Author

ما الذي ستضيفه المراكز الإقليمية للشركات العالمية في المملكة؟

|
متخصص في المعاملات المالية، مستشار في المالية الإسلامية ـ الجامعة السعودية الإلكترونية

قرار كان مفاجأ نسبيا للمراقبين أن تعلن المملكة عزمها عدم تعاقد الجهات الحكومية مع الشركات التي لها مراكز إقليمية في المنطقة، لكن ليس في المملكة. والحقيقة: إن هذا في جهود حثيثة تقوم بها المملكة لتحقيق رؤيتها وتعزيز مركزها كأهم اقتصاد في المنطقة، وهذا التوجه يدعم سعي السعودية إلى جعل مدنها مراكز اقتصادية متقدمة وجاذبة، بما فيها من بنية تحتية ونمو. والحديث عن زيادة حجم اقتصادات المدن في المملكة في مراكز متقدمة من حيث حجمها اقتصاديا، وهو إن كان تحديا كبيرا في المنافسة عالميا، ومن مدن بدأت تنمو بشكل متسارع، إلا أن الجهود الكبيرة تسير باتجاه هذا الحلم. حجم ما تم إنفاقه على مدن المملكة الرئيسة، وفي مختلف المناطق كبير، يجعلها مهيأة لأن تكون في مراكز متقدمة في خريطة الاقتصاد العالمي، ووجهات مهمة لكل من يريد أن يبني علاقات تجارية ومالية فاعلة في المنطقة، فالسعودية هي الاقتصاد الأضخم في المنطقة، وتستوعب حجم استثمارات أكبر عطفا على حجم المشاريع والفرص، ولا شك أن وزارة الاستثمار قدمت كثيرا من الحوافز لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية ودعم الاستثمارات المحلية.
من أهم النتائج التي يمكن أن يحققها هذا التوجه، هو توليد الوظائف، الذي أصبح أولوية حكومية من خلال برامج متعددة في مختلف القطاعات، بما فيها برامج التوطين ودعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة، ودعم فرص التدريب والتأهيل في مختلف المجالات التي تحتاج إليها السوق، ووجود مقار إقليمية للشركات سيدعم ويحفز الشباب على الارتقاء بمؤهلاتهم ومهاراتهم بما يمكنهم من الحصول على وظائف مميزة في تلك الشركات. والحقيقة: إن ما تم استثماره في تعليم المواطنين كان له أثر كبير في مستوى التأهيل الذي تتمتع به القوى العاملة الوطنية، ومستوى الإنجاز الذي استطاعت تحقيقه، والفرص المتاحة لديها، ليس في المملكة فقط، بل حتى في مختلف دول العالم، حيث أصبح كثير منهم يجد فرصا جيدة للعمل في شركات مرموقة حول العالم، رغم الفرص الكبيرة لهم في المملكة، ووجود الفروع الإقليمية للشركات الكبرى سيكون له أثر كبير في دعم بناء قدرات وطنية مميزة واستقطاب الكفاءات للعمل في السعودية.
لعل أحد أهم النتائج التي يمكن أن يحققها انتقال مجموعة من الفروع الإقليمية للشركات العالمية، هو توليد الفرص لشريحة واسعة من المستثمرين ورواد الأعمال في المملكة، حيث إن هذه المراكز ستحتاج إلى كثير من الخدمات اللوجستية والمساندة لأعمالها، وهذا سيكون له دور كبير في تنمية النشاط الاقتصادي، كما أن هذا الإجراء سيدعم حركة السفر والتنقل، وستنتعش الحركة في المطارات عموما، إضافة إلى أنه سيدعم بشكل كبير إقامة المؤتمرات والملتقيات الخاصة بقطاع الأعمال في مدن المملكة الرئيسة، وهذا من شأنه أن يدعم ما يسمى سياحة الأعمال، وهو ركيزة أساسية من أهداف تنمية القطاع السياحي الذي سينعكس أثره على الاقتصاد والوظائف، سواء المؤقتة أو الدائمة للمواطنين.
من أهم القطاعات التي يمكن أن تستفيد من هذا الإجراء هو، القطاع العقاري، الذي بدأ يتجاوب بصورة كبيرة مع هذا الخبر، لكن ينبغي ألا ينساق كثير من المتابعين خلف احتمالات الارتفاع الكبير لأسعار العقارات بشكل غير منطقي، حيث إن هناك عملا حكوميا لإعادة تأهيل السوق العقارية ودخول مستثمرين كبار وصندوق الاستثمارات العامة من خلال شركاته، وإعادة تأهيل الأحياء والمناطق السكنية حتى في الأحياء القديمة والمناطق التي لم تصل إليها الخدمات، إضافة إلى برامج الرسوم على الأراضي البيضاء، الذي يتضمن عدة مراحل كفيلة بتحفيز ملاك الأراضي على تطويرها بغرض بيعها، ووجود ضريبة القيمة المضافة للحد من عمليات التداول بغرض رفع الأسعار، إضافة إلى التوسع الكبير الذي نشاهده اليوم في تطوير الأراضي والعمل على تطوير المناطق السكنية الجديدة، وقد نشهد إقبالا أكبر على الشقق السكنية، خصوصا مع الاهتمام بالمناطق العامة وأنسنة المدن في المملكة، ما يخفض من تكلفة السكن، إضافة إلى جهود وزارة الإسكان في توفير خيارات مناسبة للمستحقين للدعم السكني.
الخلاصة: إن استقطاب المقار الإقليمية للشركات العالمية سيكون له أثر كبير وإيجابي في السوق في المملكة، ومنها مسألة التوظيف للقوى العاملة الوطنية. ومن النتائج الإيجابية المتوقعة: دعم الشركات المحلية من الحاجة إلى المقار الإقليمية لمجموعة كبيرة من الخدمات المساندة واللوجستية، كما ستدعم الطلب بشكل أكبر على المحتوى المحلي، وحركة السفر والتنقل داخل المملكة، إضافة إلى سياحة الأعمال، بما في ذلك الاجتماعات والملتقيات بشكل مستمر.

إنشرها