FINANCIAL TIMES

الحياة في 2025 .. كيف سيبدو المستقبل؟

الحياة في 2025 .. كيف سيبدو المستقبل؟

روبوت رسام يستخدم كاميرا داخلية وذراع ميكانيكية تم تطويرها في جامعة ليدز البريطانية

في 2025 سيكون عالم العمل أكثر مرونة وشمولية لبعض منا، وأكثر وحشية وتفتتا إلى وحدات صغيرة وغير آمن لآخرين.
المهنيون المهرة الذين استقروا بالفعل في سوق العمل عندما ضربت أزمة كوفيد - 19 سيستمتعون بثمار العمل "الهجين" بحلول 2025. سيعمل كثير منهم يوما أو يومين في المنزل. نظرا لأن الحضور لم يعد شرطا أساسيا للتقدم الوظيفي، ستجد النساء المحترفات من الأسهل الحفاظ على حياتهن المهنية على المسار الصحيح عندما يكون لديهن أطفال.
سيبدأ عدم التوازن بين الجنسين في الشركات في التحسن. تطبيع العمل عن بعد سيوفر فرصا للموهوبين في الدول النامية للعمل لدى الشركات في العالم الغني.
لكن من دون إجراءات قوية في السياسة الاقتصادية، عالم العمل في 2025 سيكون أسوأ بالنسبة لكثيرين آخرين. ستؤدي معدلات البطالة المرتفعة في الأعوام التي تلي الوباء إلى تآكل القدرة التفاوضية الضعيفة أصلا للعاملين الشباب وذوي المهارات المنخفضة. ستحتفظ الشركات بمجموعة أساسية من الموظفين الذين يحظون بمعاملة جيدة، لكن التعيينات الجديدة في وظائف ذوي الياقات الزرقاء والياقات البيضاء ستكون بشكل متزايد على أساس عقود مؤقتة أو مستقلة.
بالنسبة للشباب ستكون نوبات البطالة شائعة. سيصبح من الصعب العثور على أرباب عمل على استعداد لتزويدهم بالتدريب أو التقدم أو المعاشات التقاعدية. بحلول 2025، سيكونون غاضبين للغاية.

