FINANCIAL TIMES

كوفيد - 19 يفرض تحولا إلكترونيا في أسواق السندات

متداولو السندات في بورصة شيكاغو في 1995 يمارسون عملهم بالطريقة القديمة التي سبقت وصول العصر الرقمي.

تلاشت إحدى الصور الرئيسة لوول ستريت في عصر فيروس كورونا، بعدما أدت التداولات الإلكترونية إلى محو مشهد متداولي السندات المتهورين وهم يتصايحون بالأوامر.

مع ارتفاع التقلبات في العام الماضي، ارتفعت كذلك النسبة المئوية لتداولات سندات الشركات المنفذة إلكترونيا. بينما انتقل المستهلكون إلى التسوق عبر الإنترنت وانتقلت الاجتماعات المكتبية إلى زووم، تحول المتداولون العالقون في منازلهم إلى المنصات الإلكترونية لمواصلة شراء وبيع السندات في الأسواق التي يهزها الوباء.

وفقا لبيانات جرينتش أسوشيتس، بحلول كانون الأول (ديسمبر) كانت واحدة من كل ثلاث معاملات تتم على منصة إلكترونية. استمر هذا الزخم في الشهر الماضي، وارتفعت أحجام التداول الرقمي في السندات ذات الدرجة الاستثمارية والسندات عالية العائد بنسبة 3 في المائة و7 في المائة على أساس سنوي، على التوالي. ويتوقع محللون ومتداولون أن يستمر هذا التحول.

قال كيفن ماك بارتلاند، رئيس هيكل السوق وأبحاث التكنولوجيا في جرينتش أسوشيتس: "في حين أن الناس سيجدون طريقهم للعودة إلى المكاتب مع مرور الوقت، إلا أن الأدوات والتكنولوجيا الجديدة التي اعتمدوها ستبقى". أضاف أن التداول الإلكتروني كان في ارتفاع من قبل الجائحة، لكن "الانتقال إلى التداول من المنزل بالتأكيد أدى إلى تسريع الأمور".

كانت سوق سندات الشركات بطيئة في تبني التكنولوجيا مقارنة بسوق العملات أو أسواق الأسهم التي تتم الآن في الغالب بشكل إلكتروني. سيكون لدى الشركة العامة الأنموذجية سند سهمي واحد لكن قد تكون لديها أنواع متعددة من السندات، مع تداول كل أداة دين بشكل أقل تكرارا. هذا يجعل توحيد التداول أكثر صعوبة.

لقد بدأ ذلك في التغير قبل اندلاع الجائحة. حقق التداول الإلكتروني تقدما مع نمو منصات مثل ماركت آكسس MarketAxess وتريد ويب Tradeweb - يمكن للمستثمرين طلب أسعار السندات إلكترونيا من بعض التجار، أو التداول دون الكشف عن هويتهم في السوق الأوسع بأسعار تظهر على المنصات.

تم تشجيع هذا التحول من خلال الاستخدام المتزايد في أسواق السندات للصناديق المتداولة في البورصة: أدوات شبيهة بالأسهم مع تسعير يومي يتتبع المؤشر الأساسي. مزودو الصناديق المتداولة في البورصة الذين يتداولون في السندات وخارجها للحفاظ على ارتباط الأداة بمؤشرها قادوا التقدم في التداول الإلكتروني.
لكن خلال العام الماضي أصبح التداول الإلكتروني هو الأسلوب المعتمد لكثير من المستثمرين.

قال كريس برونر، رئيس الدخل الثابت المؤسسي الأمريكي في تريد ويب: "نعتقد أن العمل من المنزل كان محفزا قويا. يتعلق الأمر بالعقلية وموقفها من الابتكار بقدر ما يتعلق بالتكنولوجيا نفسها. خلال العام الماضي كان الناس متفتحين للنظر إلى أدوات جديدة ورؤية ما ينجح في بيئة جديدة".

نظرا لأن فيروس كورونا أثار تقلبات في الأسواق منذ نحو عام، ارتفعت الرغبة في تداول السندات أيضا، حين سعى المتداولون إلى إعادة بناء مراكزهم في مواجهة المخاطر الجديدة الناجمة عن الوباء. أصبحت كل وسيلة، بما في ذلك التداولات الإلكترونية، حاسمة في توفير السيولة التي تشتد الحاجة إليها.

أحتاج المستثمرون أيضا إلى بيانات أكثر تواترا عن السندات التي، في الأوقات العادية، بالكاد تتغير يوما بعد يوم. لقد أرادو الحصول على أحدث المعلومات عن الأسعار، بينما قال مصرفيون إنهم يحتاجون أيضا إلى بيانات أسرع لإدارة المخاطر الخاصة بهم.

تضاعف هذا من خلال التحول إلى العمل من المنزل، حين تم استبدال المعلومات التي كان يتم جمعها من المحادثات في طوابق التداول بالاتصالات الإلكترونية.
قال لين مارتن، رئيس الدخل الثابت وخدمات البيانات في شركة ICE: "أعتقد أن الأمر يتعلق بالبنية التحتية الموجود لدينا في المنزل، مقارنة بما لدينا في المكتب. لقد أجبرنا جميعا على التفكير بطريقة مختلفة".

بعد التقلبات جاءت موجة اقتراض. جمعت الشركات مئات المليارات من الدولارات من خلال سوق السندات لتجاوز الوباء. قال مصرفيون إن زيادة سهولة وكفاءة التداول سمحت لهم بالاستجابة لطلبات التداول لبقية العام، ما أدى إلى ارتفاع الأحجام.

تمتعت كل من تريد ويب وماركت آكسس بأحجام قياسية في سوق الائتمان الأمريكية في 2020. وارتفعت أسعار أسهم المنصتين 50 في المائة ونحو 40 في المائة، على التوالي خلال العام الماضي.

بمجرد تنفيذ عملية تداول، يتم استخدام الأنظمة الإلكترونية لمصدر البيانات وأسعار السندات والتواصل مع التجار وتتبع المراكز، وتحليل العملية بعد إتمامها.

قال سونالي تيسين، رئيس التجارة الإلكترونية وهيكلة السوق في بانك أوف أمريكا: "كان هذا على قمة أولوياتنا العام الماضي، قبل الوباء، لكنه وصل الآن إلى ذروته. لقد أصبح هذا النظام البيئي بأكمله محورا لكيفية إدارة الأعمال التجارية بكفاءة".

يؤثر تحول النظام حتى في أكثر زوايا السوق ثباتا. شهد بانك أوف أمريكا زيادة بنسبة 67 في المائة في كمية السندات ذات العائد المرتفع التي تم تداولها إلكترونيا بين 2019 و2020. كانت السوق تعمل تقليديا عبر الهاتف، بسبب انخفاض وتيرة تداول السندات وضعف جودتها الائتمانية، ما يجعل تسعيرها أمرا صعبا.

سجلت كل من ماركت آكسس وتريد ويب متوسطا قياسيا لأحجام التداول اليومية للسندات ذات العائد المرتفع في كانون الثاني (يناير).

قال ريك ماكفي، الرئيس التنفيذي لشركة ماركت آكسس: "هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به وهناك مسار نمو طويل أمامنا. لقد دخلنا الآن في الاتجاه السائد".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES