Author

لتوازن اقتصادي منبعه الطبيعة والتراث 

|

منذ أن تولى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، مقاليد الحكم، وهو يعمل على تحقيق التنمية الشاملة المتوازنة بين أرجاء المملكة كافة، ولقد تحقق الكثير جدا منذ ذلك الوقت، وما زال العمل يسير وفق ذلك النهج الذي رسمه لنا من خلال رؤية 2030، تلك الرؤية التي تضع الإنسان في مقدمة اهتماماتها، وتصنع توازنا اقتصاديا عاما، وتخرج اقتصاد البلاد من مشكلة تقلبات سوق النفط، وهي التقلبات التي طالما أوقفت مشاريع التنمية وعطلت الازدهار.

وقد جاء صندوق الاستثمارات العامة، كإحدى الأدوات الاقتصادية الاستثمارية العملاقة، التي تعمل على استغلال وتنمية المزايا النسبية لكل منطقة من أجل صنع ازدهار اقتصادي يتناسب معها ومع ثقافتها، وتحقيق تنمية في البنى التحتية من خلال عائد اقتصادي حقيقي وجدوى واضحة، مع امتثال لقواعد الحوكمة ضمانا لعدم تسرب الفساد، إضافة إيجاد وظائف وزيادة في الناتج المحلي. لكن هذه الرؤية بهذه الخصائص وهذه التحديات، تحتاج إلى قائد فذ، ملهم، يدرك الخصائص النوعية والمزايا النسبية لكل قطعة من أرضه، وقد كان الأمير محمد بن سلمان ولي العهد، هو مهندس المرحلة وقائدها بكل معنى الكلمة.

ويأتي إطلاق ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، شركة السودة للتطوير، وهي شركة ضمن شركات صندوق الاستثمارات العامة، لتعمل في إحداث مفهوم التنمية الشاملة والمتوازنة في طول البلاد وعرضها. وقبل عدة أيام، أطلق ولي العهد كرئيس لمجلس إدارة شركة البحر الأحمر، تصميمات «كورال بلوم»، البوابة الرئيسة لمشروع البحر الأحمر، وهو المشروع الذي ارتكز على استثمار 11 جزيرة في البحر الأحمر، واستغلال المزايا النسبية للموقع، مع المحافظة على البيئة كشرط. كما أطلقت مشاريع في كل منطقة من مناطق المملكة حسب المزايا النسبية لها، وشركة السودة للتطوير في السياق نفسه، تعكس اهتمام وحرص ولي العهد على استثمار قدرات منطقة السودة السياحية وتحويلها إلى وجهات سياحية عالمية تقدم خيارات ترفيهية وسكنية متنوعة.

وسميت السودة بهذا الاسم، نظرا إلى كثافة الغطاء الأخضر فيها، فهي تقع على ارتفاع ثلاثة آلاف متر عن سطح البحر، وتكسوها أشجار العرعر ويغطيها الضباب طوال العام، وأجواؤها تتميز بالبرودة صيفا وتتساقط عليها الأمطار طوال العام تقريبا، فهي تعد وجهة سياحية رائعة للتخييم وهواة المشي والتسلق الجبلي، والطيران الشراعي، ولأهلها طابع ثقافي خاص، سواء في أنواع الأكل الذي يقدم، أو في العروض الشعبية. كما أنها قريبة جدا من السهول الساحلية للبحر الأحمر، وتقع محافظة رجال ألمع إلى الغرب منها، مع قرية رجال ألمع التاريخية ذات الفعاليات المتنوعة والأسواق الشعبية والمتحف الذي يحكي قصة المنطقة.

فالثقافة السياحية متوافرة ولها قاعدة في المنطقة، لكن لم تتجاوز بعد الإطار المحلي ومفهوم السياحة الداخلية، ولم تصل حتى الآن إلى مستوى المنافسة العالمية، وهي تحتاج من أجل تحقيق هذه القفزة إلى أن تضم مع الحالمين بقيادة الأمير محمد بن سلمان، الذي يعرف موطن القوة في بلاده ويعرف كيف يقودها إلى العالمية. وستكون شركة السودة إحدى شركات قطاع السياحة والترفيه، بالشراكة مع المستثمرين والقطاعين العام والخاص، وستسهم في زيادة الناتج المحلي بـ29 مليار ريال، وإيجاد ثمانية آلاف فرصة وظيفية مباشرة وغير مباشرة بحلول عام 2030. هذه الاستثمارات التي ستعمل على تطوير البنى التحتية بأكثر من 20 مشروعا، وباستثمارات تزيد على ثلاثة مليارات ريال، بالشراكة مع المستثمرين والقطاعين العام والخاص، هي ترجمة عملية لما ذكره ولي العهد بأن التنمية ستطول جميع مناطق المملكة، لكنها ليست تنمية عمياء، بل تنمية ذات جدوى اقتصادية تمكن المواطنين من إيجاد فرص العمل في مناطقهم، وتمكن البلاد من تحقيق نمو حقيقي في الناتج المحلي، فالاستثمارات في شركة السودة ستعمل على جذب أكثر من مليوني سائح كل عام، وهذه الأعداد كفيلة بإيجاد فرص عمل شتى، وإيجاد دخل مستدام، وتدعم رفع جودة الخدمات المقدمة في منطقة المشروع.

ومشاريع شركة تطوير السودة لا تبتعد عن المسار الذي قامت عليه جميع مشاريع صندوق الاستثمارات العامة، من حيث الارتكاز على الابتكار، والمحافظة على البيئة وتحسين جودة الحياة، وهذا كان واضحا في مشروع «كورال بلوم» في البحر الأحمر، وظهر للعالم في العلا مع اجتماعات قادة دول الخليج، فشركة السودة ستعمل على صنع إطار عمل تنظيمي، يعنى بالمحافظة على البيئة والموروث الثقافي الإنساني وتطوير "أنظمة الكود العمراني" في منطقة المشروع، وإزالة التلوث البصري، وهذا في مجمله سيجذب الاستثمارات، ويحقق الازدهار المطلوب.

إنشرها