Author

جمعية حماية المستثمرين الأفراد .. حلم تحقق ولكن

|
مختص بالأسواق المالية والاقتصاد

في 26 أيلول (سبتمبر) عام 2011، طرحت في أحد المواقع المختصة مقترحا بعنوان "دعوة لتأسيس جمعية وطنية لحماية المستثمرين"، مع مسودة لنظام عمل الجمعية، ومن ثم أعدت طرح الموضوع عام 2014 هنا في صحيفة "الاقتصادية". وفي مطلع عام 2020، سرني - كما سر كثيرا من المستثمرين الأفراد والمهتمين بسوق الأسهم في المملكة - خبر إنشاء جمعية حماية المستثمرين الأفراد من قبل وزارة العمل والتنمية الاجتماعية. مضى الآن أكثر من عام على إنشاء الجمعية، وكلنا أمل أن نرى هذه الجمعية الواعدة وهي تمارس دورها بشكل فاعل وتعمل بمهنية عالية نحو تحقيق أهدافها، ولا سيما أن الجمعية تضم في مجلس إدارتها نخبة مميزة من المختصين والمهتمين بمجال الأوراق المالية.
أعتقد أن أمام الجمعية عددا كبيرا من المواضيع الملحة التي أتمنى أن يتم الالتفات إليها، كونها تصب في مجال عملها، وتأتي ضمن أهدافها، التي لا تختلف عن الأهداف التي ذكرتها عام 2011 في المقترح آنذاك. فما أهداف الجمعية المعلنة؟ وكيف يمكن للجمعية ممارسة عملها بالتعاون مع الأطراف المعنية الأخرى؟ هذه الأطراف حددتها الجمعية بأربع جهات: هيئة السوق المالية، وشركة "تداول"، والأمانة العامة للجان الفصل في منازعات الأوراق المالية، ومركز إيداع الأوراق المالية.
الأهداف الرسمية للجمعية بتصرف تتمثل فيما يلي:
- توفير مواد تعليمية وتدريبية للمستثمرين لأغراض إعداد البحوث في الاستثمار وحوكمة الشركات ومتطلبات الإفصاح والجمعيات العمومية، وذلك بهدف تطوير المستوى المعرفي والتوعوي لدى المستثمرين.
- دعم الجهات الرقابية والإشرافية في مراقبة الشركات المدرجة ودعم قضايا المستثمرين الأفراد وحمایتهم، بما في ذلك أي قضايا متعلقة بإدارات الشركات المدرجة أو في السوق المالية.
- التواصل مع الشركات المدرجة عبر حضور المناسبات المختلفة، بما في ذلك اللقاءات والمؤتمرات التي یحضرها المحللون وكبار المستثمرين.
- مراجعة الأنظمة والسياسات المؤثرة في المستثمرين وتقديم المقترحات والتوصيات بشأنها، وتقديم المشورة والمساعدة القانونية للمستثمرين الأفراد.
الحقيقة: إن معظم كتاباتي تدور حول حقوق المستثمرين في الأسهم، وقد طرحت عددا من الملاحظات، أوجزها هنا لعل الزملاء في جمعية حماية المستثمرين الأفراد ينظرون إليها، ويأخذون ما يرونه مناسبا للإدراج في جدول أعمالهم. بعض هذه المواضيع والقضايا يمكن حلها مباشرة من قبل الرفع لأحد الشركاء المعنيين، والبعض الآخر من القضايا والمواضيع قد تحتاج إلى بعض الدعم من قبل جهات أخرى. فمثلا، عند وجود ملاحظات متعلقة بمخالفات في إعلانات الشركات أو القوائم المالية أو طبيعة تداول بعض الأسهم، يمكن في هذه الحالة قيام المستثمرين بشكل مستقل أو من خلال الجمعية الرفع مباشرة للهيئة أو "تداول" أو أي من الشركاء الآخرين، والتنويه عن الخلل، وبحكم أن كثيرا من هذه الأمور تقع ضمن اختصاصات هذه الجهات وكجزء من أعمالها اليومية، فيمكن أن تحل بسهولة. كذلك يمكن لهذه الجمعية أن تقوم باقتراح الأنظمة والضوابط والتنظيمات ذات الصلة بحماية المستثمر ومناقشتها مع شركاء الجمعية، ومنها على سبيل المثال: تقديم الدراسات المتعلقة بتحسين البيئة