محللون: «أوبك +» تزداد قوة ورسوخا في السوق .. تحقق الاستقرار وتدعم التوازن

محللون: «أوبك +» تزداد قوة ورسوخا في السوق .. تحقق الاستقرار وتدعم التوازن
تلبية الطلب العالمي على النفط يتطلب تعزيز الاستثمارات في جميع موارد الطاقة.

واصلت أسعار النفط الخام مكاسبها السعرية، لتسجل أعلى مستوى في 13 شهرا بفعل التفاؤل بتعافي الطلب على النفط الخام والوقود، إضافة إلى قيود العرض الناجحة التي تنفذها مجموعة المنتجين في "أوبك +"، إلى جانب تأثير الانتشار السريع للقاحات كورونا الجديدة في مختلف دول العالم.
ويكبح الارتفاعات السعرية للنفط الخام استمرار الإصابات الجديدة بالوباء خاصة السلالات المتحورة في أوروبا، ما أدى إلى تمسك بعض الدول بقيود الإغلاق الصارمة وهو ما تسبب بدوره في اتساع مخاوف الركود الاقتصادي والتزايد المستمر في فقدان فرص العمل وارتفاع معدلات البطالة.
وقال لـ"الاقتصادية" مختصون ومحللون نفطيون: إن القراءات والتحليلات المستقبلية لصناعة النفط تنبه إلى أنه ستكون هناك حاجة بالتأكيد إلى استثمارات وإمدادات النفط والغاز لعقود مقبلة، كما أن مجموعة "أوبك +" تزداد قوة ورسوخا في السوق وتلعب دورا قياديا بارزا في تحقيق الاستقرار ودعم توازن السوق.
ولفت المختصون إلى أنه على الرغم من أن شركات النفط الكبرى، ولا سيما الشركات الأوروبية سارعت إلى الإعلان عن زيادة الاستثمارات في الطاقة المتجددة لمواكبة سياسات المناخ وتفاعلا مع توجهات الإدارة الأمريكية، إلا أن المؤشرات تؤكد هيمنة النفط والغاز على مزيج الطاقة العالمي في الأعوام المقبلة.
وأكد سيفين شميل مدير شركة "في جي إندستري" الألمانية أن المكاسب السعرية تتواصل بفعل قوة العوامل الداعمة بينها اتفاق "أوبك +" التي تلعب دورا قياديا في تحقيق الاستقرار، وهو ما جذب أسعار النفط إلى أعلى مستوى في 13 شهرا بسبب آمال تعافي الطلب والمعنويات الإيجابية في السوق المصاحبة لخطة التحفيز المالي الأمريكية وانتشار لقاحات كورونا.
وأضاف أن برامج التنوع الاقتصادي ومزيج الطاقة الشامل تفرض نفسها على توجهات الحكومات في هذه المرحلة الانتقالية المهمة، مبينا أنه على سبيل المثال شركة "بي بي" البريطانية العملاقة أكدت أنها ستعزز استثماراتها في الطاقة منخفضة الكربون عشر مرات إلى نحو خمسة مليارات دولار سنويا وتخفض إنتاج النفط والغاز 40 في المائة بحلول عام 2030.
من جانبه، قال روبين نوبل، مدير شركة "أوكسيرا" الدولية للاستشارات، إن بيانات المخزونات الأمريكية هذا الأسبوع سيكون لها تأثير واسع في الأسعار وسيؤدى توقع انخفاضها إلى توفير مزيد من الدعم لصعود أسعار النفط، كما يتسبب ضعف الدولار في تعزيز المكاسب النفطية وفقا للعلاقة العكسية بينهما.
وذكر أن الإدارة الأمريكية الجديدة تحث شركات الطاقة على التحول إلى الطاقة الخضراء على الرغم من أن تعافي الأسعار قد ينعش زيادة الإمدادات من النفط الصخري، لافتا إلى أن شركات عملاقة مثل "شيفرون" و"أكسون موبيل" تخطط كي تصبح شركات انبعاثات صافية صفرية بحلول عام 2050 كما أعلنت شركات أوروبية عن استراتيجيات خضراء خلال العام الماضي بهدف الاستحواذ على حصة أكبر من سوق الكهرباء.
من ناحيته، أوضح ماركوس كروج كبير محللي شركة "أيه كنترول" لأبحاث النفط والغاز أن "أوبك" ستظل داعمة بقوة لاتفاق باريس لمكافحة تغير المناخ وتسعى إلى تعزيز قدرات الدول المنتجة في رفع كفاءة الإنتاج وتقليل انبعاثات الكربون، مشيرا إلى أن سياسات المناخ لن تعوق استمرارية النفط والغاز كجزء كبير من نظام الطاقة.
