Author

مستقبل الرياض ورؤية المملكة

|
متخصص في المعاملات المالية، مستشار في المالية الإسلامية ـ الجامعة السعودية الإلكترونية
في لقاء ولي العهد، الذي تحدث بخطوط عريضة عن استراتيجيته لمدينة الرياض، ورؤيته لأهمية دور المدن في اقتصادات الدول وإسهامها في تعزيز النمو للاقتصاد المحلي. وهذا التوجه المنطقي الذي يفترض أن تبنى عليه اقتصادات الدول، إذ ينبغي أن يكون لإسهام المدن في الاقتصاد الحصة الأكبر. وتحدث بملامح عامة عن رؤيته لشكل الرياض مستقبلا، وكيف ستحظى هذه المدينة بأهمية كبيرة لتكون واحدة من أكبر عشر مدن اقتصاديا في العالم. ولا شك أن الرياض مهيأة أكثر من ذي قبل لسباق صعب في خريطة اقتصادات المدن في العالم، فوصولها إلى المرتبة الـ40 حاليا ليس بالأمر اليسير، والسباق على المراتب الأولى أكثر صعوبة، خصوصا مع وجود منافسة دول جديدة وحرص الجميع على حجز مركز مميز عالميا، فالتحول يتطلب جهودا كبيرة وغير تقليدية للوصول إلى الهدف.
الاستثمار في الرياض، خصوصا في البنية التحتية، كان ضخما في الفترة الماضية، ولا سيما في الطرق والنقل، بما فيها المشروع الكبير الخاص بمترو الرياض، وشبكة القطار التي تم تنفيذها وما هو في مرحلة البناء. تتميز الرياض بموقعها وسط المملكة وإمكانية توسعها بشكل كبير جغرافيا وشبكة الطرق التي تمر بها لتصل إلى جميع مناطق المملكة، إضافة إلى أن كثيرين في المملكة أصبحوا يرونها خيارهم المفضل للسكن، وما زالت تحتضن الجديد كل فترة بما يجعلها جذابة، خصوصا لفئة الشباب. وتتميز - كما أشار إلى ذلك ولي العهد - بأن تكلفة النمو السكاني فيها الأقل بين مدن المملكة الأخرى، كما أن الجهود الكبيرة لتعزيز فرص الحصول على سكن بدعم من وزارة الإسكان، جذب كثيرين لاختيار تملك السكن في مدينة الرياض، وما زالت الفرص كبيرة ونوعية لبناء مناطق سكنية مميزة وجاذبة، خصوصا للشباب اليوم.
ركائز نمو مدينة الرياض اقتصاديا تقوم في أساسها على عناصر متعددة، منها مركز مالي سيكون - بإذن الله - الأهم إقليميا، ويضع له مكانا على الخريطة العالمية في مركز الملك عبدالله المالي، كما سيكون خيارا للمراكز الإقليمية للشركات العالمية، ومركزا رئيسا للشركات السعودية، كما ستكون الرياض محاطة بالمدن الصناعية الأضخم إقليميا، وسترتبط خليجيا بشبكة قطارات، بما يعزز من النشاط التجاري.
الاهتمام باقتصادات المدن سيشكل ركيزة داعمة لنمو الرياض وبقية مدن المملكة، وهنا نجد أن هذا سيمثل فرصة وتحديا لأمانات المناطق والبلديات، إذ إن التركيز على اقتصاد المدن سيجعلها لاعبا رئيسا في النشاط الاقتصادي بها، ما يتطلب الاهتمام بجوانب أنسنة المدينة، حيث يتم الاهتمام بكل ما يتعلق بالجوانب البيئية فيها وزيادة المناطق الخضراء، ولدى الأمانات فرصة لإعادة تشكيل الأحياء السكنية والمناطق التجارية بما يعزز فرص جاذبيتها للسكن والسياحة والتجارة، وييسر حركة النقل فيها وكفاءتها وتنوعها. كما أن هذا المشروع الضخم لجعل مدينة الرياض ضمن أقوى عشر مدن اقتصاديا، سيعزز فرص الدخل والموارد المتحصلة من النشاطات المختلفة. هناك تحديات كبيرة تواجه عملية الحراك المتسارع للوصول بالرياض إلى مركز متقدم اقتصاديا، حيث إن الحديث عن ارتفاع تكلفة السكن والعقار أصبح هاجسا للمقيمين في مدينة الرياض، ما يتطلب نشاطا واسعا من قبل جهات التخطيط في المدينة لتعزيز فرص وجود وحدات سكنية كافية وبتكلفة مناسبة، إضافة إلى الاستفادة من الأحياء القديمة لإعادة تأهيلها لتكون جاذبة للسكن، خصوصا مع كفاءة البنية التحتية فيها واكتمال الخدمات في تلك المناطق وتوسطها المدينة، ما يجعل لها أهمية في توفير بيئة سكنية جاذبة. مترو الرياض سيكون نقطة تحول في المدينة، حيث سييسر مسألة النقل وانخفاض تكلفته على سكان الرياض، خصوصا مع العمل عليه بشكل شامل بما ييسر وصول الأفراد إلى مناطق عملهم. ما زال الجميع اليوم في المملكة في شغف للاطلاع على استراتيجية الرياض، وكيف يمكن للمدينة التي تغص بسبعة ملايين ونصف ستكون قادرة على استيعاب ما يقارب 20 مليون نسمة.
الخلاصة: إن استراتيجية الرياض ستوجد فرصا هائلة للمواطن في المملكة، سواء فرص العمل أو التجارة أو الترفيه، والتحول إلى اقتصاد المدن سيمثل فرصة كبيرة لأمانات المناطق وبلديات المدن للعب دور كبير في تطوير المدن وتنمية مواردها، وتعزيز جاذبية المدن والمناطق في مختلف الجوانب بما فيها التجارية والصناعية والسياحية، حيث إنها الجهات المنوط بها إدارة جانب الخدمات ومسؤولية كبيرة لتنفيذ جوانب مهمة فيما يتعلق بتخطيط المدينة.
إنشرها