تحولات يابانية

الوصول إلى المكتب كل صباح في ساعة محددة لقضاء الوقت ومشاركة المساحة مع الرؤساء والزملاء – طريقة عمل كان ينظر إليها على أنها ثابتة – انقلبت بسبب فيروس كورونا الجديد.
الآن، العمل من المنزل هو الاتجاه العالمي. وتحديدا في اليابان، أصبح الوباء بشكل غير متوقع قوة دافعة وراء انهيار التوظيف التقليدي على الطراز الياباني.
أعلنت مجموعة كيرين اليابانية في تشرين الثاني (أكتوبر) أنها ستتوقف عن دفع بدلات تصاريح السفر لنحو أربعة آلاف موظف في شركات المجموعة الأربع. عوضا عن ذلك، ستدفع بدل عمل عن بعد ثلاث آلاف ين (29 دولارا) شهريا. ستتحول الشركة إلى نظام قائم على العمل عن بعد، باستثناء الموظفين الذين يصعب عليهم العمل عن بعد، مثل الذين يعملون في المصانع والمرافق اللوجستية.
كافحت شركة كيرين لإلهام إبداع الموظفين على مدار الأعوام القليلة الماضية، لكن العمل عن بعد – الذي اضطرت لتقديمه بسبب كوفيد - 19 – منح الشركة بعض الأفكار الجديدة.
تقول الشركة: "أدى العمل عن بعد إلى رفع معنويات الموظفين لأنهم يستطيعون العمل وفقا لتقديرهم الخاص". كما دفعها الوباء إلى تعزيز إصلاحات العمل على مستوى المجموعة، بما في ذلك رفع الحظر عن الوظائف الجانبية.
يتركز الاهتمام الآن على التوظيف الذي يركز على المهام، وهو أمر شائع في أوروبا والولايات المتحدة. تقول كبرى الشركات اليابانية، بما في ذلك هيتاشي وفوجيتسو وشيسيدو وسومبو اليابان، إنها ستدخله في أعمالها.
يتعين على الشركات أن تحدد للموظفين مسؤوليات وأهداف ومهارات مطلوبة لتحقيق الأهداف. التوظيف الذي يركز على المهام يتناسب بشكل طبيعي مع العمل عن بعد، لأن ما يجب القيام به واضح بغض النظر عن مكان وزمان أداء الموظفين لوظائفهم. يمكن للشركات أيضا تحسين الإنتاجية من خلال تعيين الأشخاص المناسبين في العمل المناسب وفقا لمهارات الموظفين.
لطالما اعتمدت الشركات اليابانية أنظمة الأجور والتوظيف مدى الحياة على أساس الأقدمية. في المقابل، كان من المتوقع أن يعمل الموظفون ساعات طويلة أو في عطلات نهاية الأسبوع ويقبلون عمليات النقل الوظيفي أو نقل مكان العمل. ترسخ العمل على الطريقة اليابانية خلال فترة النمو الاقتصادي السريع للبلاد منذ عقود، عندما احتاجت الشركات إلى تخصيص العمالة بكفاءة لقطاعات النمو.
لكن الوضع الاقتصادي تغير، ولم تعد الفرضية الأولية قائمة. مع ذلك، لم تطور الشركات اليابانية أسلوب عملها التقليدي، على الرغم من أنها كانت تعلم أنه يفتقر إلى الكفاءة. لكن حالة الطوارئ التي أثارها الوباء دفعت الشركات أخيرا إلى التغيير.
اليابان الآن عند مفترق طرق كبير في الوقت الذي ينخفض فيه عدد سكانها. هذا العام، يقدر عدد سكان البلاد الذين تراوح أعمارهم بين 15 و 64 عاما بنحو 74 مليون نسمة. لكن من المتوقع أن ينخفض هذا العدد السكاني 2.36 مليون بحلول 2025 وبواقع 8.98 مليون شخص في العقد الرابع من القرن الحالي. هذا يعني أن ما يعادل عدد سكان لندن سيختفي من اليابان في غضون عشرة أعوام.
حتى اليوم، تحتل اليابان المرتبة الأدنى بين الدول المتقدمة من حيث الإنتاجية. لكي تظل الشركات قادرة على المنافسة، يجب أن تصبح مؤسسات منتجة وقادرة على الابتكار حتى مع وجود عدد قليل من الموظفين.
ستكون الأعوا الخمسة المقبلة مهمة للشركات اليابانية لتجربة حلول جديدة وإرساء الأساس للتحول من أجل منع تدهور الاقتصاد.

التمويل والتكنولوجيا

الأسواق ترتفع وتنخفض. وكذلك الحال بالنسبة لحظوظ الشركات المالية. لكن إليكم أحد التوقعات: بحلول 2025، سيعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل التمويل العالمي، ما يؤدي إلى اندلاع معركة تنافسية بين الشركات والمناطق التي تريد السيطرة على هذا المجال الجديد.
من شبه المؤكد أن الصين ستلعب دورا رائدا. فقد اتخذت كيانات مثل آنت فاينانشيال منذ الآن زمام المبادرة في وقت مبكر في التمويل المدعوم بالذكاء الاصطناعي، بمساعدة حجم قواعد البيانات في البلاد.
لكن البنوك اليابانية والأمريكية ستتسابق للحاق بالركب بحلول 2025. ومن المرجح أن تفكر مؤسسات مثل أمازون في الدخول في التمويل المدعوم بالذكاء الاصطناعي أيضا. قد تدور أكبر معركة تنافسية بين مجموعات التمويل والتكنولوجيا، بدلا من أن تكون فقط بين البنوك.
يعتمد الفائز على عامل آخر: ما سيفعله المنظمون. بحلول 2025، سيتم فحص الصناديق السوداء للذكاء الاصطناعي بمزيد من اليقظة، وربما الإحساس بالخطر. من الناحية النظرية، يجب أن يقدم هذا العالم الجديد فوائد: زيادة الكفاءة، والسرعة، والتخصيص، وتكاليف أقل لرأس المال. في الممارسة العملية، قد يؤدي أيضا إلى زيادة تركيز الصناعة، وتضمين التحيزات الاجتماعية – والأكثر إثارة للقلق – إنشاء حلقات تغذية راجعة سوف يعاني المنظمون من أجل الرقابة عليها في ضوء الخوارزميات المبهمة.
بحلول 2025 قد تكون مخاوف الجهات التنظيمية المتزايدة بشأن غموض الذكاء الاصطناعي والمخاطر المصاحبة له مصدر الصدمة المالية التالية.

