default Author

التحايل على الأمراض

|
أنت وحدك من يستطيع التلاعب بجيناتك، لن تحتاج إلى أدوية أو عمليات. كل ما عليك فعله هو أن تتعرف على ذاتك وتغير من محيطك المحبط، بيئتك الضارة، وعاداتك السيئة ليستجيب جسدك ويغير من ذاته وبنيته دون الحاجة إلى مختبرات.
يحدث ذلك بعد أن اكتشف العلماء أن هناك شيئا يدعى "ما فوق الجينات" وهي نظرية هدمت قناعات بنيت منذ القرن الـ20 الذي يعد العصر الذهبي لعلم الوراثة بعد اكتشاف الشفرة الجينية وتسلسل الجينات لدى الإنسان، الذي عزي إليه مظهر الإنسان وسلوكه حتى استعداده للإصابة بأمراض معينة. ومن بديع صنع الله أنه على الرغم من امتلاك كل خلايا الجسم البشري النسخة الجينية نفسها، إلا أن كل مجموعة من الخلايا تتمايز لتعطي عضوا ونسيجا مختلفا عن مثيلاتها، وهذا ما فتح الباب لهذا العلم.
يشبه الجينوم البشري لوحة مفاتيح بيانو ضخمة تضم أكثر من 20 ألف مفتاح، حيث يمثل كل جين في هذا الجينوم أحد مفاتيح هذه اللوحة الضخمة التي يصدر كل منها نغمة مختلفة، استجابة لمحفزات خارجية "ضغط الأصابع" رغم تطابقها في الشكل الخارجي.
وهكذا تنتج الجينات تعبيرات متباينة استجابة لأمرين برمجتها الجينية المعقدة، والمحفزات الخارجية الموجودة في الحياة، التي يتم من خلالها تشغيل الجينات وتعطيلها، فتسجل هذه العلامات أساليب الحياة التي نختارها على الجينوم، وهي عملية مكافئة لآلية ضغط الأصابع على لوحة مفاتيح البيانو.
وقد أثبت العلم أن ما يختبره المرء في حياته يغير من طريقة عمل الجينات لديه، حيث تشكل جيناته وأسلوب حياته حلقة تغذية مرجعية لجيناته ما يحدث فرقا كبيرا بها.
وهذا يفسر ما وجده الباحثون عن أن التوأمين المتطابقين جينيا الحاملين الجين ذاته المسبب لمرض ما، قد يظهر هذا المرض على أحدهما دون الآخر، حسب بيئة كل منهما وأسلوب حياته.
إن كل طعام أو خاطرة أو عاطفة أو فعل أو اختيار أو سلوك أو عادة في حياتنا سيرسل إشارة إلى جيناتنا لتتحكم في نشاطها، ما يؤدي إلى تغير في سلوك كل خلية من خلايا أجسامنا. وبذلك نستطيع أن نبرهن على أن بيئتنا تغير من نشاط جيناتنا التي تغير بدورها من حمضنا النووي ويجعله خاضعا لاختياراتنا. ويثبت أن كل ما يصيبنا مما كسبت أيدينا.
إن كل ما أنت عليه اليوم يحدد مصيرك غدا، بتغيير بسيط في عاداتنا الاجتماعية والصحية وطريقة تعاملنا مع أفكارنا ومشاعرنا تمنحنا عمرا افتراضيا أطول خال من الأمراض.
إنشرها