default Author

بايكا

|
مرض أو اضطراب غريب يعاني أصحابه بصمت نظرا إلى غرابة الأشياء التي يعشقون تناولها فهي ليست وجبات غريبة أو طعمها غير مستساغ، وإنما أشياء لا تؤكل في الأصل مثل الورق، التراب، الرماد، النشا، الكبريت، الكرتون، الشعر، مساحيق الغسيل، الطباشير، الصابون، وغيرها. لذلك من الصعب معرفة مدى انتشاره ولكنه موجود وبكثرة بحيث أشارت إحدى الدراسات إلى أن أكثر من 50 في المائة من الأطفال حول العالم يعانونه وتقل هذه النسبة لتصل إلى 10 في المائة لدى الأطفال الأكبر من 12 عاما. وهذه الشهوة الغريبة ليست مقتصرة على الحوامل كما كنا نعتقد.
وأكثر مادة تفضيلا لدى المصابين بالبايكا - المشتق اسمه من الاسم اليوناني “بايكاف” أو طائر العقعق المشهور بأكل كل شيء تقريبا - هي التراب أو الطين، وتشير الدراسات والتقارير الأكاديمية إلى أن عادة أكل التراب أو الجويوفيجيا بالذات ممارسة قديمة وشائعة في المناطق الريفية ومجتمعات ما قبل الصناعة، وورد ذكر عادة أكل التراب أول مرة قبل الميلاد في كتاب أبقراط، كما لاحظ الكاتب والمؤرخ الروماني بلينيوس الأكبر أكل البشر للتربة في جزيرة ليمنوس اليونانية، واستمروا في أكله حتى القرن الـ 14.
كما لاحظ المستكشفون الأوائل استخدام أكل التراب بين الأمريكيين الأصليين، وفي إفريقيا، كتب ليفينجستون عن العبيد الذين تناولوا الطين في زنجبار، ويعتقد أنهم نقلوا ممارسات أكل الطين معهم عبر المحيط عندما كانوا جزءا من تجارة الرقيق ولقبوا بـ”أكلة الطمي” ولعلهم أكلوه من جوعهم واضطهادهم من قبل من حرموهم حريتهم.
وفي أوائل القرن الـ20 كان أكل التراب شائعا بين البيض الفقراء في جنوب شرق الولايات المتحدة. كما يباع الطين المطبوخ في مخازن الأغذية هناك. وفي نيومكسيكو يؤكل التراب كطقس ديني عند ضريح لورد أوف أمريكا ويطعم للزوار بالملعقة للاستشفاء.
وفي بعض دول إفريقيا اليوم يتناولون الكولين “نوع من أنواع التربة” من أجل المتعة أو لسد حاجة الجوع، ويباع في الأسواق بعد أن “ينكه ويطعم بالتوابل” مثل الفلفل الأسود والهيل. وفي هاييتي يتناولون البسكويت المصنوع من التراب والملح والسمن النباتي، لشدة فقرهم.
ورغم استخدام بعض أنواع التربة والطين في صناعة الأدوية خصوصا للمساعدة على الهضم ومكافحة الإسهال مثل البنتونيب والكولين والأتابلوجيت واعتقاد البعض أنه يعوض الأملاح المعدنية في الجسم ويزيد الخصوبة للرجال ومسهل للولادة لدى النساء إلا أن تناول الطين والتراب قد ينطوي على مشكلات صحية وأمراض عديدة نحن في غنى عنها.
إنشرها