Author

«حياة السبهللة»

|
كثيرا ما نسمع جملة "فلان عايش حياته سبهللة"، وقد يظن البعض أنها كلمة عامية وهذا غير صحيح إذ إنها كلمة فصيحة لها أصل في لسان العرب ولها عدة معان، فيقال جاء سبهللا أي لا شيء معه، ويقال جاء فلان سبهللا أي ضالا لا يدري أين يتوجه، وفي الأثر "لا يجيئن أحدكم يوم القيامة سبهللا" أي فارغا ليس معه من عمل الآخرة شيء. ومما يروى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قوله، "إني لأكره أن أرى أحدكم سبهللا لا في عمل دنيا ولا في عمل آخرة)، يقول الشاعر
إذا الجار لم يعلم مجيرا يجيره
فصار حريبا في الديار سبهللا
قطعنا له من عفوة المال عيشة
فأثرى فلا يبغي سوانا محولا
ومما يؤسف له أن ترى بعض الشباب من الجنسين بل حتى بعض كبار السن يعيشون حياة السبهللة أي يعيشون دون أهداف واضحة وإنما جل اهتمامهم هو تصريف حياتهم كيفما اتفق دون رؤية لمستقبل أيامهم، بل قد تسمع من بعضهم المقولة التعيسة "نريد أن نقتل الوقت" وهم بهذا يغفلون عن أن الوقت هو الحياة فهم لا يعيرون اهتماما بالانضباط في العمل ولا في أي منحى من مناحي الحياة المختلفة، وليتهم استمعوا لقول الشاعر

ولو أن عينا ساعدت لتوكفت
سحائبها بالدمع ديما وهطلا
ولكنها عن قسوة القلب قحطها
فيا ضيعة الأعمار تمشي سبهللا
بل إن بعضهم يتطلع إلى أن يكون في المقدمة وفي أول الركب وهو يعيش سبهللا لم يقدم ما يشفع له بذلك،
تسألني أم الوليد جملا
يمشي رويدا ويأتي أولا
وقد تمتد ظاهرة السبهللة لتتجاوز الأفراد فتشمل التسيب والإهمال في الأعمال الوظيفية ولا شك أن هذه سبهللة عامة قد تكون خطورتها أشد من خطورة السبهللة الخاصة المرتبطة بالأفراد. صحيح أن ضغوط الحياة وهمومها كثيرة وقد يتصور البعض أنه سيتخلص منها حين يعيش حياة السبهللة ولكن هذا غير صحيح البتة. وكلنا أمل أن تنحسر هذه الظاهرة في أقرب وقت حتى لا نضطر إلى المطالبة بإنشاء جهة أو هيئة رسمية لمكافحة السبهللة!
إنشرها