default Author

التجربة البرتغالية

|
كل ما حاولنا عالميا ومحليا محاربته ازدادا شراسة. إنه الإدمان بشتى صوره من الإدمان على الأكل والهواتف الذكية إلى الوجه القبيح للإدمان المخدرات وما تفعله بالشعوب.
نتساءل دوما، لماذا تزداد الأعداد سنويا، ولماذا تمتلئ السجون والمستشفيات ومراكز معالجة الإدمان بالمدمنين وتزداد ظاهرة المشردين والهائمين على وجوهم في الشوارع، بعد أن أفقدتهم المخدرات عقولهم من حبوب الكابتاجون إلى الهيروين وما بينهما، فيما تفنن صناع المخدرات في إنتاجه ليكون أسرع فاعلية وأكثر تدميرا.
كان ولا يزال الاعتقاد السائد أن المنع والحبس والعزل وغيرها من العقوبات المتنوعة التي قد تفيد في بعض الحالات هي الحل، ولكن واقع المدمنين يقول عكس ذلك، إذن، لماذا نواصل القيام بهذه الطريقة التي يبدو أنها لا تعمل بشكل جيد. هل توجد طريقة أخرى يمكننا تجربتها عوضا عن ذلك؟
قام الأستاذ ألكسندر بوضع فأر في قفص وقدم له قارورتين من الماء، الأولى ماء فقط والثانية ممزوجة بالمخدرات، ووجد أن الفأر يفضل الماء الممزوج بالمخدرات، ودائما يسعى إلى قتل نفسه بسرعة! وحدته دفعته لذلك. لذا قام بصنع قفص "متنزه الفأر"، الذي يعد جنة للفئران. ففيه يحصل الفأر على كميات من الجبن والكرات الملونة، فضلا عن حصوله على كثير من الأصدقاء مع إمكانية التزاوج. وكانت المفاجأة، أن الفئران لم تعد ترغب في الماء الممزوج بالمخدرات. كما لم يصب أي منهم بجرعة مفرطة عكس ما حدث لهم عندما تم عزلهم، ويبقى السؤال، هل ينطبق ذلك على البشر؟!
قد تكون الإجابة لدى البرتغال، حيث كانت البرتغال تعاني تزايد أعداد المدمنين سنويا رغم العقوبات المفروضة عليهم، لذا اتحد رئيس الوزراء والرئيس والمعارضة وكونوا لجنة من الأطباء والعلماء بقيادة الرجل المذهل الدكتور جوايو جولايو لمعالجة هذه الكارثة، واقترح عليهم الدكتور أخذ كل الأموال المستعملة في عزل المدمنين وإنفاقها على إعادة تواصلهم مع المجتمع لقد قاموا بإيجاد فرص عمل للمدمنين وتخصيص قروض صغيرة لإقامة مشاريع صغيرة، والاتفاق مع صاحب العمل على التكفل بدفع نصف أجرة المدمن إذا وافق على توظيفه مدة عام. كان هدفهم التأكد من أن كل مدمن لديه شيء يشجعه على النهوض من فراشه صباحا.
وكانت النتيجة انخفاض تعاطي حقن المخدرات 50 في المائة حسب مجلة "علم الإجرام" البريطانية. مع انخفاض تعاطي الجرعات المفرطة والإصابة بمرض الإيدز ضمن المدمنين. خلاصة عملهم أن يقولوا للمدمن عمليا: "أنت لست وحدك ونحن نحبك".
إنشرها