الاستثمارية وتطوير آليات التداول، وتقليص التكاليف على المتعاملين بالأوراق المالية في المملكة، ومثل هذه الملاحظات قد تجد آذانا صاغية عندما ترفع باسم جمعية حماية المستثمرين الأفراد، بدلا من الملاحظات الفردية. بحكم أن الجمعية تهتم بالدراسات والأبحاث، فقد يكون من المناسب تقديم المشورة العلمية بخصوص وحدات تغير أسعار الأسهم، التي تم تصميمها بطريقة غريبة لا يعمل بها في الأسواق الأخرى، ولا يوجد لها أي فائدة عملية أو أسباب منطقية، والمقصود هنا وحدات الأسعار من هللة واحدة وخمس هللات وعشر هللات و25 هللة. كذلك لا بد لهذه الجمعية أن تسعى من أجل إيقاف العمل بطريقة عمولة الأسهم الحالية، التي تأخذ عمولة من البائع والمشتري، وتستنزف يوميا بين 20 و35 مليون ريال من المستثمرين كعمولات مقابل تداولاتهم اليومية للأسهم، في الوقت الذي نجد التوجه العالمي الآن نحو العمولة المجانية، أو غالبا بحد أقصى ما يعادل 37 ريالا لكل عملية. يمكن كذلك للجمعية إيضاح الخلل القائم في جعل عمولة التداول مبنية على حجم الصفقة، في حين أن التكلفة الفعلية لتنفيذ عمليات التداول غير مرتبطة لا بحجم الصفقة ولا عدد الأسهم.
برأيي: إن جمعية حماية المستثمرين الأفراد لها دور كذلك في حث هيئة السوق المالية على إيجاد آلية دقيقة وعادلة لمعاقبة المتلاعبين بالسوق من المتداولين، حيث لا يعلم حتى الآن ما طبيعة المخالفات التي تعدها الهيئة مخالفة، عدا بعض الجمل العامة الواردة في النظام ولائحة سلوكيات السوق. الواجب على الهيئة شرح هذه المخالفات بالتفصيل، دون حرج، كي يكون المتداول على اطلاع تام بنوع المخالفة وطبيعتها كي لا يقع فيها. فيما يخص التوعية، أرى أن من ضمن اختصاص الجمعية الواعدة، ولا سيما أنها حددت جانبين مهمين لمجال عملها بخصوص حماية المستثمر، وهما الجانب التوعوي والجانب القانوني، فلا بد من حث شركة "تداول" على تطوير موقعها الإلكتروني بما يتناسب مع حجم وضخامة سوق الأسهم السعودية. أولا، يجب أن يتم بث الأسعار الفورية، على الأقل للمؤشرات الرئيسة، إن لم يكن لكل الأسهم، وتقديم خرائط أسعار احترافية مجانية على الموقع. ويجب كذلك معالجة الخلل المتمثل في قيام شركات الوساطة بحجب الأسعار الفورية عن العملاء، حيث يتعين على العميل الاشتراك بمبالغ مالية للحصول على الأسعار الفورية. هذا الخلل يصل إلى درجة حرمان العميل من السعر الفوري حتى وهو على وشك إتمام عملية الشراء أو البيع. كذلك ينقص موقع "تداول" وجود البيانات المالية بالصيغ القياسية المعروفة، التي يستفيد منها المستثمرون والمحللون في معالجة البيانات واستخدامها في دراساتهم وخططهم الاستثمارية. حاليا، تعرض جميع البيانات المالية إما على شكل صور أو بالصيغة القياسية لمتصفحات الإنترنت، التي تأتي بمرونة متدنية وصعوبة في التعامل معها.
الآمال معلقة على جمعية حماية المستثمرين الأفراد، وأمامها جملة من المهام والملاحظات التي بلا شك ستعمل عليها، لكن هناك كذلك جوانب أخرى ذكرتها هنا، وأرى أن هناك حاجة ماسة إلى تناولها من قبل الجمعية. ختاما، أشير إلى أنه في الاقتراح الأصلي عام 2011 طالبت بأن يستقطع جزء قليل من عمولة التداول لمصلحة جمعية حماية المستثمرين لتتمكن من ممارسة أعمالها باحترافية عالية وكفاءة واقتدار.

إنشرها