وحيدات القرن

إذا كانت الأزمة هي أم الاختراع، فهل يمكن أن يؤدي كوفيد - 19 إلى ظهور عمالقة التكنولوجيا الذين سيقررون القدرة التنافسية المستقبلية لبدولتهم؟
في الفترة من تموز (يوليو) إلى أيلول (سبتمبر) قفز عدد الشركات الأمريكية الجديدة 77 في المائة إلى 1.57 مليون، مقارنة بالربع السابق، ذلك مع بدء الأفراد المتضررين من الوباء في تأسيس شركاتهم الخاصة. بعد خمسة أعوام من الآن، قد يصبح بعض هذه الشركات من فئة وحيدات القرن – شركات بتقييمات لا تقل عن مليار دولار – ويتم طرحها للاكتتاب العام.
وفقا لشركة سي بي إنسايت للأبحاث، في تشرين الثاني (نوفمبر) احتلت الولايات المتحدة المرتبة الأولى في عدد وحيدات القرن برصيد 242، تليها الصين بـ119، والمملكة المتحدة والهند 24 لكل منهما. في غضون ذلك، كان لدى اليابان أربع وحيدات قرن، ما يشير إلى شيخوخة الاقتصاد.
لكن من المتوقع أيضا أن تتفوق على الولايات المتحدة في عدد شركاتها المدرجة. خلال ربع القرن الماضي انخفض عدد الشركات المدرجة في الولايات المتحدة إلى النصف بعد أن بلغ ذروته عند ثمانية آلاف شركة في 1996.
السؤال الذي يواجه اليابان التي زاد عدد شركاتها المدرجة من ثلاثة آلاف إلى 3800، هو ما إذا كان بإمكانها القضاء على شركات الزومبي.
هذا أمر محرج لليابان، حيث لا يزال الضغط من أجل إصلاح الشركات ضعيفا: حتى الشركات ذات إمكانات النمو المنخفضة تمكنت من البقاء، ما أدى إلى المزيد من الشركات المدرجة.
نصف الأسهم اليابانية لديها نسب السعر إلى القيمة الدفترية أقل من واحد – ضعف نظيراتها في الولايات المتحدة. أداء الأسهم اليابانية ضعيف، حتى في ارتفاعات الأسهم العالمية لأن عالم الشركات اليابانية فشل في الترويج لتجديد الشركات.
لن تصبح اليابان مركزا ماليا عالميا إلا إذا زاد عدد الشركات "القوية" فيها. وبعد ذلك ستحول الأسر اليابانية الأصول المالية البالغة 1800 تريليون ين من المدخرات إلى الاستثمارات، ما يدفع المؤسسات المالية العالمية إلى التدفق على اليابان. من المحتمل أن نبدأ في رؤية النتائج قبل 2025.

