Author

اكتب معروضا

|
مع كل عقد من الزمن، تتغير المهن والمهارات المطلوبة لتحقيق الحد الأدنى لمتطلباتها، وهذا يأتي متوافقا مع المتغيرات العالمية وسرعة تقدم التكنولوجيا وتطورها. لذلك خرجت لدينا قائمة المهارات اللازمة للقرن الـ 21. لكن ماذا يحصل للمهارات والمهن القديمة؟
لو سألت أي شاب لم يتجاوز عمر الـ 20 عاما عن الأشخاص الذين يجلسون أمام مباني المرافق الحكومية ومعهم حقائب وأوراق وملفات خضراء وكل المستلزمات القرطاسية، لضحك عليك وقال، ماذا يفعلون هناك؟ ولو قلت له إنهم كانوا يكتبون المعاريض للمواطنين والمقيمين بمبالغ مالية، لرد عليك وما المقصود بكتابة المعروض؟ ولماذا يوجدون أمام أرصفة الدوائر الحكومية؟ وغيرها من الأسئلة المنطقية.
تكاد أن تكون حقبة مهنة كتابة المعاريض التي انتشرت وتوسعت مع نهاية السبعينيات الميلادية، بسبب انخفاض نسبة التعليم بين كبار السن قد ذبلت وتلاشت. وأصبحت رؤية مَن بقي منهم مثيرة للاهتمام. الغريب في أمرهم، أنهم كانوا يكتبون في كل شيء دون تردد ولديهم علاقات ومعارف أمام كل إدارة حكومية، تمكنهم من معرفة خفايا وسراديب مسار المعاملات!
أسهمت التعاملات الإلكترونية والحكومة الإلكترونية في رحيل هذه الفئة التي كانت تتكدس بشكل غير حضاري أمام المباني الحكومية. بل حتى كلمة "معروض" اختفت نهائيا من مواقع الجهات الحكومية ولا أثر لها، واستبدلت بعبارات أرقى مثل "تواصل معنا"، "قسم الشكاوى" وغيرها. إضافة إلى غياب الورق التام وبروز ثقافة الإيميل والحسابات الإلكترونية التي أصبحت مطلبا لا خيارا. هذا التغير الكبير في زمن وجيز يعطي مؤشرا أننا مجتمع قابل للتغيير ويساعد على تسهيل التعاملات في الحياة. فالشاب الذي استغرب من عبارة "اكتب معروضا" قد يستغرب عندما يأتي الجيل الذي بعده من عبارة "أرسل إيميلا" لأنه ربما في ذلك الوقت قد يختفي البريد الإلكتروني!
إنشرها