Author

بناء للمشورة المعرفية للشباب

|
كبير الاقتصاديين في وزارة المالية سابقا
تتعقد شؤون الحياة أكثر مع مرور السنين. وتتعقد أكثر مع متغيرات وأحداث سواء كانت مرغوبة أو لا. وقد ألقى وباء كورونا مزيد ضوء على مواضع قصور في نظم البشر الاقتصادية والاجتماعية وشبكات الأمان الاجتماعي. وزادت التكهنات عن مستقبل عالم الأعمال والاقتصاد فيما بعد الوباء. وتبعا، ظهر عالميا مزيد حاجة إلى تدخلات حكومية تخفف من الأضرار الاقتصادية للأفراد والمنشآت.
كل ما سبق زاد من الحديث عن مدى استيعاب الناس، وجيل الشباب خاصة، لما يجري، وكيف يتعاملون معه. هو جانب موجود من قبل، لكن كورونا زادت من ظهوره، وزادت من أهمية الحديث عنه.
هذا يجر إلى الحديث عن دور للقطاع الخاص في نشر المشورة المعرفية. ذلك أن المسؤولية الاجتماعية للشركات تتلخص في تبني أنشطة ذات تأثير إيجابي في المجتمع. ينبغي أن تسلك الشركات طرقا تؤثر في نمو المجتمع وتطوره. تتطلب مشورة جيدة يروم مقدمها تلقي الأجر من الله - سبحانه -، وليس تحقيق كسب مادي.
تلقي الاستشارات بأنواعها مطلب. وقد قيل منذ زمن بعيد «ما خاب من استشار». وتتأكد أهمية الاستشارات أكثر لفئة الشباب، وللكثيرين الذين يعانون مشكلات في مراجعاتهم، أو تواجههم مشكلات أو قضايا أسرية أو مالية أو وظيفية أو معاشية أو غيرها في شؤون حياتهم. لكنهم يواجهون مشقة في الحصول على الاستشارة أو المعلومة المناسبة، لأسباب عديدة لا تخفى.
من المناسب إنشاء جهاز استشاري شامل وطني غير ربحي، تسهم فيه الدولة والقطاع الخاص. وتتشارك فيه جهات حكومية ذات علاقة مباشرة، مثل: وزارة الموارد البشرية، ووزارة التعليم، والهيئة العامة للتعليم الفني، والهيئة العامة للمنشآت الصغيرة، والصناديق الحكومية التنموية. وللغرف التجارية المشاركة بطريقة يراها أهل الشأن أنها الأنسب. وينبغي أن تسهم في المشروع بشكل ما مراكز الأبحاث ومنظمات المجتمع المدني.
يخطط لأن تصل خدمات المؤسسة المقترحة أرجاء المملكةكافة، وأن يعمل فيها نخبة من الاستشاريين، الذين يتمتعون بالمعرفة والخبرة في التخصصات كافة ومجالات الأنشطة قدر المستطاع.
وينبغي أن يكون الموقع الإلكتروني للمؤسسة المقترحة في إطار المنظومة الفكرية الكلية للسعودية. والفكرة ليست جديدة. ففي بريطانيا، مؤسسة تحت اسم Citizens Advice. بما يمكن ترجمته إلى هيئة مشورة المواطنين. وجاء في موقعها أنها تعمل على إعطاء الناس المعرفة والثقة التي يحتاجون إليها للتقدم للأمام. وتقدم المشورة أونلاين وهاتفيا وبالمقابلة الشخصية مجانا. ويعمل فيها عدد كبير من المستشارين المؤهلين.
ولفت انتباهي خبر في موقع وكالة الأنباء السعودية في رجب 1439. خلاصته أن رئيس مجلس الغرف السعودية آنذاك المهندس أحمد بن سليمان الراجحي (وزير الموارد البشرية حاليا) امتدح موافقة مجلس الشورى على دراسة مقترح مشروع نظام تقديم الاستشارات في المجالات الاقتصادية والمالية والإدارية. لماذا؟ حتى يضطلع قطاع الاستشارات في المملكة بالدور المأمول منه في مسيرة التنمية الاقتصادية في البلاد.
ينبغي لممثلي القطاع الخاص، كالغرف التجارية، الدفع تجاه تأسيس مشروع استشاري خيري، أو شبه خيري، يعمل فيه نخبة من المستشارين، الذين يتمتعون بالمعرفة والخبرة في التخصصات كافة ومجالات الأنشطة قدر المستطاع. وينبغي أن يتعاون مع مراكز الأبحاث.
تسهم في تأسيس المشروع تمويلا الدولة والقطاع الخاص والأفراد المقتدرون. ومن ضمن خطوات خطة التنفيذ تشكيل لجنة للتأسيس. وطبعا يتطلب المشروع وضع نظام واستراتيجية وخطة تشغيل تخدم أهداف وطبيعة عمل المركز واحتياجاته، والصلاحيات وتوزيع الأعمال واتساقها مع الجهات الأخرى وكيفية تقديم خدماته وسياسات العمل فيه
ويمكن تلخيص أهداف التنظيم في: المساعدة على حل أو على الأقل تخفيف المشكلات العائلية والفردية للراغبين في مشورة. وإعلاء قيمة السعي (العمل). وتقديم حلول وأفكار ومقترحات لمشاريع صغيرة. وتمكين المواطنين والعاملين في القطاع الأهلي والخيري والمتطوعين في المجتمع السعودي من إمكاناتهم الطبيعية وتنمية قدراتهم ليكون لهم مزيد دور فاعل وإيجابي في الحياة الاجتماعية.
وأخيرا، زيادة تنمية مهارات المواطنين والمواطنات على الخط المباشر، ودعم بعض تكلفة تدريبهم على ما يلزمهم من مهارات لاكتساب أرزاقهم، وإعلاء شعار التأهيل لسوق العمل بالمهارات لا الوظائف.
وفي إطار ما سبق، يمكن وضع عدد من القضايا والملفات التي سيركز عليها التنظيم. وهنا أمثلة، منها: القروض والتمويل. والمشاريع الصغيرة والمشاريع المتعثرة. والديون والمستهلك والتعليم والتدريب. والتوظيف وفرص العمل والعمل من المنازل والتأهل للوظيفة.
إنشرها