ثورة الطاقة

على مدى أكثر من 100 عام اتسم قطاع النفط بالطفرة والانهيار: الأسعار المنخفضة تؤدي في النهاية إلى ارتفاع الأسعار في الوقت الذي يلحق فيه نقص الاستثمار وزيادة الاستهلاك بالصناعة. مع انخفاض سعر النفط الخام إلى نحو 40 دولارا للبرميل في 2020، أي أقل من نصف المستوى الذي كان عليه قبل ستة أعوام، يبدو من الطبيعي المراهنة على أن أسعار النفط سترتفع بشكل كبير بحلول 2025 مع تحول الدورة.
لكن هذا لم يعد مؤكدا. نظام الطاقة العالمي على أعتاب تحول يحدث مرة كل قرن. من المتوقع أن تؤدي الأهداف الحكومية الطموحة لخفض الانبعاثات والتبني المتزايد للسيارات الكهربائية إلى ذروة في الطلب على النفط، ربما في غضون عشرة أعوام . بالنسبة لصناعة معتادة على النمو الدائم، هذا أمر مقلق للغاية.
ثورة الطاقة مقبلة علينا. التحول إلى مجتمع منزوع الكربون لا يؤدي فقط إلى إحداث تغيير في هيكل العرض والطلب على الطاقة، ولكن أيضا في السياسة الدولية والأعمال. سيكون للأعوام الخمسة المقبلة دور كبير في تحديد من سيقود تلك الثورة.
إضافة إلى الاتحاد الأوروبي واليابان، تعهد الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن بضمان أن تصل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري إلى الصفر الصافي في موعد أقصاه 2050. وحددت الصين، أكبر مصدر لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري، هدفا يتمثل في خفض الانبعاثات إلى الصفر بحلول 2060.
سيتطلب تحقيق هذه الأهداف ابتكارات تكنولوجية جذرية وتحولا في الهياكل الاقتصادية والاجتماعية. وفقا لوكالة الطاقة الدولية، يجب أن ينمو إجمالي مبيعات السيارات الكهربائية 20 ضعفا وأن يتضاعف المعروض من الهيدروجين 100 ضعف بحلول نهاية 2030.
تشير تقديرات إلى أن التحول المطلوب إلى نظام طاقة يركز على الطاقة المتجددة يتطلب استثمارات يبلغ مجموعها 1.6 تريليون دولار أو 166 تريليون ين، أي أربعة أضعاف المستويات الحالية.
في المجتمع الخالي من الكربون، ستتمتع البلدان والشركات التي تتحكم في التكنولوجيات التي تتيح مثل هذا التحول بالميزة التنافسية. إذا كان القرن الـ20 هو عصر النفط الذي قادته الولايات المتحدة، فإن الصين في القرن الـ21 هي التي ستتحدى الولايات المتحدة.
من المقرر أن تستحوذ الصين على حصة مهيمنة في السوق العالمية للتكنولوجيات والمنتجات التي تدعم تدابير مكافحة تغير المناخ – مثل الألواح الشمسية وتوربينات الرياح والمركبات الكهربائية والبطاريات المستخدمة فيها – بسبب برامج الصين للترويج لإدخال الطاقة المتجددة وتعزيز الصناعات ذات الصلة.
رواسب كبيرة من معادن الأرض النادرة، التي هي ضرورية لتصنيع قطع المغناطيس لمحركات السيارات الكهربائية وتوربينات الرياح، توجد في الصين. الطاقة الآن هي خط المواجهة في الاحتكاك بين الولايات المتحدة والصين حيث تتنافسان على الهيمنة التكنولوجية.
كيف ستؤمن الدول بشكل موثوق التكنولوجيات والمواد الأساسية الضرورية لتحقيق مجتمع خال من الكربون؟ سيصبح أمن الموارد الذي يحركه تحول الطاقة تحديا مهما للجهود المبذولة للحفاظ على النمو.

التسوق الإلكتروني

قبل كوفيد - 19 كان البيع بالتجزئة يتجه نحو عالم يشتري فيه الناس كميات أقل في المتاجر وأكثر عبر الإنترنت، ويتسوقون بشكل أكثر أخلاقية. بحلول 2025 لن تكون هذه الاتجاهات قد تغيرت لكن الوتيرة ستكون أسرع.
المستهلكون الذين أجبروا على الطلب عبر الإنترنت، أو تسلم الأغراض دون دخول المتاجر، تعلموا درسا. سيكون الشراء عن بعد أسهل وأكثر ملاءمة بحلول 2025، ومن المرجح أن تنمو الحصة العالمية للتجارة الإلكترونية إلى نحو الربع مقارنة بنحو 14 ـ 16 في المائة هذا العام.
متجر الخصم المليء بالسلع الرخيصة، مثل دون كيخوته في اليابان ووولمارت في الولايات المتحدة، سيتعرض لضغوط: بدلا من الازدحام في مساحة مادية صغيرة، سيتصفح المستهلكون الإنترنت. سيوفرون نزهاتهم لرحلات أقل وأكثر استرخاء.
الجيل Z (مواليد ما بعد جيل الألفية) الذي يمقت الهدر، ويريد شراء كميات أقل ويبادل الملابس عبر الإنترنت، سيكون قد بلغ سن الرشد. وفي الوقت الذي يتم فيه ذلك، يجب أن تتباطأ الموضة السريعة وتوفر قيمة أكبر، ليس فقط من الناحية المالية ولكن من الناحية البيئية وما تفعله لكوكب الأرض. سيكون مستهلكو 2025 دقيقون في اختياراتهم.