وأشار إلى تأكيد محمد باركيندو أمين عام "أوبك"– في عديد من المناسبات – على أن تلبية الطلب العالمي يتطلب تعزيز الاستثمارات في جميع موارد الطاقة وتحديث نماذج العمل وتقنيات الإنتاج باستخدام تكنولوجيا مبتكرة تعزز الإنتاج بطريقة لها أقل تأثير كربوني.
بدورها، قالت مواهي كواسي، العضو المنتدب لشركة "أجركرافت" الدولية، إن بعض الدول التي عانت من العقوبات الأمريكية على مدار أعوام ومنها فنزويلا وإيران تخططان لزيادة إنتاجهما والاستفادة من التغيرات السياسية بعد تولي الإدارة الجديدة رغما أن واشنطن لم تحسم بعد الموقف النهائي من تمديد العقوبات.
وذكرت أن فنزويلا وهي إحدى الدول المؤسسة لمنظمة أوبك عانت انهيار الأسعار وانكماش الصناعة على مدى أعوام، لافتة إلى تخطيط الحكومة الفنزويلية لإحياء صناعة النفط الحيوية اقتصاديا من خلال فتحها أمام الاستثمار الأجنبي وزيادة إنتاج النفط الخام إلى 1.5 مليون برميل يوميا.
وأشارت إلى أن ارتفاع أسعار النفط الخام فوق 60 دولارا للبرميل عزز من آمال تعافي اقتصادات الدول المنتجة خاصة أن أغلبها تعتمد على النفط الخام، مبينة أن تدني الأسعار في الفترة الماضية والعقوبات أديا إلى انخفاض إنتاج فنزويلا من النفط إلى متوسط 431 ألف برميل يوميا خلال كانون الأول (ديسمبر) 2020.
وفيما يخص الأسعار، ارتفع النفط خلال تعاملات أمس لأعلى مستوياتها في 13 شهرا، إذ تلقت أسواق الطاقة الدعم من خفض منتجين كبار للإمدادات وتفاؤل حيال تعافي الطلب على الوقود.
وبحسب "رويترز"، ربحت العقود الآجلة لخام برنت تسليم نيسان (أبريل) 50 سنتا أو ما يعادل 0.8 في المائة إلى 61.06 دولار للبرميل بحلول الساعة 07:21 بتوقيت جرينتش. وبلغ خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي تسليم آذار (مارس) 58.37 دولار للبرميل مرتفعا 40 سنتا أو ما يعادل 0.7 في المائة.
ولامس "برنت" وغرب تكساس أعلى مستوياتهما منذ كانون الثاني (يناير) 2020 في وقت سابق من الجلسة. وأسعار عقود شهر أقرب استحقاق للخامين مرتفعة للجلسة السابعة أمس، وهي أطول سلسلة مكاسب منذ كانون الثاني (يناير) 2019.
وتشح الإمدادات وتتوازن الأسواق العالمية بفضل خفض إضافي للإمدادات تقوم به السعودية أكبر مصدر للخام في شباط (فبراير) وآذار (مارس)، علاوة على تخفيضات يقوم بها منتجو منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاؤها.
ويعلق المستثمرون آمالا أيضا على تعافي الطلب على النفط حين يسري أثر لقاحات كوفيد - 19، بينما أسهم ضعف الدولار في رفع أسعار السلع الأولية.
لكن محللين يحذرون من أن الارتفاع السريع لأسعار النفط قاد العقود الآجلة للخامين إلى منطقة شراء مفرطة.
ويتطلع المستثمرون إلى بيانات مخزونات النفط الأمريكية الأسبوعية المقرر صدورها في وقت لاحق من الأسبوع.
وأظهر استطلاع للرأي أجرته "رويترز" أمس الأول أن مخزونات الخام والبنزين الأمريكية زادت الأسبوع الماضي بينما من المتوقع انخفاض مخزونات نواتج التقطير.
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 59.58 دولار للبرميل أمس الأول مقابل 58.92 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أمس: إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق سادس ارتفاع له على التوالي، كما أن السلة كسبت نحو أربعة دولارات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 55.13 دولار للبرميل.

الأكثر قراءة