default Author

حرب المناعة

|
إنها أم المعارك الفعلية وبطلها خلاياك التي تكون جهاز المناعة لدى البشر "حامي الحمى" وقائد الحرب ضد الميكروبات الخارجية والخلايا الداخلية التي تتحور داخل الجسم وتسبب الأمراض.
جهاز المناعة عبارة عن شبكة معقدة من الخلايا والبروتينات التي تكون جيش الدفاع الأول ضد أي هجوم وتدافع عن الجسم ضد العدوى، وتملك جهاز مخابرات تعجز عنه كبرى الدول. إنه يعمل عن طريق الاحتفاظ بسجل لكل جرثومة هزمها حتى يتعرف عليها ويدمرها بسرعة إذا دخلت الجسم مرة أخرى.
لقد بدأت الحرب بينهما منذ أكثر من ألفي عام وما زالت مستمرة، منذ أن شرعت تلك الكائنات المجهرية في تطوير نفسها والتسبب في أذية البشر ليقوم الجسم أيضا بتطوير دفاعاته واستحداث أسلحة لمحاربة ذلك العدو المجهري.
لقد تكيف البشر مع البيئات المختلفة مواجها بذلك عديدا من العوامل الممرضة بالتعاون مع الجهاز المناعي، فمن خلال تحليل الجينوم البشري الحديث والحمض النووي القديم لأبناء عمومتنا المنقرضين - إنسان نياندرتال والدينيسوفان - اكتشف الباحثون انفجارا في تطور خلايانا المناعية حدث قبل 600 ألف عام، ميدان المعركة بين العوامل الممرضة وجسم الإنسان عبارة عن محفظة سكرية تحمي الغشاء الخارجي لجميع خلايانا وتحوي مادة حمض السياليك. اختلاف نوع هذا الحمض يجعلنا مختلفين عن باقي الكائنات الحية ويحمينا من أغلب الأمراض التي تصيب الحيوانات، فسبحان الخالق. ولا يكتفي جهازنا المناعي بذلك، بل يجند أعضاء آخرين يسهمون معه في صد الهجمات ومن ذلك الزائدة الدودية سيئة السمعة، إذ يعدها الأغلبية بلا فائدة، ولكن الله لم يوجد شيئا عبثا فهي تحتوي على بكتيريا وخلايا مناعية تعمل كخط إمداد بجنود جدد للمحافظة على سلامة القناة الهضمية، إضافة إلى الطحال وجندي آخر قد تستغرب من دعمه لجهازك المناعي، 20 دقيقة فقط من الضحك في اليوم كفيلة بتحسين جهازك المناعي ضد الأمراض. وأكثر ما يمنع جهاز المناعة من التطور خصوصا بالنسبة إلى الأطفال الصغار شدة النظافة ومنعهم من التعرض للميكروبات التي تعمل على تثقيف جهازهم المناعي مثلها في ذلك مثل اللقاحات.
في دراسة أجريت بداية العام الماضي توصل العلماء إلى أن نحو نصف العوامل الممرضة على كوكبنا المتخصصة تصيب نوعا واحدا فقط من الكائنات "المضيف" أما غير المتخصصة فتصيب أكثر من نوع، وهنا يحدث انتقال الأمراض من الحيوانات والطيور إلى البشر والعكس، وهذا ما يزيد شراسة الحرب بيننا وبين العوامل الممرضة "بكتيريا وفيروسات" ويجعلنا نطور من أدواتنا وعلاجاتنا لمواجهة تلك القوى الخفية.
إنشرها