أخبار اقتصادية- عالمية

العملات المشفرة بين دعم الأثرياء وخسارة الأموال.. هل اقتربت الفقاعة؟

العملات المشفرة بين دعم الأثرياء وخسارة الأموال.. هل اقتربت الفقاعة؟

ارتفاع "بيتكوين" يخلق جاذبية خاصة لها في فضاء العملات الرقمية المشفرة.

قلة قليلة من المعنيين بالعملات الرقمية كانت قد سمعت عن عملة "دوجكوين"، ولكن ما إن أبدى إيلون ماسك أغنى رجل في العالم دعمه لها، إلا وكانت حديث وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي دون منازع، وبفضل تشجيع أغنى أثرياء العالم للعملة قفز سعر "دوجكوين" 50 في المائة يوم الخميس الماضي.
لم تكن تلك المرة الأولى التي يشيد فيها إيلون ماسك بإحدى العملات الرقمية المشفرة، فقد أكد سابقا أن "بيتكوين شيء جيد" وأنه "تأخر في المشاركة في الحفلة" وكان ينبغي عليه أن يشتري العملة الرقمية المشفرة منذ ثماني أعوام.
رد الفعل الأولى والسريع على إشادة ماسك بـ"بيتكوين" تجلى في موقف إيجابي من قبل الأسواق، خاصة بعد أن قام بتغيير ملفه الشخصي على تويتر إلى "#bitcoin"، حيث ارتفعت قيمتها بنحو 16 في المائة في 29 كانون الثاني (يناير) قبل أن تعاود الانخفاض.
لا ريب أن تعليقات بتلك القوة والوضوح تنبئ بتغييرات كبيرة في المسار المستقبلي للعملات الرقمية المشفرة.
الخبير البريطاني في العملات الرقمية جونسون ستيمر يرى أن ارتفاع أو انخفاض "دوجكوين" و"بيتكوين" نتيجة تلك التعليقات لا يعد المكسب الأكثر أهمية الآن.
وقال لـ"الاقتصادية" إن "المكسب الرئيسي الذي تحققه عملة بيتكوين وغيرها من العملات الرقمية المشفرة من تلك التصريحات، أنها تحصل من خلالها على مزيد من الاعتراف والمشروعية من قبل أسماء كبيرة في عالم المال والأعمال، وهذا يؤدي إلى جذب مزيد من المستثمرين إلى مجال العملات الرقمية، ويضفي لدى المتعاملين شعور بالثقة في هذا النوع من الاستثمارات في تلك الأصول، ويمهد ذلك القبول الأرضية لمزيد من الاستقرار في عمليات البيع والشراء، حيث لا ينتاب الأسواق حالة من الفزع الشديد أو البهجة المفرطة عندما تحدث تقلبات في الأسعار انخفاضا وارتفاعا".
أهمية التعليقات الإيجابية من أشخاص بوزن إيلون ماسك، أنها لا تقف في الأغلب عند حدود التصريحات الفردية، وإنما تترجم إلى اهتمام مؤسسي، ما يضفي كثيرا من "الرزانة" في التعاملات المتعلقة بالعملات الافتراضية، إذ إن دخول وخروج المستثمرين الأفراد في هذا المجال في الأغلب ما يحفزه التقلبات السعرية في قيمة العملة، بخلاف المؤسسات التي يمكنها تحمل الخسائر المالية بدرجة أكبر، التي لا تندفع أيضا للبيع عند أول ارتفاع في الأسعار، كما أن قدرتها على الشراء تفوق بكثير في معظم الأحيان المستثمرين الأفراد، ما يعني أنه حتى لو كان عدد أقل من الشركاء التجاريين يتعاملون في فضاء العملة الرقمية، فلا يزال بإمكان الصناعة الحفاظ على نفسها.
يصعب إنكار أن ارتفاع أسعار "بيتكوين" يوجد جاذبية خاصة لها في فضاء العملات الرقمية المشفرة، لكن هذا لا ينفي أيضا أن كثيرا من المستثمرين أو الراغبين في الاستثمار في عالم العملات الافتراضية يراقبون من كثب مجموعة من العملات والرموز الرقمية الأخرى الأقل تكلفة، التي لديها القدرة على فتح آفاق جديدة في عالم العملات الرقمية المشفرة التي حظيت بزخم واضح في الأعوام الأخيرة.
بالطبع يصعب القول إن للخبراء موقفا واحدا ومحددا بشأن العملات الأخرى غير "بيتكوين" التي ستتمتع بآفاق طيبة هذا العام.
المحللة المالية في بورصة لندن روث ديفيد ترشح أن تكون عملة "ريبل" أحد نجوم هذا العام في مجال العملات المشفرة.
