اقتصاد رقمي برؤية محفزة
أربعة أعوام مرت على تدشين رؤية المملكة 2030، تم إنجاز الكثير جدا رغم أن هذه الأعوام كانت للتهيئة والتكيف والتحول وقبول التغيير، ومع ذلك قطعنا شوطا كبيرا في تحقيق الحلم، والمملكة وكما أشار خادم الحرمين الشريفين في خطابه الملكي في مجلس الشورى بأننا الآن في مرحلة تسريع التنفيذ. وإذا كانت رؤية المملكة 2030 هي في جوهرها رؤية اقتصادية تنقل السعودية إلى مصاف الدول المتقدمة، وتفعل مصادر جديدة للدخل وتنويع الاقتصاد، فإن الاقتصاد الرقمي كان في مركز اهتمام صناع القرار الاقتصادي وفي مقدمتهم ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي في الأغلب ما يتحدث بلغة الاقتصاد الرقمي، والذكاء الاصطناعي، ويشجع التحولات التي ترتكز على هذه المفاهيم. ولا يزال الجميع يتذكر مقارنته بين الهاتف المحمول القديم والحديث وكيف للاقتصاد الرقمي أن ينقل العالم إلى مستويات جديدة من الرفاهية وإنتاج القيمة. الاقتصاد الرقمي هو ميدان المنافسة العالمية اليوم، والصراع التجاري بين الشركات الرقمية العالمية يؤكد هذا، كما أثبتت الجائحة أن الشركات التي حققت الأرباح والنمو رغم الكساد كانت شركات الرقمنة ورائدة الاقتصاد الرقمي. وفي عالم أصبح يتنافس في السيارات ذاتية الحركة، وشبكات الجيلين الخامس والسادس وإنترنت الأشياء، فإن الدول التي لم تبدأ العمل بعد لن تلحق بالركب في العقد المقبل، وسيكون الفقر الأممي هو فقر التقنية، والجفاف هو جفافها، والجوع سيكون بسبب ذلك. ولهذا السبب مباشرة فقد شددت قمة العشرين على هذا الموضوع وعقد وزراء الاقتصاد الرقمي في مجموعة العشرين اجتماعا وزاريا برئاسة السعودية أكدوا فيه على الاقتصاد الرقمي وأنه يحتاج إلى صنع سياسات تركز على الإنسان وتستند إلى البيانات والأدلة، وسياسات تضمن التنافسية وتولد فرص العمل عالية الجودة، وتعزز الخدمات، وأن تعمل هذه السياسات على دعم الاتصال الشبكي العالمي الآمن وميسور التكلفة، وتوفير الأجهزة ميسورة التكلفة، بما يمكن من سد الفجوة الرقمية. واليوم تتصدر السعودية المشهد العالمي مرة أخرى مع صدور سياسة الاقتصاد الرقمي التي أقرها مجلس الوزراء في جلسته هذا الأسبوع. لا شك أن صدور هذه السياسة يعزز المكانة الاقتصادية للمملكة ويحدد لها المسار الذي سيتحرك فيه الاقتصاد في العقد المقبل، ولا شك أن تاريخ صدور هذه السياسة له دلائل مهمة، فمنها أنه يأتي بعد تأكيد قمة العشرين أهمية الاقتصاد الرقمي وسد الفجوات الرقمية في العالم. كما أنها تأتي مع بداية العقد الميلادي الجديد، وهو الأمر الذي يبعث رسالة جادة حول تحقيق مستهدفات الرؤية مع نهاية هذا العقد بحول الله، خاصة أن الرؤية حققت الكثير في مسيرتها. فمن ذلك ما تم بشأن زيادة سعة شبكة الألياف الضوئية وتغطية 700 ألف منزل في جميع مناطق المملكة خلال عام 2018، بزيادة قدرها أكثر من 300 في المائة عن عام 2017، وهي قفزة تاريخية واضحة الدلالة، كما تم إطلاق عديد من المنصات الرقمية الحكومية مثل اعتماد وناجز وتطوير منظومة أبشر والنفاذ الوطني، وهذا في مجمله يؤكد أننا قطعنا كثيرا من الخطوات في الاقتصاد الرقمي. ولهذا فإن السياسة الاقتصادية في هذا الوقت أصبحت مهمة لتعزيز الإنجازات وقيادة التحول المنشود، وتتألف سياسة الاقتصاد الرقمي السعودية من سبعة مبادئ، تتوزع بين البنية الرقمية وتعظيم دور البيانات والمنصات الرقمية الحكومية، وكذلك دعم تطبيقات التقنيات وهذا يتطلب أمرين معا وهما البيئة الاستثمارية الجاذبة، وتمكين تطبيقات التجارة الإلكترونية، وهذا مرتبط بتشجيع الابتكار وهي السياسة التي تدعم التدريب وتأهيل الكوادر الوطنية لوظائف المستقبل، وكلاهما سيسهم في نشر الثقافة الرقمية، ما يعزز فرص تأمين بيئة رقمية آمنة وموثوقة عبر تطوير الأنظمة واللوائح وتعزيز الأمن السيبراني.