الأصول غير الملموسة

بدأت الشركات الكبرى في جميع أنحاء العالم في التركيز على الأصول غير الملموسة مثل براءات الاختراع والعلامات التجارية والبرمجيات باعتبارها مصادر الربح الجديدة.
ألق نظرة على شركة سوني في اليابان. على مدى الأعوام الخمسة الماضية، ضغطت الشركة على المرافق والمصانع والأصول المماثلة بدرجة كبيرة لدرجة أن نسبة إيرادات الأصول الملموسة إلى غير الملموسة بلغت 1: 1 في آذار (مارس) ـ نهاية العام المالي للشركة.
لكن الأصول غير الملموسة – الألعاب والموسيقى والأفلام – شكلت أكثر من نصف أرباح التشغيل، في إشارة إلى أن سوني قد تنأى بنفسها عن الأجهزة خلال الأعوام الخمسة المقبلة.
التحول الاستراتيجي من الملموسات يهدف جزئيا إلى تجنب المنافسة المباشرة مع الصين وكوريا الجنوبية، اللتين تتمتعان ببنية تحتية صناعية مماثلة. لكن الأهم من ذلك هو الموجة الرقمية التي تجتاح كثيرا من القطاعات وتؤدي إلى إدارة جديدة تسعى لتحقيق قيمة الشركة من خلال زيادة العوائد نسبة إلى النطاق – وهو اتجاه نشهده عالميا.
الشركات الأمريكية العملاقة الأربع في مجال تكنولوجيا المعلومات المعروفة مجتمعة باسم فانجز – فيسبوك وأبل وأمازون وجوجل (وكذلك نتفليكس) – هي القوى الدافعة. وهي تعتمد على الملكية الفكرية والبرمجيات، وليس الأجهزة.
لكن في اليابان، لا يزال الاستثمار في الأصول الملموسة مهيمنا، ويرجع ذلك جزئيا إلى صناعة السيارات. مثلا، تضخ باناسونيك الأموال في بطاريات المركبات الكهربائية، مع نسبة بين الملموسة وغير الملموسة عند 3 إلى 1.
في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، أصبح الاستثمار في الأصول الملموسة وغير الملموسة متساويا تقريبا، وتتحرك الصين والهند في الاتجاه نفسه.
في اليابان، يحدث التحول نفسه أيضا، وإن كان بشكل تدريجي، مدفوعا بشكل أساسي بعاملين. الأول هو كهربة المركبات. المركبات الكهربائية متوافقة للغاية مع تكنولوجيا وبرامج الإنترنت. نظرا لتكاثرها بما يتماشى مع اللوائح البيئية الأكثر صرامة في جميع أنحاء العالم، فإن رقمنة صناعة السيارات والاستثمار في البرامج سوف تتسارع أيضا.
التقدم السريع لشركة تسلا مثال على ذلك: حظيت شركة صناعة المركبات الكهربائية بالاهتمام بسبب تكنولوجيتها التي تعزز أداء المركبة من خلال البرامج بدلا من الأجهزة. في غضون ذلك، كشفت تويوتا عن هدف إدارة "البرامج أولا".
العامل الثاني هو انتشار تكنولوجيا "التوأم الرقمي". الفكرة هي بناء نسخ رقمية طبق الأصل من السيارات والبنية التحتية في الفضاء الافتراضي، حيث يمكن تحقيق كثير من الأنشطة الاقتصادية مثل معالجة البيانات الضخمة وتطوير المنتجات.
في خطوة غير متوقعة على ما يبدو، عمد عملاقا التكنولوجيا الأمريكيان أمازون وجوجل إلى زيادة أصولهما الملموسة، بما في ذلك الاستحواذ على شركات الخدمات اللوجستية. لكن هذه الخطوة على الأرجح هي التي ستسمح لهما بدمج العالم الحقيقي في الفضاء الافتراضي عبر "التوائم".
عصر الأصول غير الملموسة يبدأ الآن.

