Author

المشاهير

|
يبدو أن المجتمع تحول إلى حالة من الافتتان بشخصيات سعودية صرفة، فبعد أن كان الناس يتجمعون حول الأفلام الأجنبية ويتخذون من شخصياتها مركز الإعجاب والتقليد، بدأنا نشاهد من يتابع بكل إعجاب شخصيات من بيئتنا. أول ما تابعت هؤلاء الأشخاص وجدت أني أحجز ساعة أو أكثر من وقت فراغي لمتابعة يوميات مجموعة يمثلون شريحة مجتمعية لم أكن لأتعرف على نمط حياتها لو لم يكن لهذه الوسائل، التي حولت مجتمعهم الصغير إلى مركز الاهتمام.
كنت أتوقع أنني حالة شاذة إلى أن اكتشفت أن هؤلاء المشاهير يتحركون في طول البلاد وعرضها، ويعرفهم الكبار والصغار، بل يحتفون بهم أيما احتفاء كلما زاروا مدينة أو محافظة أو منطقة. لا أتحدث عمن يستخدمون طرقا مبتذلة لجذب الانتباه، إنما عن أشخاص عاديين، هم أقرب إلى مسلسلات الحياة الواقعية real life، التي غزت الدراما الغربية بسبب ربطها الحياة الخاصة للأشخاص بالمشاهد، وهي مستمرة في كسب مزيد من المتابعة بالتشويق الدرامي الاحترافي. هذا الأمر مفقود في دراما مشاهيرنا، لكنهم تمكنوا من جذب الانتباه بالواقعية والبساطة، التي أحسبها السبب الأهم في طفرة المتابعة التي نشاهدها اليوم.
رغم أن هناك كثيرا من التحفظ على شخصيات التواصل الاجتماعي في مراحل سابقة، ورفض كثير ممن كانوا يحتلون الساحة تقبل وجود المنافسة الشديدة، وكون كثير من السابقين بنوا على سلوكيات ومفاهيم يمكن تبرير رفضها في النسق الاجتماعي السعودي، حقق الجدد تغييرا جذريا يتناسب مع رغبات المجتمع، ويناقش - بكل بساطة - اهتماماته ويتعامل مع همومه.
كثير من هؤلاء هم من الطبقة المتوسطة وما دون، يعملون في وظائف يتعرف عليها ويتفاعل معها الجميع، ويجتمعون في استراحات ومزارع تقترب بشكل غير مسبوق من واقع الشعب السعودي. يستلهم هؤلاء أفكارهم والسيناريوهات البسيطة من الحقيقة، ويبنون عليها ما يحدث حولهم، ويناقشونها ببساطة يلاحظها الجميع.
يعيب المجموعة الحديثة من المشاهير أن مداخيلهم تعتمد بالدرجة الأولى على الإعلانات التجارية. كثير من المحال التجارية والمطاعم - بالذات - تسترعي اهتمام هؤلاء ومتابعيهم، وهنا لا بد أن يحرص من يقدم هذه الدعايات على المصداقية وحفظ الحقوق والابتعاد عن التورط في إشكالات قد تضر بمستقبلهم وتدفعهم نحو خسارة المشاهد وثقته وإعجابه.
إنشرها