Author

استراتيجية سلاسل القيمة العالمية

|

اقتصادي في السياسات الاقتصادية وإدارة استراتيجيات الأعمال والشراكات الاستراتيجية.

يوضح هذا المقال أن قوة استثماراتنا الداخلية، وقدرتها في النهاية على تحقيق تنوع اقتصادي واندماج في منظومات تكاملية مربحة مع العالم، تكمنان في الارتباط بسلاسل القيمة العالمية عبر تنمية سلاسل القيمة المحلية.
لا يمكن لأي دولة أن تنفرد بنظام اقتصادي وتجاري منعزل على العالم، ولذا تشكل سلاسل القيمة العالمية 50 في المائة من التجارة العالمية، بحسب تقرير البنك الدولي، فسلاسل القيمة العالمية Global value chains GVCs ما هي إلا مشاركة تجارية وصناعية وسيطة، لإنتاج سلعة أو خدمة عبر دولة أخرى.
الانخراط في منظومة الاقتصاد العالمي عبر تنمية سلاسل القيمة المحلية أو الإقليمية، يضمن تحقيق استثمارات ناجحة وتكاملية، ولعل الصناعات الآسيوية نموذج ناجح في توزيع عمليات التصنيع إقليميا بين عدد من الدول، وتجميع المنتج النهائي في إحدى تلك الدول والمنتج النهائي موجه لبلد ما محدد سلفا.
دعونا ننتقل إلى مستوى أعمق من منافع الاندماج في سلاسل القيمة العالمية GVC، فالاندماج يعد أسلوبا سريعا لمعالجة أي فجوات في هياكل الاقتصاد، فمثلا دول إفريقية استطاعت تجاوز فجواتها الاقتصادية عبر فتح مصانع لحساب مصانع صينية وضمن سلسلة القيمة العالمية التابعة للصين، حيث تم ضمان الاندماج في الاقتصاد العالمي بنجاح، وتم تحقيق نمو ووظائف لمواطني تلك الدول دون امتلاك بنية اقتصادية متطورة، كما تحسن مستوى نصيب الفرد من الناتج المحلي.
إن توطين الخدمات والصناعات في سلاسل القيمة المحلية، سيكون له انعكاسات واسعة، تساعدنا على الارتباط بسلاسل القيمة العالمية، ولذا فإن تبني استراتيجية خاصة بهذا الشأن من وزارة الاستثمار وصندوق الاستثمارات العامة فيما يخص دمج سلاسل القيمة العالمية مع سلاسل القيمة المحلية، سيضمن لنا منهجية تنوع اقتصادي ناجح.
فمثلا: عندما تستقطب وزارة الاستثمار شركات أجنبية، أو يستثمر صندوق الاستثمارات العامة في شركات وطنية قائمة أو جديدة على أساس استراتيجية ربط سلاسل القيمة المحلية بالعالمية، ستعملان على تحويل صناعتنا وتجارتنا وخدماتنا إلى صناعات متكاملة مع العالم ومولده للنقد الأجنبي بشكل مستدام.
إن إعادة تحضير أسواقنا الداخلية للارتباط بسلاسل القيمة الإقليمية والعالمية سيولد أرباحا استثمارية ووظائف نوعية للمواطنين وميزة تنافسية لشركاتنا الوطنية، إضافة إلى تخفيف فاتورة الواردات الاستهلاكية، ولا سيما أن لدينا قدرة مالية جاذبة لتوطين عدد من الصناعات الحيوية على أساس تنافسي وتكاملي مع دول العالم.
في الختام: أوصي وبشدة أن تتبنى وزارة الاستثمار استراتيجية ربط سلاسل القيمة المحلية مع الإقليمية والعالمية، وبمشاركة صندوق الاستثمار العامة، عبر توجيه جزء من الـ150 مليارا سنويا حتى 2025 بهدف تحسين سلاسل القيمة المحلية وبناء سلاسل محلية جديدة في عدد من المجالات الصناعية والخدمية والتجارية، وبذلك نضمن جاهزية أسواقنا الداخلية، وفي الوقت نفسه نحفز محيطنا الإقليمي للتكامل معنا للاندماج في سلاسل القيمة العالمية.
إنشرها