر واقعي، لكن هذا لا يقلل بالطبع من زخم العلاقات التي تجمع الولايات المتحدة والمملكة، والتي تعود إلى أكثر من ثمانية عقود، مليئة بالعوائد السياسية والاقتصادية لكلا الطرفين، فضلا عن شراكتهما في محاربة العنف والإرهاب بكل أشكاله.

المصالح الثنائية بين الرياض وواشنطن حاضرة دائما، ولا يمكن أن تتزعزع لأنها تستند إلى أسس تاريخية قوية، وكذلك الأمر بالنسبة إلى مصالح المنطقة والعالم، من خلال الشراكة بين الطرفين الحليفين. ولذلك، فإن المملكة وهي تنظر إلى التقرير الأمريكي حول قضية خاشقجي، لا ترى سوى تسييس واضح لقضية جنائية تم إغلاق ملفها بمحاسبة المتورطين فيها. ولن تتأثر حتى العلاقات الاستراتيجية بين واشنطن والرياض بهذه المسألة، ولا سيما أن ما توصل إليه مكتب الاستخبارات الوطنية الأمريكية بشأن الجريمة البشعة النكراء، مجرد استنتاجات لا أساس لها من الصحة، ولا تستند إلى أدلة قطعية. في حين أن المحاولات اليائسة من أعداء السعودية ستبوء بالفشل في كل موقع ومسألة، لماذا؟ لأن المملكة طبقت القانون، وحاسبت الفاعلين الذين تحركوا أساسا من أنفسهم واجتهاداتهم السيئة جدا، دون أن ننسى، أن جلسات محاكمة هؤلاء حضرها ممثلون من جهات عدة بما فيها مجلس الأمن الدولي، وتركيا، ومن ممثلي المنظمات الحقوقية السعودية.

النقطة الأهم في كل هذا، أن الشعب السعودي يثق بالقضاء في المملكة، الذي يستند إلى كفاءة ومهنية القضاة السعوديين. إلى جانب ذلك، عبرت أسرة خاشقجي في كل المناسبات عن رضاها عن الإجراءات القضائية التي اتخذت في هذه القضية، بما في ذلك ثقتهم بعدالة الأحكام التي فرضت على المتورطين، وهذه الأحكام في حد ذاتها تمثل رادعا لكل مجرم بصرف النظر عن هويته ومكانته، فالأخطاء والتجاوزات تحدث في كل مكان من هذا العالم، ودور الدولة يبقى دائما في المحاسبة وفرض العدالة الحقيقية والنزيهة. حتى في الدول المتقدمة تحدث هذه التجاوزات، ومن بين أشهرها تلك التي جرت في سجن أبو غريب العراقي تحت السيطرة الأمريكية، من تعذيب وإهانات، دون علم القيادة العليا في الولايات المتحدة، وتسببت في مشكلات أخلاقية وإنسانية يصل صداها إلى وقتنا الحاضر.

إنشرها