التحول الرقمي

أعطى الوباء الخدمات الرقمية دفعة كبيرة تبين أنها دائمة. لكن المفاجأة في 2025 ستكون النطاق الأوسع من "الأبطال" الرقميين الناشئين، ما يؤدي إلى إضعاف بعض قوة شركات التكنولوجيا الكبرى.
أدت تحركات أمازون وجوجل إلى ابتكار أعمال الحوسبة السحابية الخاصة بهما إلى ظهور جيل جديد من شركات تكنولوجيا المؤسسات. كانت زووم واحدة من القلائل التي استفادت من الطلب القوي أثناء الوباء لتصبح منصة أوسع للتواصل والتعاون.
في الإنترنت الاستهلاكي، بمجرد أن تمنع الجهات التنظيمية حفنة من العمالقة من شراء أو قتل المنافسين الناشئين، يتبين أن مجال الوافدين الجدد أكبر من ذي قبل. جيل من المستخدمين الذين نشأوا على الخدمات الرقمية كان متعطشا لتجارب جديدة – سواء كان ذلك يعني وجود مجتمعات محلية داخل عوالم الألعاب، أو مجموعة واسعة من تطبيقات الاتصالات لتكون دلالة على جوانب مختلفة من حياتهم. تسربت أفضل المواهب الهندسية من الشركات العملاقة، ما عمل على تغذية هذا التحول.
يمكننا أن نتطلع إلى عالم رقمي أكثر تنوعا بحلول 2025. لكن لا تزال ديناميكية "الفائز يحصل على أكبر قدر" في معظم الأسواق قائمة: كل فئة جديدة من النشاط عبر الإنترنت أنتجت بطلا واحدا أو اثنين فقط في الماضي، واحتكار القلة الناشئ من القوى الرقمية آخذ في التشكل الآن.

الذكاء الاصطناعي

ماسايوشي سون، الرئيس التنفيذي ورئيس مجلس إدارة سوفت بانك، الذي انتقل من الاستثمار في أجهزة الكمبيوتر الشخصية إلى الإنترنت ثم إلى قطاع الهاتف المحمول، يقول الآن إن الشركة "أصبحت شركة تستثمر في ثورة الذكاء الاصطناعي".
بعد تعرضه لخسارة كبيرة بسبب استثماره في وي ويرك عندما أدى التقييم المفرط للشركة إلى نتائج عكسية، استمر سون في ضخ الأموال في المجالات التي يتوقع أن يلعب فيها الذكاء الاصطناعي دورا مهما، بما في ذلك التنقل والعقارات والرعاية الصحية.
تسمع الآن كلمة "عمودي" في كثير من الأحيان في إشارة إلى صناعة معينة. يقول سوندار بيتشاي، الرئيس التنفيذي لشركة جوجل، مثلا، إن أعمالها السحابية نمت بفضل استراتيجية التركيز على القطاعات بما في ذلك الخدمات المالية والتجزئة.
مع ذلك، بالنسبة لشركة تكنولوجيا المعلومات، اختراق الصناعات المختلفة ليس بهذه السهولة. قالت كارين ديسالفو، وهي مسؤولة سابقة في وزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكية انضمت إلى جوجل في أواخر 2019، إن الشركة يجب أن توظف موظفين على دراية جيدة بالسياسات واللوائح في تلك الصناعات: "الشركة تحتاج إلى جلب المواهب الطبية والسريرية (...) حتى نفعل الشيء الصحيح للمستهلك".
يعمل المنافسون، مثل أمازون ومايكروسوفت، بنشاط على توظيف أفراد لديهم معرفة بصناعات معينة. مر ما يقارب عقدا من الزمان منذ أن قال المستثمر الأمريكي مارك أندريسن إن "البرمجيات تلتهم العالم". نبوءته آخذة في التحقق الآن.
على حد تعبير سون، البرمجيات "حلت حتى الآن محل صناعة الإعلان التي تمثل 1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي". ولأن التغيير الجذري في الـ99 في المائة المتبقية قريب للغاية، لم تكن قيمة التوسع الرأسي للأعمال أعلى مما هي عليه الآن.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES