Author

أهمية الاستشارة

|
الإنسان كائن اجتماعي بالفطرة، والمعيشة على الأرض تكاملية بطبيعتها فلا يستطيع الإنسان العيش بمفرده، فهو بحاجة إلى الآخرين كما أن الآخرين بحاجة إليه. يستشير أصحاب الخبرة والمختصين في كثير مما سيتخذه من قرارات، فكما يقال، من استشار الناس استعار عقولهم، وفي الأثر، "ما خاب من استخار ولا ندم من استشار". طلب الاستشارة يريح الإنسان من التفكير الزائد، وتوجد الاستشارة جوا من الألفة والمحبة بين الناس، ويكون الرأي الصادر من عدة أشخاص أكثر نضجا وأقرب إلى الصواب من رأي شخص واحد. ورد في محكم التنزيل "وشاورهم في الأمر..الآية"، "وأمرهم شورى بينهم" وسميت إحدى سور القرآن الكريم بالشورى. ومما يروى عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه قال، ما رأيت أحدا أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويؤكد علماء الاجتماع أهمية التشاور، ولذا تجد في الدول مجالس للشورى ومستشارين لمختلف القطاعات لعلمهم أن الاستشارة استنارة.
شاور سواك إذا نابتك نائبة
يوما وإن كنت من أهل المشورات
وبالطبع لا يفهم من هذا أن الاستشارة مطلوبة في كل أمر، وإنما المراد هو أن تكون في الأمور التي تدعو الحاجة إلى الاستشارة فيها، وقد قيل، من استشار العقول أدرك المأمول، ومن أعطي المشورة لم يمنع الصواب. ويرى المختصون أن الاستشارة ضرورة وليست ترفا فكريا، ومن الأمور التي ينبغي الانتباه لها عند طلب المشورة أن تكون ممن له القدرة على تقديم الرأي الصادق الذي لا يتضمن مجاملة للمستشير، بحيث يقدم له ما يتوافق أو ما يرضي هواه وإنما يمحضه الاستشارة التي تبرأ بها ذمته أمام الله ثم أمام الآخرين وهذا لا يتحقق إلا بتوافر عدد من الصفات الأساسية في الشخص أو الأشخاص الذين تطلب منهم الاستشارة، ويأتي في مقدمة هذه الصفات أن يكونوا من المشهود لهم بالخير والصلاح ومن أهل الخبرة والرأي السديد، ومن أصحاب التجربة والتأني ولا يعرف عنهم التسرع في الأمور، وأصحاب ذكاء وفطنة قادرون على كتم الأسرار ويتمتعون بالعقلانية والهدوء والحكمة. ونختم بالقول: نعم عليك بالاستشارة عند الحاجة، لا تتردد في طلبها شريطة أن تنطبق على من تستشيره صفات المستشار المؤتمن.
إنشرها