Author

الاستثمار في المستقبل

|
حقق المؤتمر الذي نظمه صندوق الاستثمارات العامة الأربعاء والخميس الماضيين، ميزة نوعية كبيرة، بجمعه نخبة من كبار رجال الأعمال والمسؤولين الحكوميين في منصة فريدة، رغم الاحترازات المهمة التي صاحبت الحدث، وتعد المملكة من أهم روادها. الحضور المهم والنقاشات المفيدة، ركزت على العالم بعد كوفيد، والدروس المستفادة من الأزمة، ومن نجح في التعامل معها، والمزايا التي تحققت لدول تفاعلت بكفاءة، والخسائر التي طالت من تهاونوا بالجائحة.
استغربت أن هناك كما كبيرا من التفاؤل لعام 2021، وهو ما ركز عليه بعض المحاورين عندما أكدوا أن هناك توفيرا كبيرا حققته الأسر في الأزمة، من خلال وجود مفهوم الحجر الصحي، الذي من فوائده المتنوعة التوفير في وقود السيارات والقطارات والطائرات، والمصروفات غير الأساسية، والتجمعات غير الصحية، إضافة إلى العمل عن بعد. هذه المزايا عدها البعض الوسيلة الناقلة للمجتمعات نحو مستقبل أكثر إشراقا.
أكد كل المؤتمرين أن المستقبل هو للبيئة وأصدقائها، وأن خفض نسب العوادم وحوكمتها الاجتماعية ESG، ستكون أحد عوامل الحكم على كفاءة الاستهلاك والقبول في المستقبل، ولعل ما يرتبط بذلك من عمليات الحوسبة عالية الجودة وتكثيف استخدام الوسائل التي تحقق التعامل عن بعد، هو المؤدي المهم نحو تحسين كل ما تبحث عنه الدول اليوم في مجال البيئة النظيفة، التي يمكن أن نورثها الأجيال القادمة. سرني أن كبار المسؤولين في حكومة المملكة، وفي القطاعات الصناعية، أكدوا أن شركات السعودية الكبرى من أهم وأنجح جهات الالتزام البيئي.
تستمر أهمية تقنية الاتصال والتعامل عن بعد في السيطرة على عالم الأعمال والتعليم والصحة كما يؤكد الجميع، وهي بهذا تدفع نحو توقعات بحلول عالم مختلف تماما، قوامه الشوارع الفارغة وشبكات الاتصال الفائقة السرعة، وهي ما يمكن أن يقاس به تطور الدول في المقبل من الأيام.
السؤال المهم في هذه المرحلة يرتكز على المستوى التقني الذي يمكن أن تصل إليه قدرات الدول ونسبة سيطرة التقنية بمختلف مكوناتها على مصائر الناس. أقول هذا وأنا في ريبة من حجم الحركة الرأسية في المجال، والابتعاد المتنامي عن الواقعية، كما عرفها الإنسان في كل أجياله السابقة. هل نحن برسم حالة من التراجع الممنهج لقدرة الإنسان على السيطرة على الأدوات التي تسير عالمه وما حوله؟ ثم هل سنفقد تركيبة العلاقات الاجتماعية التي نلجأ إليها عندما يصدمنا الواقع؟ سؤال برسم رواد الثورة الرقمية.
إنشرها