وتؤكد لـ"الاقتصادية" إن "ريبل" عملة رقمية مشفرة تسوق لنفسها باعتبارها منصة مدفوعات تتيح تبادل العملات وتحويلات الأموال بشكل أسرع ولا مركزي مقارنة بالتحويلات البنكية العادية، حيث إنها عملة غير قابلة للتعدين بعكس "بيتكوين"، كما يروج البعض لها كبديل قابل للتطبيق لنظام مدفوعات التحويل البنكي، خاصة للمعاملات الصغيرة جدا التي لا يتم التعامل بها عن طريق التحويلات البنكية.
وتضيف "فمثلا يصعب أن ترسل عن طريق البنك مبلغ عشرة جنيهات استرلينية إلى شخص ما في فنزويلا، لأن العمولة التي سيقتطعها البنك تتجاوز مبلغ العشرة جنيهات الاسترلينية التي تريد أن ترسلها، لذلك يمكن أن تشتري بالعشرة جنيهات ما يوازيها من عملة ريبل وتحولها إلى فنزويلا حيث يمكن تسلم المبلغ المرسل بالريبل وتحويله إلى العملة المحلية، وهذا يضمن سرعة التحويلات وإمكانية تحويل مبالغ صغيرة للغاية".
وفي الواقع فإن أكثر ما يشجع على شراء عملة "ريبل" أنها منخفضة السعر، حيث يدور سعرها حاليا في حدود 0.38 سنت ما يمكن عديدا من صغار المستثمرين والشباب والأشخاص الراغبين في الاستثمار في هذا المجال لكنهم يتخوفوا من استثمار مبالغ مالية كبيرة أو لا يمتلكون مبالغ مالية كبيرة للمضاربة على الريبل.
من العملات الرقمية المشفرة المرشح أن يكون لها قبول حسن من قبل المستثمرين هذا العام عملة "لايتكوين"، وفي الحقيقية فقد خفت بريقها بعد ظهورها في أوائل عام 2010، وقد اجتذبت حينها عديد من العملاء كطريقة معاملات أسرع مقارنة بـ"بيتكوين" وسلسلة الكتل التي تستغرق وقتا طويلا لإتمام عملية التحويل.
إلا أن الخبراء يشيرون إلى أن أحد أبرز عوامل الجذب التي تتمتع بها أنها على غرار الريبل تمثل فرصة استثمارية جيدة للمستثمرين الجدد غير القادرين على الاستثمار في "بيتكوين" لارتفاع أسعارها إذ يتجاوز سعرها حاليا 150 دولار بقليل.
مع هذا يجب ألا يوجد الوضع الآخذ في التحسن بالنسبة إلى سوق العملات الافتراضية اعتقادا بأن الطريق بات معبدا أمامها، فلا تزال المؤسسات المالية الحكومية تصدر من حين إلى آخر تحذيرات من مخاطر الاستثمار في تلك العملات.
ففي بلد كالمملكة المتحدة يتمتع بدرجة عالية من الحرية الاقتصادية، أصدرت هيئة السلوك المالي في الأسبوع الثاني من الشهر الماضي، تحذيرا شديد اللهجة بشأن الاستثمار في هذا النوع من الأصول جاء فيه "تدرك هيئة السلوك المالي أن بعض الشركات تقدم استثمارات في الأصول المشفرة، أو الإقراض أو الاستثمارات المرتبطة بأصول التشفير، التي تعد بعوائد مرتفعة .. إذا استثمر المستهلكون في هذه الأنواع من المنتجات، فيجب أن يكونوا مستعدين لخسارة كل أموالهم".
بالطبع كان لمثل هذا النوع من التحذيرات أسبابه، وأبرزها التقلبات العنيفة في سوق العملات الرقمية، إذ أدى انخفاض عملة بيتكوين وغيرها من العملات الرقمية قبل أيام من صدور هذا التحذير إلى القضاء على نحو 200 مليار دولار من القيمة الإجمالية لجميع العملات المشفرة.
بالطبع تلعب مثل تلك التحذيرات الرسمية دورا مهما في عرقلة تلك الصناعة من المضي قدما بسرعة مفرطة، إذ تحد من إقبال المستثمرين عليها، كما تدفع بآخرين إلى التخلص مما لديهم من عملات رقمية مشفرة في أول فرصة سانحة.
ولـ"الاقتصادية" يعلق الخبير المصرفي أريك سميث قائلا، "غالبا ما يشعر المتعاملون في العملات الرقمية بالسعادة الغامرة عندما تقفز الأسعار إلى مستويات قياسية، لكن هذا الارتفاع غير المبرر في أغلب الأحيان يثير مخاوف السلطات المالية باحتمال انفجار فقاعة في الأسواق، خاصة أن أغلب الشركات المتعاملة في هذا المجال غير منظمة وتستهدف المستهلكين بمواد تسويقية تسلط الضوء على المكافآت والعوائد الإيجابية وتغض الطرف على الجوانب السلبية".
ويشير إلى أن قيمة عملة بيتكوين ارتفعت خلال الـ13 شهرا الماضية بما يزيد عن 300 في المائة ما جعل بنك أوف أمريكا يطلق عليها اسم أم كل الفقاعات.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- عالمية